في هذا الخضم الهادر الهائج من الإنهزامات والنكسات والنكبات التي تعم عالمنا العربي والإسلامي والتي ما أن نفيق من إحداها حتى تداهمنا الأخرى، والتي صرنا بسببها (ملطشة) لكل من هب ودب، ومضحكة لكل من أراد أن يتفرج ويضحك على المهازل، في هذا الخضمها هي التفجيرات والتدميرات التي طالت الجميع ووصلت حتى إلى اقدس مقدسات الأمة، والى اكثر بلادها أمنا وأمانا ـ بلد الحرمين الشريفين.
وها هو الجنون الذي بلغ حد قطع الرقاب بلا رحمة ولا شفقة ولا إنسانية، وخرج عن حدود العقل والمنطق والدين ـ هذا الجنون الذي يحاول مجانينه ربطه بديننا الحنيف الذي هو منه براء.
وهذه هي المؤامرات التي اصبح يقودها الكبار!! ـ أو ماكنا نعتقد بأنهم كبار!! ـ اصبحوا يقودونها بأنفسهم ضد الكبار و الرموز.
وهذه هي الدول التي أصبحت تنهار وتتلاشى بعد أن استهتر قادتها وفقدوا العقل والمنطق بل وفقدوا الإحساس بالمسئولية عن بلادهم وشعوبهم، فسعوا إلى تدميرها بدل تعميرها.
ولكن الأكثر مرارة من كل ذلك : هو شارعنا الذي لا يتحرك فيه إلا من تعودوا على الهتاف والتأييد لمثل هذا الجنون. هذا الجنون الذي بلغ ذروته بالأعمال الإرهابية التي طالت المملكة العربية السعوديةــ بعد أن طافت بالكثير من دول منطقتنا ــ يتطلب وقفة جادة للمواجهة. فالجهود الأمنية وحدها لا تكفي على الرغم من أهميتها وأولويتها. إذ أن المطلوب ليس فقط مواجهة من يفجرون ويتـفجرون ـ لان هؤلاء عبارة عن أدوات أو آلات لا يختلف أحدهم عن الحزام الذي لـُفَّ حول وسطه، أو قطعة السلاح أو القنبلة التي يحملها ـ لانه لو كان لهم حتى جزءا بسيطا من عقل يعمل لما استطاع كائنا من كان أن يرسلهم إلى مثل هذا المصير. المهم هو مواجهة من يصنعون هذه الآلات وهم كثر، منهم من يفتي، ومنهم من يدعم ماديا، ومنهم من يحاول التخفيف، ومنهم من يحاول التبرير لهم ومنهم من يؤيد باسما وفي صمت،ومنهم من يسكت لكنه لا يدين،ومنهم من يؤيد بطريقة واضحة ومستفزة. كل هؤلاء موجودون ويعملون تحت ناظرينا، بعضهم مازال يعتلي منابر المساجد، بعضهم يملأ شاشات الفضائيات، وبعضهم يعيش ويمشي معنا في الشارع، بل ان بعضهم مازال يستطيع إ خافة وإرهاب بعض من يقفون ضد هذا الجنون ( والدلائل كثيرة)، كل هؤلاء تجب مواجهتهم بكل الصراحة و الشجاعة ومهما كانت دوافعهم، ومهما لفوا أو التفوا حول الدين. يجب ان يعي الجميع بان التضليل والتدجيل والتغرير باسم الدين سلاح استخدمه هؤلاء فترة طويلة وقد حان وقت انتزاعه منهم، فقد اتضحت أ جندتهم وهي البحث عن السلطة والتسلط بأي ثمن كان حتى لو كان ذلك بعبور بحار من الدماء،أو بدمار البلاد والعباد. لقد قال الأمير عبد الله بن عبد العزيز وكرر مرارا بأنه لا هوادة مع من يقف مع هؤلاء أو يدعمهم بأي شكل من الأشكال أو حتى يسكت أو يتستر عليهم، وهذا ما يجب ان يعيه ويعمل به الجميع،فالكل مطالب بالعمل على اجتثاث هذا السرطان الذي بدأ ينهش في الأمة ودينها السمح الذي شوهه هؤلاء. لقد وضع الأمير عبد الله يده على كل جروح الأمة في خطابه الضافي الذي ألقاه في قمة مجلس التعاون الخليجي بمسقط في أواخر عام 2001.ذلك الخطاب الذي كان صريحا وامينا وشجاعا، أكد مبدأ هذا القائد الذي لا يخاف المواجهة،فهلا وقفنا خلفه لاجتثاث هذا السرطان كخطوة في طريق علاج كل ما هو متقيح من جروح الأمة؟