بينمـا يســعى العراقيون الى طي صــفحات الماضي المؤلمة وبناء العراق الجديد، العراق الديمقراطي المؤتلف بطوائفه وقومياته وكل نسيجه الذي نفتخر به، لاتجري هذه العملية بالسهولة .
فرموز النظام البائـد، من رجال الامن والمخابرات والقتلة الذين احترفوا هذه المهنة لسنين طوال وكل المنتفعين من عطايا " ابن العوجـة" وصـفوة الارهابيين الذين استقدمهم صدام المهزوم بأسـم " المتطوعين العرب " ناهيك عن الانظمة المنخورة التي تجاور العراق، تعمل عملتها السيئة في عرقلة نهوض المارد العراقـي والامعان في خلق الصعوبات امام هذه الولادة التي يراد لها ان تكون مســتحيلة ناهيك ان تكون صعبة .
ووجد هؤلاء و "تحت شعارات غوغائية قومية ودينية مزيفة " في وجود القوات الامريكيـة والفراغ الامني الداخلي، حجـجـا للقيام بالعديد من العمليات العســكرية والتخريبية التي كانت وما تزال تهدد امن المواطن العادي وتســتهدف البنى التحتية الاساسية مثل الماء والكهرباء والطرق والمسـتشفيات، قافـزين بذلك على كل القـوى العراقية وعلى العملية السـياسية برمتها ليطرحوا بالقوة بديلهــم الذي يلقى اذنا صـاغية ودعما لوجستيا واعلاميا من دول محيطة بالعراق باتت معروفة للمهتم بالشأن العراقي

وبعد الفشـل العسكري الذي منيت به هذه الفلول ، صارت تضرب الاهالي ومؤسـسـات الدولة الرئيسـية وخاصة مؤسـسات الشرطة المحلية المعنية بأمن المواطن ومكافحة الجريمة، لكن بـرزت في الاونة الاخيرة ظاهرة ملفتة للنظر وهي خطـف الرهائن المدنيين الابرياء، والذين في معظمهم عمالا او سـائقي شـاحنات وجدوا في العراق فرصـة للعمل وكســب المال لاعانة عوائلهـم بعد ان قطعوا آلاف الاميال لذلك .
تتقاطـع الصـور والمشـاهد المخجـلة لعصابات ملثمة، تحـمل السـلاح ، رافعين لافتات تشـير الى اقوال من القرآن الكريم او الدين الاسـلامي الحنيف . والملفـت للنظـر انهـم ورغم حملهم للسـلاح فأن طريقة قتلهم للرهائـن تجـري بأبشـع اسـلوب، الذبح! وهم لا يتوانوا عن تســجيلها في اشــرطة الفديو (( بالضبط )) كما كان يفعل القتلة البعثيين تجاه معارضيهم ولا بأس طالما ان هناك فضـائيات عربية مســتعدة لعرض هذه الافـلام المرعبة، لا لشــئ الا لكي يمعنوا في تعقيد الوضع العراقي وتفتيت امنه وعزله عن العالم اولا، ولايجاد منفذ للقتلة كـي ينشــروا رســالتهـــــم " الانســانية " وان يتعلم القتلة الآخـرون، عبر قنوات الملثمين دروســا اضافية في الارهاب .

المشهد الدرامي صار يدخل كل بيت ،فـفي الليل تبث الفضائيات شريط فديو ، في اليوم التالي، عوائل المخطوفين تندب وتبكي، في اليوم الثالث شـريط آخر وفي الرابع شريط آخر يصور الذبــح ... الـخ من هذه اللعبة الدنيئة التي اتفق كل اعداء العراق عليها . والمهزلة لا تقف هنا، فمع ترجــي عوائل المخطوفين والمعنيين بالامر، هناك تصـلب من الارهابيين ومحاولة فـرض اجندتهم وسياساتهم التي يحاولون اضـفاء " اللون القومي والديني " عليهـا وهـي بعيدة كل البعد عن اي هدف وطنـي يخدم العراق والعراقيين لا من بعيد ولا من قريب .

من هـم هؤلاء الملثمين ؟ ومن هـم قادتهم ؟ ولمـاذا يصـرون على تغطية وجوههـم ؟
ما هـي مشـاريعهم السياسية والوطنية للعراق والعراقيين ؟
ومن هـي القوى المحـركة والداعـمـة لهــم " داخلية كانت ام خارجية " ؟

ليـس صعبا على العراقيين الذين ابتلوا بدولة الارهاب لخمسـة و وثلاثين عاما من ان يقولوا لـك وبالحـرف الواحد "" انهـم شــلة من القـتلة والارهابيين الـذين قــدمـوا من الخــارج وتوافقـت مصالحهم مــع ايتام البعـث ليعبثـوا بالعراق واهله ""

هكــذا ، وهذه هــي الحقيقة الســاطعة .
الملفت للنظر ان هذه العصابات التي تقوم بهذه الاعمال المشــينة مستغـلة اســم " الاســلام" لـم تجد من معظــم المراجع الدينية العراقية من يردعــها او يــدينهــا على انــها تســتعمــل الاسلام ظلما وبهتانــا وانه في ابسط الاحوال تسـئ الى الاســلام والمســلمين ومثلهم
بقى ان اســـأل، فأن لم يدينوهــم،هــل هــم متفقــون معهـم اذا ؟؟
لا يكفـــي ان تقف المؤسـسات الدينية العراقية المســلمة على كثرتها في العراق، موقف المتفرج وكأن هذا الامـر لا يعنيها، اذ ان عمل هــذه العصـبات هو ببسـاطة اهانة للاســلام والمســلمين وللعراقــيين والعـرب جميعا . فمـاذا يعني اخذ رهينة مدني برئ ليس له علاقة بمجريات الوضع السياسي وتعقيداته في العراق، يقتادوه، ويعصبوا عينه ويقيدوه ويصوروه ويعرضون صوره للعالـم، ثـم يذبحوه ويصورون عملية الذبح ، اليســت هذه الهمجيــة بعينها، ام ان عيون البعض وعقولهم اصابها الصداء ونســت المسـميات ؟
رجــال الدين العراقيين، بكل الوانهـم ومشــاربهم وخـاصة المســلمين، مدعوون اليوم اكثـر من اي وقـت مضــى ان يكون لهـم موقفــا وطنيا واضـحا و مشــرفا وان يميطـوا اللـثام والاقـنعة عن هـؤلاء القتلة والمـجرمين وان يكفـروهم ويدينـوا علنــا اعمالهم الاجرامية، حتى ينكشفـوا على حقيقتهم وتنفضح نواياهم الدنيئـة تجـاه العراقيين .
هــم مدعـوون لان يـحولوا منــابر ايام الجــمع الى منابر للتلاحم الوطني والدفاع عن امن المواطن العراقي المنتهك من قبل القتلة .
لقد تحمل رجال الدين وزر المســؤولية في نشـر مبادئ الدين السـمحة بين الناس وهــم ايضا مسؤولون بالدفاع عن هــذه المثل امـام من يشــّوهـها ويســوّقـها لـمخططاتـه الســوداء
آمــل ان يرتفع رجال الدين ســوية مع ابناء الشــعب في فضح المجرمين الملثمين
ويقيني ان الشــاهد على الجريمة والذي لا يخـبر عنها هو شــيطان اخرس ولكم ان تعرفوا اين مقام الشــيطان !


[email protected]