لابد من نهاية لأيام شهر العسل بين أميركا وأكراد العراق.. وحتمية حدوث الصدام بينهما تستند الى معطيات واضحة للعيان تتعلق بطبيعة الاستراتيجية الاميركية في العراق التي تقوم على أساس تقديم صورة نموذجية لعراق موحد ديمقراطي... يمكن لامريكا التفاخر به وتقديمه كنموذج في المنطقة ضمن مشروع نشر الديمقراطية، بينما الاكراد يواصلون سلوكهم السياسي العبثي الهادف الى ضرب وحدة العراق وتقسيمه مما يعني توجيه طعنة للمشروع الاميركي، وهنا يحدث الاصطدام بين الطرفين.

مشكلة الاكراد الراهنة هي القراءة الخاطئة لمسارات الاحداث، وماهية العقل السياسي الاميركي، وأهدافه الاستراتيجية، والتصرف بأكبر من الحجم الحقيقي لهم، وتحويل شمال العراق الى مرتع للفوضى وبؤرة لعصابات المافيا، وتبيض الاموال، والمتاجرة في تهريب الممنوعات، ونمو الحركات الارهابية المتطرفة.

فلا يمكن للادارة الاميركية أن توافق على بقاء الاوضاع السياسية والادارية في شمال العراق كما هو عليه الحال مقسم الى دولتين: دولة مسعود، ودولة جلال، وداخل هاتين الدولتين عدة جيوب لدويلات صغيرة تابعة لشيوخ العشائر، ورجال الميلشيات المسلحة.

ومن يعرف طبيعة العقل السياسي الاميركي.. يدرك مدى مدى إشمئزاز الاميركان من التفكير العرقي القومي الذي يصطبغ به فكر الاكراد، فالقانون الاميركي يمنع ويعاقب كل من يتطرق الى عرق ودين الاخر حتى لو على مستوى سؤال بريء، ويلمس كذلك مدى إحتقار الامريكان لمن يحاول تمزيق وحدة وطنه والعبث بسيادته.

سوف تؤدي مسار الاحداث، واختلاف المصالح، الى إصطدام حتمي بين تهور الاكراد ومحاولتهم فرض الامر الواقع عن طريق تثبيت الانفصال العملي الراهن دون الاعلان عنه رسمياً، وبين حاجة أميركا لإثبات نجاح تجربتها في العراق، وتقديمه للعالم كدولة موحدة، آمنة، ديمقراطية... وسوف تكون تركيا جاهزة تقف على أُهبة الاستعداد لتحجيم الاكراد وإرجاعهم الى حجمهم الحقيقي، وستكون تشكيلات القوات المسلحة العراقية قد اكتملت للقيام بمهمة شرف الحفاظ على وحدة العراق.

وسوف يطل التاريخ بوجهه شامتاً، وموبخاً للأكراد قائلا: لماذا نسيتم بسرعة درس إتفاقية الجزائر عام 1975 بين العراق وايران، والانهيار السريع الذي حدث لكم خلال ساعات، وهروب قياداتكم السياسية الى إيران، ووضعها في الاقامة الجبرية من قبل شاه إيران في إصطبل مهجور لسباق الخيل؟!


[email protected]