لم يكد عام واحد يمضي على سقوط تمثال الدكتاتور في ساحة الفردوس في بغداد ودخول وزير دفاع صدام حسين السجن الذي بدا فيه جبانا كما عرفناه حتى جاءنا على شاشات التلفزة العربية وزير دفاع جديد يتحدث بنفس لهجة علي الكيمياوي الذي كان يقول ( قتلوهم ألعن أبو المجتمع الدولي ). يأتي حديث ما يسمى بوزير دفاع حكومة مؤقتة معينة غير معترف بها عراقيا وهو الأهم في محاولة لإثبات سطوة العسكر على أبناء الشعب العراقي. لكي يقول بكلمات مقتضبة تشبه كلمات الكيمياوي الموقف سيحسم خلال ساعات ظنا منه أن منطق القوة سيخيف الناس الذين سخروا من هذا المنطق طوال 35 عاما وصبروا وكافحوا وإستشهد أبناؤهم في وقت كان فيه وزير الدفاع هذا يتلقى التدريبات في أروقة لا تمت إلى وطننا وإرثنا بأية علاقة.
لم أكن أنا موافق على إنشاء مليشيات مسلحة في العراق بدءا من البيشمركة مرورا بجيش المهدي وإنتهاءا بأية تسميات أخرى في العراق وبشكل خاص عندما تأتي حكومة منتخبة من برلمان غير مزور. ومع أن الشعب العراقي يملك كل الحق في مقاومة المحتل وإسقاط الحكومات المعينة من قبل هذه القوات وعدم الإعتراف بها والمطالبة بتنحيتها تحت برنامج سياسي وديمقراطي يحققه الشعب العراقي المخول الوحيد في إنتخاب حكومته إلا أن إختلاط ما يسمى ( الحابل بالنابل) يجعلنا ننظر بعين الدعوة لإيقاف نزيف الدم والإحتكام لصناديق الإنتخاب وليس لصناديق الإحتلال.
أود هنا أن أذكر هذا الوزير ذي اللهجة العدوانية والتوعيدية لأبناء شعب العراق أن العراقيين قد رموا صدام حسين ووزير دفاعه وكل طاقم حكومته في مزبلة التاريخ ولقد لعب المثقفون العراقيون دورا هاما في تشخيص سلوك وسايكولوجية السلطة والحاكم الدكتاتور. وإذا كانت الظروف الموضوعية قد سمحت لذلك الدكتاتور بأن يعيش أعواما طويلة جثمت على صدور العراقيين فإن المرحلة الحاضرة والظروف الراهنة لا تسمح ببقاء أي متوعد بأن يبقى في موقعه أياما وعندما يكون خارج السلطة فإنه سوف لن يجد بيتا يأويه وسيكون مكانه قفص الإتهام مهما حاول الظهور بمظهر القوي لمجرد أن وجد خلفه بدلة مرقطة مرفوعة الأكمام يخرج منها ذراعا يحتظن بندقية أمريكية.
إن الذين أتوا بك أيها الوزير المدافع ( عن ماذا ) سوف لن يلتفتوا إليك فصاحبك قد إنتهكوا صداقته وبيته وحزبه وخونوه بشتى الخيانات.. هذا حدث بالأمس فقط، وصاحبك كان هو الأقوى منك وهو الذي قادك ردحا من الزمن وربما كنت تتسلم رواتبك منه.. اليوم ليس له مكان في جدول السياسية الأمريكية، فلا تظنن أن بمقدورك الإتيان بالمعجزات والحصول على (عافرم) من مكتب الوالي. كل تأريخك الشخصي أن صدام حسين أرسلك للعلاج وعندما أحسست بنهايته إلتحقت بتشكيلات المعارضة.. وأنك وأنت تعلم قبل غيرك أن أهالي مدينتك المناضلة الديوانية لا يشرفهم حتى وجودك.. فلترحل فأنك ومن معك ألقيتم بشباب العراق في أتون نار الحروب وكنتم خير منفذين لأوامر الدكتاتور في إشعال نار الحرب.
إن لغة التهديد للشعب العراقي سوف ترمى بغير طلقات البنادق! وأنا هنا أريد أن أقول لما يسمى بوزير الدفاع الذي لا أعرف تأريخه بل وأشك فيه وكل ما أعرفه عنه أنه جاء مع شركات أمريكية تدفع له مخصصات وأمتيازات وهو وغيره قد أرتبطوا بهذه المصالح الغازية وإن أسماء كل الذين جاءوا إلى العراق على تلك الدبابات معروفون بالأسماء وعليهم أن يكونوا حتى على مستوى الظهور أمام الشعب بموقف العاقل لأن كل قطرة دم عراقية هي قطرة دم طاهرة على أرض الأنبياء.
لقد كتبنا أطنانا من الكلمات كشفنا فيها حقائق السلطة أمام الرأي العام العالمي وجاءت ما يسمى بالمعارضة العراقية لتعقد مؤتمراتها بعيدا عن وطنية العراقيين الذين بدأوا يظهرون الآن على شاشات التلفزة بروحهم النبيلة المدنيين منهم والعسكريين والذين قمعوا.. هؤلاء خزين العراق الآتي الذين لن يسمحوا بلهجة الوعيد ولغة الدم تخاطب بها الأبرياء في الأماكن المقدسة وكل مدن العراق مقدسة بدءا من تكريت وإنتهاء بالبصرة.. هذا عراق واحد لا يفرقه لا البنتاغون ولا إيران ولا أية دولة من دول الجوار.. هذا طيف شمسي لن نسمح بإغتياله ثانية.. لن نسمح لك أيها المتحدث بلغة الدم والسلاح لتطوق النجف الأشرف بالأسلاك الشائكة وتنتظر فجر المدينة وصلاة الفجر وآذان الصلاة لتمطر المدينة والصحن الشريف بقنابل لا يعرف سوى الله وحده ماذا في خزينها من دمار. ولغتك أيها الوزير المعين عفا عليها الزمن.. وأصحابها قابعون في السجن حتى وإن كان من سجون الإحتلال.
أنت ومن معك.. لن نسمح لكم.. لن نسمح بتكرار المهزلة.. والله لن نسمح بها.


صحفي عراقي - الفيليبين