بكل تأكيد فأن المساحة متباعدة جدا بين شخصيتين مثيرتين للجدل كما هو الحال مع حسن الترابي الامين العام لحزب الامة السوداني وبين احمد الجلبي الذي يقف على راس الهرم في حزب المؤتمر الوطني العراقي، فالرجلان كل منهما له منطلقاته واهدافه ودائرته الخاصة التي يتحرك في اطارها فالترابي يعزف على وتر اسلمة السياسة وامنيات والدولة الاسلامية وحنين الماضي التليد، بينما احمد الجلبي تدور في مخيلته خطاب مفرداته ( الديمقراطية، التعددية،التداول السلمي للسلطة وغيرها )، تلك المفردات ذات دلالات خاصة حتى لو كانت ترفع من اجل تسويق هذا الطرف او ذاك، الا ان وجه التماثل سياسيا وجدليا هو ان الترابي وبعد تاريخ طويل الى جنب صديقه الحميم البشير انتهى به المطاف في سجون البشير، ذلك الصديق القديم الذي حولته الخلافات السياسية كعادتها الى عدو اليوم... واما الجلبي فتكرر معه ذات السيناريو مع شئ من الاختلاف، فالرجل وبعد الاثارات الاخيرة اصبح مطالبا للقضاء في دولة يقف على رأس حكومتها صديقه القديم اياد علاوي، وبعيدا عن الاسباب والمسببات فأن نهايات من هذا النوع قد لا تكون يتيمة مع الجلبي فأغلب رموز التيار المعارض ( في السابق ) في الحالة العراقية في جعبتهم من نقاط الضعف فيما يخصهم او يخص خصومهم شئ كثير والامور لم تحسم بعد فقد تدور الايام ويصبح اياد علاوي تحت الاقامة الجبرية لحكومة قد يكون رئيسها احد اصدقائه من المعارضين القدامى.. اذن فارفقوا ياساسة العراق بأنفسكم ولا تفتحوا ملفات قديمة ليست في مصلحة احد وضعها تحت المجهر في هذا التوقيت، لكن الجميع ايضا لا يستطيع ان يضع حدا للحكمة التي تقول: عند الخلافات تظهر الحقائق، فحقائق المرحلة السابقة لا زالت تخيّم على اجواء الحاضر ولا زالت تستنزف الكثير الكثير كلما فتحت ذكريات الماضي المرير بكل شئ، واذا كان ولابد من المكاشفة بغية المعالجات وهي حالة صحية جدا في بلدان تتوق الى انفاس الديمقراطية، فأن تلك المكاشفات لا يمكن ان تكون الآن في توقيتها الصحيح، طالما لازالت الدولة العراقية فتية والتيارات السياسية العراقية لم تهضم حتى الان خطاب الديمقراطية ولعبة الحكومة والمعارضين وهي لعبة بحاجة الى وقت طويل، فيتحول الاختلاف بين هذا الطرف او ذاك الى حالة خلافية استنزافية وتصارع سلبي لا يخدم الملف العراقي بل يعود عليه بالويلات، فلازلنا حتى هذه اللحظة نعاني من الادمغة المفخخة والفكر المسلح، ولازال العراق مددجا في مختلف قطعات السلاح، لا تنفع معه سوى الحكمة وقد قيل من قبل: ان الوقاية خير من العلاج.
كاتب عراقي
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات