سألني ابني ذو الخامسة عشر من العمر عن الفرق بين جيلنا وجيلهم. سردت له هذه الحكاية."عندما كنت في سنك رأيت وبطريق الخطأ ومن مسافة بعيدة جدك اطال الله في عمره وهو يحلق ذقنه في دورة المياه الخاصة به. أمضيت اكثر من يومين مرعوبًا مثل الفأر خوفي ان يكون قد لمحنى وأنا أشاهده. أما انت يا بني فقبل يومين دخلت علي بعد انتهائي من حلاقة ذقني بلا احم ولا دستور وتحسست خدي بأطراف اصابعك المليئة ببقايا الكاتشب قائلا بكل ثقة "يلعن أبو التنعيمة يا بابا، أيش هالحلاوة، ناوي تعرس الليلة والا أيش؟"

هذا هو الفرق يا بني. جيل مرعوب وجيل مفلوت.

هذا مثال واضح وكافي لمعرفة الفرق بين الجيلين ولكن بما أنها سيرة وانفتحت لنفتحها على الآخر ونرى.

لا أود الخوض في الفروقات الشخصية كالنظافة والعناية الجسمانية حرصًا على مشاعرأبناء جيلي. ولكن للإنصاف جيلكم يا بني يسرسب نظافة وأناقة وشياكة وتكتكة وعيني عليكم باردة ما يطلع الواحد من بيته إلا بعد مجهود واضح ومفضي نصف خزان الماء وقنينة العطر.

هذا هو الفرق يا بني. جيل بسيط (حلوه بسيط) وجيل يلق نظافة.

ولا اود ايضا الحديث عن الفروقات في المسائل المادية التي لم نعرف منها إلا نصف ريال يوم الجمعة وإذا عفطنا وجيهنا إحتجاجًا طار النصف وطار معاه الوجه. أما أنت، بما انك تمثل جيلك، فترسل لي رسالة بالجوال تطلب مني ان إقوم بتحويل مبلغ من المال لحسابك الشخصي (لاحظوا، ولد عمره خمسة عشر عاما وعنده حساب في البنك)!!!

هذا هو الفرق يا بني. جيل طايح حظ وجيل مو مقدر النعمة.

جيلنا، مثل أي جيل، له بعض الأمور الخاصة من أسرار ومعجبات وبنات جيران شوفتهم توسع الصدر. لكن الفرق ان غيرتنا عليهن آنذاك تعادل غيرتنا على أخواتنا. لم نكن نتعرض لهن في الرايحة والطالعة ويا ويل الغريب عن الحارة إذا تعرض لأي منهن تيمناً بالمثل الشعبي " دهنا في مكبتنا". لا أعرف ما يفعله جيلكم الآن لعدم معرفتنا بالجيران. ولكن من تصرفات الكثير منكم في المقاهي والمجمعات التجارية يمكنني القول انكم لم تتعلموا أصول التواصل مع الجنس الناعم. تركضون وتتقافزون خلف الرايحة والجاية كأنكم في سباق 110 متر حواجز.

هذا هو الفرق يا بني. جيل تربى على الأدب وجيل يحتاج شوية أدب.

أيامنا كانت فيها الكثير من الحميمية. حتى في ذهابنا لأداء الصلاة كنا نذهب الى المسجد على شكل جماعات قبل نهاية نداء الصلاة. كنا نستمتع أيما إستمتاع بعد أداء الصلاة في مناقشة الكثير من الأمور الدنيوية كالرياضة وأحوال الحارة وبناتها والمدرسة ( بإمكان القارئ حذف الكلمة الأخيرة). لا أحد يملي عليك شيء. تجيء وتذهب بكل يسر. أما في عهد جيلكم وللأسف أصبح التأخير في العودة من المسجد هاجس شرعي للكثيرين من اختطاف عقولكم من قبل بعض الشباب (ما غيرهم).

هذا هو الفرق يا بني، جيل تربى على السجية وجيل يتم غسل دماغه بأدوات تنظيف رديئه.

وأخيرا وليس آخرا، كنا نستخدم آذاننا الموجودة آنذاك على جانبي رؤوسنا للإستماع إلى أم كلثوم، فيروز، عبدالحليم، طلال مداح، محمد عبده وعبدالكريم عبدالقادر. أما في عهد جيلكم فيبدو أن آذانكم إنتقلت الى مكان آخر في النصف الأسفل من الجسم ولا ألومكم على هذا التغيير الإضطراري فأغاني وسيقان الست نانسي وأخواتها تستوجب هذا التغيير.

هذا هو الفرق يا بني، جيل يستمع وجيل يرقص على "النص نص"......

بالرغم من إنحيازي النسبي لجيلنا فهو لم يكن الجيل الأفضل وجيلكم ليس هو الأسوء. وإذا تعرض لك احد أبناء جيلي برأي سلبي تجاهك قل له ولكن بأدب "نحن تربينا على أيديكم".

كاتب سعودي
[email protected]