سافروا ففي السفر فوائد كثيرة وأهمها : أنكم تتعرفون على أنفسكم التي سافرت بعيدة عنكم، لتعود إليكم عبر المرايا بكل عيوبها وعذاباتها لتكونوا أنتم
الأطباء، تعالجون أنفسكم بأيديكم كيفما تشاءون.

بعض البلدان يسافر إليها المسافر بعقل "مغلف " فتزيل التغليف الذي يلف عقله وتمنحه الفرصة كي يسافر عقله بكل حرية. وما أن يعود المسافر إلى المكان الذي غلف عقله حتى يتم إعادة تغليف عقله من جديد.
وبعض البلدان يسافر إليها المسافر بعقل متحرر من كل القيود فتعيده إلى حيث أتى منغلق العقل بسبب عامل التغليف.
وأعظم البلدان : هو ذلك المكان الذي يجرد عقلك من كل قيد يعيق تفكيره الحر.
وأسوأها وأخطرها على الإطلاق : ذلك المكان الذي ما أن تطأ قدماك أرض مطاره حتى تشعر أنه قد حكم على عقلك بالإعدام، وكلما عبرت طابورا من تلك الطوابير المتكررة، كلما شعرت أنك تنجو من الإعتقال مرة تلو الأخرى، ليس لأنك تحمل في حقائبك مخدرات أو متفجرات، وإنما لأنك تدخل المكان بعقل " غير مغلف " بعد أن تجرأت ورميت غلافه القديم. وهذا الشعور بالخوف والقرف يعيد المسافر إلى حالته التغليفية الأولى قبل أن يسافر، وهي حالة تضمن لجسده السلامة مقابل أن يرهن عقله للتغليف حتى موعد آخر مع السفر!

على المسافر أن يختار مكان سفره بحذر وذكاء. فإذا كان من ذوي العقول " المغلفة " فليذهب إلى مكان يحرر العقول من تغليفها.
وإذا كان من ذوي العقول " المتحررة من قيودها ومخاوفها " فليذهب إلى مكان أكثر تحررا كيلا يتم تغليف عقله المتحرر.
وإذا تم إعادة تغليف عقله في مكان إقامته الدائم، فليذهب إلى مكان يعيد الحياة إلى عقله. أما إذا تم تغليف عقله في مكان السفر، فليعود بسرعة إلى المكان
الذي يمنحه الحرية.

كم أحترم موظف المطار الذي يملك حاسة شم راقية جدا فلا يفتش زجاجة عطري وقد ميز بحاسة شمه الراقية بين العطر والمخدر، وأحتقرالموظف الذي لايملك قيمة للكتاب ولا احتراما، مما يجعله يبعثر كتبي وكأنها حقيبة من المتفجرات يبحث وسط صفحاتها عن قنبلة بحجم حرف أو كلمة.

موظف المطار مهما كان نوع عمله : مرآة حقيقية لواقعه الذي ينتمي إليه، ومن لايدرك تلك الحقيقة فقد فاته الكثير عن معرفة ما لا يبوح به المسافرون إلى بلد ذلك الموظف، حينما يعودون إلى بلدانهم ليقولوا شيئا يختلف عن ماتقوله ملامح الصمت المفروض والرضى المزيف!

[email protected]
يتبع في الحلقة القادمة