مشاكل العراق كثيرة وهموم مواطنيه أكثر والحكومة العراقية الحالية تتحرك في اتجاهات مختلفة وتحاول ان تقدم ما تراه مهما وضروريا للعراقيين على ضوء الظروف والإمكانيات التي تمتلكها وهي استطاعت وبعد شهر من عمرها ان تحقق للعراقيين أشياء ملموسة على صعيد الواقع الحياتي الذي يعيشه المواطنون من القبض على بعض العصابات الإجرامية التي كانت تقتل وتسرق وتختطف المواطنين في بغداد وبعض المحافظات وتحاول في الوقت نفسه التحرك على الصعيد الخارجي وبحث المسائل والقضايا التي تهم العراق والعراقيين مع دول الجوار والدول العربية ودول العالم الأخرى ويقوم بعض المسئولين العراقيين بجولات مستمرة تكاد لا تتوقف من اجل بحث الملفات العديدة والتي بالتأكيد تحتاج إلى زمن وظروف أخرى أكثر استقرارا ووضوحا بالنسبة للذين مازالوا يتحسسون من التغيير الذي حصل في العراق ويعتبرونه تهديدا أو خطرا عليهم وعلى أنظمة حكمهم التي تبني مواقفها على حسابات وتخمينات تختلف بشأنها الآراء والاجتهادات.

لكن الملفت للنظر كثرة التصريحات الصحفية لبعض اعضاء الحكومة العراقية والمسئولين الآخرين ممن أصبحوا ضيوفا دائميين على وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وطبعا في كل لقاء أو مقابلة يقتنص الصحفي أو الإعلامي الذي يقابلهم معلومة أو تصريح تكاد تهدم أو تنسف كل ما تريد الحكومة فعله أو تنفيذه خلال الأيام القادمة ولسنا هنا بصدد أيراد التصريحات التي أدلى بها المسؤلون العراقيون خلال الفترة السابقة من قبيل التهديد بنقل الإرهاب والحرب إلى ساحة الدول المجاورة أو التهديد برد حاسم على تدخلات أطراف خارجية أو اتهام دول معينة وان لديهم إثباتات أو قوائم بأسماء الإرهابيين القادمين من الدول الأخرى وغيرها من التصريحات والي كان آخر ها ما صرح به وزير الدفاع العراقي حازم شعلان بان إيران العدو الاول للعراق ثم وصف وكيل وزارة الخارجية العراقي حامد ألبياتي بان إيران دولة جارة للعراق وقدمت المساعدة له وان التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع العراقي بوصف إيران بأنها العدو الأول للعراق لا تمثل موقف الحكومة العراقية، ثم تأكيد رئيس الحكومة العراقية إياد علاوي في تصريحات نقلتها عنه وسائل الاعلام "لا أعداء للعراق بمعنى العداوة" مشيرا إلى أنه " ثمة إشكالات مع إيران كأي إشكالات قد تكون موجودة مع دول أخرى ولكننا نسعى إلى حل هذه الإشكالات بطرق أخوية وسلمية ومبنية على التفاهم والمصلحة والحرص". وأكد عاوي أنه ينتظر "توضيحا من وزير الدفاع حول تصريحه" وقال "لا أعرف ما الذي حصل أو استجد حتى يصرح الأخ الوزير بهذه الطريقة وأمل أن يصلنا التوضيح وحينها يكون لنا رأي.

ومهما يكون الرأي الذي سوف يهتدي اليه السيد علاوي فان الموقف المطلوب من كل المسئولين العراقيين هو التهدئة وعدم تصعيد وتأزيم الحالة القائمة بين العراق وجيرانه ولا نكشف سرا إذا قلنا بأننا الآن لسنا في وضع يسمح لنا بتهديد الدول المجاورة كما إننا لسنا بحاجة إلى خلق أعداء جدد للعراق علما ان هؤلاء الأعداء موجودون ويعلمهم المواطن العراقي ويتحسس منهم ولا حاجة لتصريح وزير الدفاع كي يطلق صافرة البداية لتصريحات نارية متقابلة ليس من مصلحة العراق الخوض فيها الآن كما انه من المعروف بان كل ألازمات والحروب قد بدأت أولا بالحروب الكلامية أي بالتصريحات والاتهامات المتبادلة لتتطور في مراحل لاحقة إلى نتائج لم يحسب لها أي طرف حساباته وليست بعيدة عنّا التصريحات والاتهامات التي تبادلها الجانبان العراقي والإيراني في الفترة التي سبقت قيام الحرب العراقية الإيرانية ثم ما أعقبها من تطورات أدت إلى نشوب الحرب التي نتمنى ان يكون العراق بعيدا عن كل ما من شأنه توتير العلاقات وتصعيدها مع أي طرف كان فقد شبعنا حروبا وشبعنا تصريحات نارية ونريد من الحكومة العراقية ان تشبعنا خبزا وأمنا واستقرارا بعيدا عن كل الألفاظ التي تصنف هذا الجار بأنه العدو الاول أو الثاني ونتمنى على الحكومة العراقية ان تقوم بترشيد التصريحات الصحفية وتعطي توجيهات لأعضائها بعدم الخوض في مسائل هي من اختصاص جهات أو دوائر أخرى كما انه وعلى ضوء التعددية الكبيرة في الألوان المشكلة للحكومة نتمنى ان يصار إلى تعيين ناطق رسمي باسم الحكومة العراقية يناط به مهمة التعبير عن مواقفها الرسمية وحصر التصريحات والمواقف الرسمية به على ان يكون من ذوي الكفاءة والخبرة والدبلوماسية ما يمكنه من التعبير بأقل الكلمات وابلغ المعاني عما يريد قوله وتوضيحه خصوصا وان العراق يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إشاعة جو المصالحة والوئام وليس أجواء العداء والخصام مع الجميع وأولهم جيران العراق الذين لا يمكنهم ولا يمكن لنا أيضا ان نختار الجار أو الموقع الجغرافي الذي هم ونحن فيه وقد صدق من قال خير الكلام ما قل ودل


محام وكاتب عراقي مقيم في الدنمارك

[email protected]