نسمع فجأة عن حادث اطلاق نار، اقدم عسكري على اطلاق نار من رشاشه واردى عددا من زملائه قتلى، يقال ان القاتل كان شخصا طيبا وهادئا ولم يكن يسبب اشكاليات او تصادمات مع رؤسائه في العمل او زملائه في الموقع.. ولكن الحادثة وقعت وذهب ضحيتها اناس ابرياء فجأة وبدون مقدمات!.
اقدم شخص ينتمي الى الاستخبارات العسكرية بالتعرض والتقطع لمدير عام ديوان محافظة شبوة واجبره تحت تهديد السلاح عن التخلي عن سيارته التي كان يستقلها ونجله وحاول الفرار بها، وبعد القبض عليه طلب الجاني ان يجرى له فحص نفسي بناء على ادعائه بانه يعاني من مرض نفسي وعصبي!.
تعمد الدول المتحضرة الى ادخال الاخصائيين النفسيين في مجالات الجيش والشرطة وتقريبا كل المصالح الحكومية، لضرورة واهمية الاخصائي النفسي الاكلينيكي في عيادته ليستقبل من خلالها الافراد المنتمين للقوات المسلحة والامن والتعامل المباشر معهم، ولمن يحتاج المعالجة والمساعدة النفسية، وانشاء ملف متكامل لكل حالة بمفردها، بتاريخها المرضي. عند اجتياز امتحانات القبول لمتقدمي الكليات العسكرية والشرطة يخضع المتقدم لفحوص طبية متكاملة تحدد مدى القدرة والتأهيل الجسدي، وكذلك من الضروري ان يخضع المتقدم لاختبارات نفسية تؤهله بالحسم للانتساب للسلك العسكري من عدمه. وهناك على سبيل المثال لا الحصر مجموعة اختبارات ومقاييس مثل (العدوانية) وكذلك (مينسوتا المتعدد الاوجه للشخصية، ام ام بي اي) او اختبار(تفهم الموضوع، تي ايه تي) ومقياس (الذكاء). وحينها تتضح الصورة للفاحص وتتحدد للمتقدم في اي من المستويات العدوانية يكون وضعه النفسي /منخفض، متوسط، مرتفع/. وعليه يصبح تقرير الاخصائي النفسي في الاستمارة النفسية عامل حسم منذ البداية وقبل الدخول الى الكليات العسكرية اما (مقبول) او (غير مقبول) معللا حسب المعطيات الاكلينيكية والسيكومترية. من الضروري اجراء مثل هذه الفحوص النفسية قبل ان ينخرط الفرد في المجالات العسكرية المتفرعة والخطرة، لتعامله مع السلاح، ووجوده في كاريزما موقع الحامي في المجتمع، فضلا عن زرعه في اجهزة حساسة مثل الاستخبارات. بل ان ذلك قد يمنع او يحد بشكل كبير من اول وهله من تولي -مستقبلا- بعض العسكريين القادة مناصب عليا في الدولة قد يجروا البلاد والعباد الى صراعات دموية ونزاعات مسلحة بسبب النزعة العدوانية المرتفعة، والميول السيكوباتية المصاحبة والذكاء المحدود. ومفهوم الشخصية في علم النفس: هو بناء علمي اعد لعرض وتوضيح الحقيقة النفسية للفرد. واصبحت الادوات الاسقاطية من الادوات المهمة التي يستعان بها، في الوقوف على جوانب الشخصية المختلفة وتشخيص الحالات السوية والمرضية. ومعرفة مايعانية الفرد من مشكلات وازمات وصراعات. فالاختبارات النفسية وسائل تعين على الفحص والكشف والتشخيص. وقد عرف (البورت) الشخصية بقوله: "هي ذلك التنظيم الدينامي الذي يكمن بداخل الفرد، والذي ينظم كل الاجهزة النفسية الجسمية التي تملي على الفرد طابعه الخاص في السلوك والتفكير". وهناك تعريفات عديدة للشخصية لايتسع المجال هنا لذكرها. ان اختبارات نفسية وتشخيصية تمكنا نحن الاخصائيون النفسيون من معرفة