ضريبة العمل السياسي باهظة و تعامل السياسي الرسمي مع الأحداث وهو يحمل مسئولية و قرارات مهمة تفرض عليه التعامل بعقلانية و حكمة واسعة أكثر من غيره، هذا ما ينطبق على رئيس الوزراء العراقي أياد علاوي و وزير الدفاع و الداخلية بالحكومة المؤقتة الذين تعاملوا مع أحداث المدن العراقية المتوترة بعقلية العسكري و تحديدا مدينة النجف الأشرف التي بها ضريح الإمام علي عليه السلام و منذ بداية الأحداث الدامية التي ذهب ضحيتها الأبرياء من سكان المدينة و زادت معاناتهم و جراحهم و هم ليسوا بحاجة إلى آلام لتضاف لمصائبهم و أحزانهم المستمرة و كأن الحزن خيم على هذه المدينة المقدسة صاحبة التاريخ الضارب جذوره في أعماق الأرض. حتى لو كان التيار الصدري يتحمل مسئولية بالتشدد و فرض الشروط و تحصنه الغير المفهوم بالمقام الشريف، لكن هذا لا يبرر الحل العسكري الغير طبيعي و كان من المفترض التعامل مع التيار الصدري من واقع المسئولية التي تحملها الحكومة العراقية المؤقتة على عاتقها لتصبح دربا مضيئا للشعب لإرساء ديمقراطية و حرية تبعث على الاطمئنان و الأمان لجميع العراقيين و يفترض أن يتعاملوا مع أحداث النجف الأشرف بالحكمة و الحوار و طول النفس مع تيار لا أحد يستطيع تجاهله شعبيا و سياسيا، و مهما كانت الظروف التي أحاطت بالمواجهة العسكرية الدامية و المروعة التي ذهب ضحيتها المئات من الأبرياء و شردوا الآلاف من سكان النجف لا تبرر من حكومة تنشد وحدة وطنية ورسم مستقبل ديمقراطي للعراقيين.

في تصاريح مختلفة مؤخرا لوزير الدفاع حازم الشعلان و وزير الداخلية فلاح النقيب و وزير الدولة قاسم داود أبدوا لهجة و نبرة تحدي عسكري، التي لا تنبأ بإرادة تريد حلا سلميا كما طالبوا في مؤتمرهم بشروط صعبة في وقت توتر عسكري، منها خروج السيد مقتدى الصدر نفسه على التلفزيون و إعلان التخلي عن المقاومة العسكرية و تسليم السلاح وهو أمر مطلوب ينبغي أن ينفذ على جميع الميليشيات بما فيها البشمركة الكردية حتى لا تحدث حساسية سياسية بين القوى العراقية و لكن بأساليب لينة و مقبولة ترضي الأطراف

و فيها إبداء حسن نية و لا تكون تحت وابل القنابل الأمريكية و الحرس الوطني العراقي الذي يقصف المدينة

و محيط الصحن الشريف ليل نهار، فتوقيف إطلاق النار هو الطريق الصحيح إلى طاولة المفاوضات.

أيضا التصريح الذي أدلى به وزير الدفاع حازم الشعلان بأن أمامهم ساعات و ألا سيواجهون السلاح

و سيسحقون ليس في وقته الآن، من أجل مصلحة عراق موحد ديمقراطي حر، كان الأجدر إعطاء فرصة أكبر و وقت أطول لمبعوث المؤتمر الوطني السيد حسين الصدر للوصول إلى حل ليس من أجل التيار الصدري فقط و لكن من أجل الشعب العراقي الذي يتعطش إلى حكومة عراقية تجعل المفاوضات و التواصل جسرا لرأب الصدع و علاج دولة العراق و حل الخلافات و الاختلافات الوطنية بالتي هي أحسن و تدعيم الوفاق الوطني بين الفرقاء و أن اختلفت وجهات نظرهم فطول النفس و إعطاء الوسطاء المساحة الكافية لحل القضايا داخل البيت العراقي و التعامل مع المخالف بحس المسئولية و استهداف المصلحة الوطنية.

و لعل ما رأينا في فنزويلا مع الرئيس هوغو شافيز مثالا رائعا لانتصار العقل و الحكمة و الثقة بالنفس

و الاحتكام لصناديق الاستفتاء التي أظهرت نسبة 60و59% من الذين استفتوا يؤيدون هوغو شافيز الرئيس الوطني الباحث عن مصلحة بلاده، و من قبل الاستفتاء أبدى شافيز ثقة بشعبه و تأييد سياسته في قيادة الدولة بشعور وطني مخلص بعيدا عن تهديدات الولايات المتحدة الأمريكية و دعمها المطلق لخصومه و المراهنة على سقوطه في الاستفتاء. إن ثقة رئيس فنزويلا نابعة من ديمقراطيته و إصلاحه السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و البحث عن مصلحة مواطنيه بعمل كل ما يلزم من أجل النهوض بالفقراء من قاع الفقر و إيجاد وظائف و الابتعاد عن الهيمنة الأمريكية سياسيا و اقتصاديا و ما فعله مع منظمة الأوبك من أجل المنتجين ألا إثبات على إخلاصه لوطنه و هذا ما أغضب واشنطن. ألم تكن هذه ديمقراطية و حرية بالاحتكام إلى الاستفتاء الذي كان أحد مراقبيه الرئيس الأسبق لأمريكا جيمي كارتر الذي أكد صحة الاستفتاء بعدما شككت واشنطن فيه و عدم قبول المعارضة للنتيجة، العمل بإخلاص للوطن و المواطنين سياسيا و تنمويا تؤدي بنتيجة بديهية وهو كسب ثقة أغلب الشعب و الشارع العام.

و ليت الحكومة العراقية المؤقتة تسعى وراء إرضاء جميع أطياف الشعب العراقي و تأخذ بأيديهم إلى شاطئ الأمان و الاستقرار و تعالج مطالب القوى الوطنية بحس المسئولية و الوحدة الوطنية حتى المتمردة منها.

لعل وصول المرجع الأعلى السيد على السيستناني دام ظله إلى العراق بعد رحلة علاج مرضية الذي يحظى بثقة الشعب العراقي باختلاف اتجاهاته فرج للأزمة التي نأمل أن يكون الجميع في مستوى التحدي و العواصف التي تحدق بأرض العراق.