ما أشبه الليلة بالبارحة!! ما أشبه مواجهة الإرهاب في الفلوجة بمواجهته في النجف..

التشابه الذي أقصده هنا هو أنه ما أن تكاد الحملة على العمليات الإرهابية تنتهي لصالح القانون والديمقراطية وأمن المواطن، حتى يسارع مسؤولون وهيئات دينية وغيرهم لرفع الصرخات: "احقنوا الدماء! لا لنزيف الدم العراقي! لا لوجود القوات الأميركية في المدينة!"،تلك القوات الموجودة لتعزيز الشرطة غير القادرة لوحدها على مواجهة وضرب بؤر الإرهاب.

من بعض النواحي يذكرني هذا بشعار المغفور له الزعيم عبد الكريم قاسم:" الرحمة فوق القانون"، وهو الشعار الذي كلف الثورة وزعيمها المقتل وإغراق البلاد بالدماء الطاهرة.

لقد تناقلت الأنباء عن وجود خلاف بين الياور وعلاوي حول مواجهة حرب مقتدى الصدر على القانون والمدينة المقدسة. يقال إن الأول يريد وقف النار وخروج القوات الأميركية بحجة "وقف النزيف". ويقول الأستاذ إبراهيم الجعفري في مقابلة له اليوم مع "الشرق الأوسط" إن مشروع الصدر بدأ سياسيا ولكنه لم يجد التشجيع، وهذا ما فهمته من التصريحات. وينسى السيد الجعفري أن الصدر أطلق تطبيق "مشروعه" في اليوم الأول لسقوط الجلاد العراقي وذلك بمسؤوليته المباشرة عن اغتيال الشهيد المصلح عبد المجيد الخوئي وزميليه، وبطريقة شنيعة وجبانة. وينسى الجعفري أن أنصار الصدر في مدينة الثورة، التي صادروا اسمها وأطلقوا عليها اسم الصدر، قاموا منذ اليوم الأول بملاحقة السافرات، والسيطرة على المستشفيات، وملاحقة باعة الخمور، وتفجير دور السينما، والتدخل الفظ في الجامعات. فهل يا سيادة الأستاذ هذه هي دلائل "المشروع السياسي" لمقتدى ومنذ التاسع من نيسان؟؟

لقد كان الأحرى أن يعترف الأستاذ بدور الأحزاب والمرجعية الشيعية في التساهل مع الصدر حتى بات خطرا حقيقيا على أمن العراق والمواطنين وعلى المدن الشيعية المقدسة نفسها وعلى سمعة شيعة العراق، وعلى مجمل العملية الديمقراطية ووحدة البلاد. وقد تدخلوا مرارا كلما كانت قوات الشرطة والتحالف تكاد تهزم ميليشيا الصدر في النجف والكوفة مثل تدخل عدد من أعضاء مجلس الحكم المنحل وهيئة "علماء المسلمين" الصدامية ـ الوهابية في الفلوجة ورضوخ بريمر وترضية مدينة الإرهاب بتخصيص عشرات الملايين من الدولار لها والتكرم على المدينة بقوات من ضباط صدام الذين كانوا هم أنفسهم قد شاركوا في العمليات الإرهابية!. أما مقندى فبعد محاولات وتنازلات من الدولة، ومئات من ضحايا جرائم أعوانه، فقد تم التوصل لهدنة تبين أن الصدر وافق عليها نفاقا ولغرض كسب الوقت حتى تزيد إيران من مساعداتها له بالسلاح وضباط المخابرات من "فيلق القدس" المشؤوم. ثم بادر هو وأعلن خرق الهدنة فكانت المعارك الدائرة حاليا.

إن الصدر يعلن على رؤوس الأشهاد رفض نزع سلاح أنصاره في الجنوب والمدن المقدسة وبغداد، ورفض بصراحة عشرات المرات حل جيش المهدي، كما سخر من دعوات رئيس الوزراء له بخوض العمل السلمي والمشاركة في المؤتمر الوطني. وإذن فعلى أي أساس يبني أخونا الشيخ الياور آماله في " وقف النزيف"؟ إن العصابات المسلحة تعتدي على المواطنين وعلى المدن والقانون، ولحد تلغيم منطقة ما حول الحرم الحيدري، ومحاولة جعل الحرم ساحة قتال. وقد سبق للمرجعية الشيعية أن ألقت مسؤولية ضرب بعض المنارات الحيدرية على الصدر نفسه، الذي يحاول بكل طريق إلقاء المسؤولية على قوات الشرطة والقوات الأميركية بأمل إثارة الناس.

ويا سيدي الشيخ العزيز: لا حل للأزمة بغير سحق جيش المهدي، وضمان الأمن وسيادة القانون. وهذا الحزم هو وحده الذي يضمن تصفية البؤر الإرهابية في الفلوجة وسامراء وبغداد وغيرها، سواء كانت بؤر الزرقاوي والصداميين أو بؤر الصدريين. إن الشيخ الرئيس يعلم جيدا، وهو المطلع على سياسات الدول الديمقراطية، أنه لا دولة ديمقراطية تتساهل في انتهاك القانون، وخصوصا عندما يكون الضحايا مئات الآلاف من المواطنين، وأنابيب النفط التي يعتمد العراق على مواردها لمشاريع التعمير وخدمات الكهرباء والماء والصحة والتعليم ورفع المستوى المعيشي للعراقيين. وخلال يومين من توقف أنابيب الجنوب خسر العراق عشرات الملايين من الدولارات، فضلا عن الأذى بأسواق النفط العالمية.

لقد نفدت مع الصدر جميع محاولات التهدئة وكل التنازلات والمناشدات. فالصدر، وكما قالت مقالة للدكتور عبد الخالق حسين، مسيّر لا مخير لأنه مجرد أداة في المخطط الإيراني لتدمير العراق.