إن أكبر خطأ فادحارتكبته إسرائيل هو اتفاق كامب ديفيد الذي أبرمته عقب حرب تشرين الأول (اكتوبر) 1973 م على الجبهتين السورية في الجولان والمصرية في سيناء التي خسرت فيها إسرائيل اكثر من ثلاثة آلاف جندي، وبقدر ما جلبت تلك الإتفاقية الأمن للإسرائيليين إلا انها رسخت قاعدة مشينة لدى الكثيرين وهي ان إسرائيل لا تعترف إلا بلغة العنف...!، وهو نفس الشعار الذي كانت ترددة حماس والجهاد الإسلامي وغيرها من المنظمات المتشددة، فلو أبرمت إسرائيل معاهدات السلام قبل أن تتورط في الحرب لكان ذلك هو الإختيارالصحيح لأنه يجعل كل الأطراف تؤمن بلغة الحوار.

السيد شارون يعترف أخيرا بأنه تعرض إلى خسائر فادحة من جراء الإنتفاظة الأخيرة وهبط مستوى نمو الإقتصاد الإسرائيلي من 6.5 % إلى نصف بالمائة سنويا إضافة إلى الخسائر البشرية والتي يزيد عددها عن ألف قتيل، وهنا لا يمكننا الإختلاف مع هذا التصريح، لأنه سر من أسرار النجاح، فالإعتراف بالخطأ والفشل هو أساس للنجاح في المستقبل وهي الديمقراطية الإسرائيلية الصحيحة التي تعترف بالأخطاء ومواقع الفشل، وليست مثل القائد أبو عمار، فهل يعقل أن زعيم منظمة التحرير منذ ثلاثين عاما لم يخطئ ولو مرة في حياتة أو اتخذ قرارا فاشلا مثلما صنع شارون، فالسيد شارون سينسحب من غزة خوفا على أمن إسرائيل ودماء الأبرياء، وأبو عمار يتلذذ على نحو مختلف بدماء الفلسطينيين العزل.

هذا ما اتضح لنا بشكل عام، ولكن الوضع في غزة مختلف تماما، فإسرائيل أنفقت خلال ثلاثة اعوام أكثر من ثلاثة مليارات و900 مليون دولار، أي بمعدل مليار و300 مليون دولار لكل سنة من سنوات الإنتفاضة حسب ما اعلنت المصادر الإسرائيلية، ولو تحققنا جيدا في هذا المبلغ الضخم لوجدنا أنه يكفي لتوظيف كل سكان غزة من أقصى مخيم رفح إلى مدينة بيت حانون،أي بعبارة أخرى كان من الأفضل الإتجاة نحو البناء وليس نحو الهدم والتخريب.

أعلم بأن ما اتحدث به أمرا أشبة بالخيال او المعجزة التي لن تتحقق، ولكن بكل أسف كلا الحكومتين الفلسطينية والإسرائيلية لم تلتفت إلى هذا الجانب المهم جدا، بل كان الهدف دوما لدى الحكومة الفلسطينية هو التحرير وتبديل الوزراء والمفاوضات والأضواء وغير ذلك، والجانب الإسرائيلي لدية هدف رئيس وهو الأمن، ولعله سبب قوي جدا.

ما أريد قولة على نحو يائس، لماذا لا تساهم كلا الحكومتين الفلسطينية والإسرائيلية بالإستثمار في غزة..؟!، وتكون غزة نموذجا جيدا يمكن تطبيقة في الأراضي الفلسطينية الأخرى، فإسرائيل التي أنفقت ما يقارب أربعة مليارات دولار دون أي مردود لماذا لا تغامروتستثمر ولو نصف هذا المبلغ بطريقة محكمه في قطاع غزة وتكسب هذا القطاع في صفها بدلا من توهان مواطني غزة خلف نعرات أبو عمار، هناك عدد كبير من الشباب في غزة بلا عمل أو بالأصح لا يملكون عملا يحقق طموحاتهم ورغباتهم وبالتالي يتملك اليأس شعور الكثيرين منهم فيتجهون نحو الإنتحار والقيام بالعمليات الإرهابية، أنا على يقين قاطع جدا بأن إسرائيل لو دعمت قطاع غزة وجعلت مواطنيها ينخرطون في أعمال جادة لكان الحال غير ذلك تماما، وما الذي قدمته السلطة الفلسطينية لقطاع غزة في العقدين الماضيين..؟! في حين ان آلاف الفلسطينين يعملون داخل الأراضي الإسرائيلية،إذن لتستثمر إسرائيل هذا القطاع وتجعل المواطنين انفسهم من يحمون تلك الإستثمارات ويمثلون مجتمعا تقدميا بناء يتطلع نحو الأمام، أتصور أن ذلك قد يكون من الممكن ولكن ليس في وجود عرفات الذي أصبح عثرة في طريق القضية.

[email protected]

المملكة العربية السعودية