(( وما من يد إلا ويد الله فوقها وما من ظالم إلا سيبلى بأظلم ))
زهير بن أبي سلمى
لما يزيد على ثلاثة عقود من الزمان كان العراقيون يدفعون أثمانا" باهظة، كان العراقيون مشتتون في بلاد المنافي ولم يتركوا شبر في عالمنا المترامي الأطراف هذا الا وحطوا رحالهم فيه؛ كان كل الذنب الذي أقترفوه أنهم وجدوا أنفسهم في بلاد يحكمها طاغية أغتصب الحكم من أسياده وتسلق سلم الحكم الى أن تسلم دفة القيادة و أحكم قبضته على البلاد والعباد، بعد أن خلت الساحة له و أزاح بقوة السلاح و بأساليب رجال الكاوبوي كل من أعترض طريقه حتى أقرب المقربين منه!؛ ولاعجب أن يدفع العراقي الذي سلبت منه ابسط حقوقه وأهينت كرامته ومّثل به، لا عجب أن يدفع العراقي ثمن ذلك من عمره سنين طوال عاشها في حرمان وفقر متقع وحاجة لأبسط أمور الحياة وأتفهها في نظر الأخرين، ولكنها على العراقي كانت كبيرة وصعبة ومعقدة وبعيدة المنال، كان من الصعب بل ومن المستحيل على العراقي أن يعود أو حتى يفكر في العودة الى وطنه مادام النظام الصدامي قابضا" على مقاليد الحكم هناك، ومادام عسس النظام وكلابه تصول وتجول في البلاد وتعيث بأرض المقدسات فسادا، كان من الصعب على العراقي أن يرى أهله وصحبه وخلانه وأن يلتقي بهم هناك، وأن يتعمد بتراب وطنه ويتحلى بماء دجلة الصافي العذب وان يتمشى في أزقة وحواري بلاده...
ماذا نقول في هذه العجالة وماذا نعد ونحصي من مآسي أرتكبت بحق المواطن العراقي صغيرا" كان أم كبيرا، أمرأة كانت أم رجل، فقيرا" أم غنيا، شعب على أختلاف ألوانه و طوائفه وملله ونحله وأنتماءاته وأعراقه أصبح سجين نظام دكتاتوري بسط نفوذه على البلاد والعباد رغم أنف الجميع مستخدما" كل أدوات الخسة والرذيلة والنذالة لتحقيق أهدافه يعاونه على ذلك دول كبرى وأشترك في مؤامرة ذبح العراقيين حكومات طالما تشدقت بالديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان ورفعت شعاراتها حتى خيل لمن كان يسمع تلك الشعارات ويذوب في تلك الكلمات المعسولة أن القائمين عليها ماهم الا رسل الرحمة بعثهم الله لانقاذ البشرية جمعاء والوصول بها الى شواطىء الأمان.
وبالعودة لـ" الكونتيسة " رغد المسلوب حقها والمنزوع من أبيها عرشه والمقتول أخويها بلا ذنب ولا جرم أرتكباه، وقبلهما زوجها وأخيه، أقول أنما الأيام دول يا سيدتي الكونتيسة، وهذا ما جنته أيديكم، بل أشربوا من الكأس التي أذقتم منها العراقيين عشرات السنين سما" زعافا؛ (( فما كان الله ليظلمهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون)).
ما من يد يا سيدتي إلا ويد الله فوقها، وما من ظالم إلا سيبلى بأظلم، تطلبي المساعدة من الآخرين كي تعودي الى وطنك الذي خرجتي منه بمحظ أرادتك ولم يطردك أو يهجرك أو يرميك خارج أسواره أحد كما سبق وفعل والدك من قبل مع العراقيين عندما شتتهم وفرق جمعهم دون سابق انذار ودون أي ذنب أو خطأ أقترفوه!، أنتم يا سيدتي من لا يريد أن يرى العراق والعراقيين يعيشون بحال أفضل بدونكم، وانتم من يبث سمومه اليوم في أرض الرافدين من أجل القضاء على وليدنا الحر، تريدون أن تأدوه قبل أن يرى النور، وتريدون أن تطفؤا نور الله بأفواهكم و يأبى الله الا أن يتم نوره ولو كرهتم؛ أما الأموال التي تتحدثين عنها فلديك منها ما يفيض عن حاجتك؛ فقد سرقتم أموال بلدي وسرقتم حتى اللقمة من أفواه الأطفال وحرمتموهم كما أهاليهم وذويهم لذة العيش بهناء وأمان داخل أسوار بلدهم الحبيب العراق،لاتفقدي الأمل سيدتي الكونتيسة فأنت في عرصة الهاشميين وفي دوحتهم ولك ماشئت وأنت الآمر الناهي...
أنقضى وأنطمر ذلك الزمان الذي كانت فيه الدنيا باكملها تقوم ولا تقعد لأبيك يا " بنت أبيك "، و تسجد الحسان تحت أقدام السلطان وتنشد له الأشعار وتسبح بحمده وجلاله في آناء الليل وأطراف النهار: (( ماشئت لا ماشاءت الأقدار فأحكم فأنت الواحد القهار))!!!.

[email protected]