الجندي الذي يتوقع منه عدم القدرة على التحكم بنفسه او ظهور بعض الحالات العصابية كالهيستيريا والوساوس المتسلطة والقهر، من خلال المعطيات العلمية والاسس النفسية، وبالتالي ختم السيكولوجي على ورقة التقرير (عدم الاهلية) للانخراط في السلك العسكري او الامني، هو الوسيلة الوقائية الانجع في تفحص افراد الجيش والامن كحماية للمجتمع، فهم يعتبرون ركيزة هامة في حماية البلاد، واعداد الجندي (السوبر) يعتبر مهنية عالية ومسؤلية حتمية على عاتق الدولة، بدلا من الاستمرار في تسرب جندي هيستيري ومندفع ذو ميول عدوانية قابل لفعل جريمة، في صفوف القوات المسلحة والامن. كتب الدكتور فيصل عباس في كتابه (الاختبارات الاسقاطية، 2001) في اهمية اختبار (تكملة الجمل) كاختبار اسقاطي مايلي: "ذهب (روهدا) الى أن اختبار (تكملة الجمل) يعتبر اداة صالحة في يد السيكولوجي او الاكلينيكي وكل من يريد الوقوف على حاجات الافراد وأخيلتهم ومشاعرهم واتجاهاتهم ومستويات طموحهم ومايدور بداخلهم من صراع". واستطرد عباس: ان الاسئلة المباشرة التي نوجهها الى الافراد في بعض الاستفتاءات واختبارات الشخصية، من شأنها ان تجعل الفرد في حالة وعي بذاته ومقاومة، ومن ثم يسهل عليه ان يتخذ موقفا دفاعيا ضد كثير من العبارات التي توجه اليه. اما الاختبارات الاسقاطية ومنها اختبار (تكملة الجمل)، فأنها تبعد عن هذه المقاومة وتكشف عن المشاعر والاتجاهات ومستويات الطموح التي قد لايحب الفرد أو لا يقدرعلى التعبير عنها بصورة مباشرة. وقد وضع (روهدا) اختبار تكملة الجمل يتكون من (64) جملة ناقصة، روعي في اختيارها، وتكوينها، أن تحقق المعايير التالية:
1- اتساع نطاق المثيرات المختلفة من اجل الحصول على معلومات تتصل بجوانب الشخصية المتعددة.
2- أن تكون العبارة المستخدمة "كمثير" من النوع الذي يسمح للفرد أن يعبر عن نفسه بحرية.
3- الا يتجاوز الزمن الذي يستغرقه اجراء الاختبار، ساعة واحدة.
وقد انتشر استخدام اختبارات (تكملة الجمل) خلال سنوات الحرب فطبقه كل من (هت) و (هولز برج) و(شور) في مستشفيات القوات المسلحة الامريكية. ومن هنا نشدد على ضرورة تواجد الاخصائيين النفسيين في الكليات العسكرية واعطائهم صفة (مقرر) قانونية، تؤكد صفة تأهيل الفرد المتقدم، او تخول بالغاء صفة الاهلية، في الدخول والانخراط في الجيش والشرطة والامن. ايضا وجود الاخصائيين النفسيين يساعد كثيرا في الكشف والتشيخص والعلاج لمن هم بحاجة ماسة لمساعدة نفسية تمكن رجال القوات المسلحة والامن من استغلال خدماتهم والاستمرار في صحة نفسية جيدة. وضرورة ان تعمد الدولة الى اشاعة الوعي بين افرادها بأهمية الاخصائي النفسي ومفهوم الصحة النفسية للجميع، اذ يمكن ان يلجئ فرد القوات المسلحة والشرطة المستشعر لحالات: الكآبة، التوتر، القلق او الشعور بأطوار غريبة تخالجية: سمعية، شمية، ذوقية، تنبئ بفصام في الشخصية، او تشير الى وجود افكار هذائية لحالات البارانويا او غيرها من حالات الوساوس القهرية من التوجه فورا الى العيادة النفسية في الموقع او المركز او المستشفى العسكري.
اخصائي نفسي اكلينيكي
[email protected]
التعليقات