تقدم السيد رئيس المجلس العراقي للسلم والتضامن بمبادرة جديدة تتضمن مشروعاً جديداً لتحقيق الوحدة الوطنية المنشودة ومعالجة الأزمة الحادة التي تعصف بالبلاد منذ فترة غير قصيرة وتحمل معها إشكاليات كبيرة للمجتمع العراقي على المستويات السياسة والاقتصادية والاجتماعية. وتضمنت المبادرة نقاطاً جوهرية وثوابت وطنية يفترض ويمكن أن تلتقي عندها الغالبية العظمى من طبقات وفئات المجتمع العراقي وأحزابه وقواه السياسية وأتباع قومياته وأديانه ومذاهبه المختلفة واتجاهاته الفكرية والسياسية. إنها محاولة جادة تحمل معها حصافة سياسية ورؤية واقعية لواقع وحاجة العراق في المرحلة الراهنة، رؤية فيها القبول بالآخر والقدرة على المساومة المقبولة وطنياً واجتماعياً دون خسارة يتحملها أي طرف من الأطراف بل ذات نفع للجميع. إن الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني عام للتحاور حول تلك النقاط الجوهرية تحدث فيها الكثير وكتبت عنها المقالات، ولكنها لم تتبلور بصيغة مبادرة ملموسة ذات نقاط محددة كما وردت في هذه المبادرة الجديدة التي نأمل لها النجاح والتوفيق، خاصة بعد أن بدأت بعض الأصوات الخيرة تتحدث عن أهمية هذه المبادرة وضرورة دعمها وتأييد عقد لقاء قي منتصف شهر كانون الثاني/يناير 2005 للتداول بشأنها، وأن ما ينتهي إليه المؤتمر يصبح إلزاماً سياسياً وأدبياً لجميع القوى الوطنية العراقية.
وليست هناك من شروط على حضور هذا المؤتمر والمشاركة في أعماله سوى رفض العنف في التعامل السياسي بين القوى السياسية العراقية أولاً، وإدانة أعمال الإرهاب والقتل التي حصدت الكثير من نفوس العراقيات والعراقيين، إضافة إلى الخسائر المادية الهائلة التي تحملها الاقتصاد العراقي وتعويق المسيرة الديمقراطية في البلاد ثانياً والعمل على عزل القوى المسببة للإرهاب ثالثاً.
فالمبادرة الجديدة لرئيس المجلس العراقي للسلم والتضامن تتضمن موقفاً واضحاً من مجموعة من المهمات التي تقع على عاتق المجتمع التي يفترض إنجازها خلال الفترة القادمة وأعني بها، إعادة بناء مؤسسات الدولة العراقية، وبضمنها الجيش والشرطة والأمن وفق أسس وطنية وديمقراطية لحماية أمن المجتمع وتطوره السلمي الحر، ونبذ الإرهاب والعنف وإدانة ممارسيه وعزلهم عن المجتمع، والاتفاق على جدول زمني لإنهاء وجود القوات الأجنبية في العراق بما يعزز الاستقلال والسيادة الوطنية العراقية وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1546 لسنة 2005، إضافة إلى مواصلة العملية السلمية لإنجاز مهمات فترة الانتقال ومنها الانتخابات القادمة بغض النظر عن الموعد الذي يتم الاتفاق عليه، سواء بالتأجيل أو بإجراء الانتخابات وفق الموعد الذي يتقرر في هذا المؤتمر، والتزام الجميع بالدعاية والعمل وفق النتائج التي يخرج بها المؤتمر، وأخيراً جعل الأمم المتحدة ضمانة لتنفيذ ومراقبة تنفيذ ما يتوصل إليه المؤتمر.
قبل شهر تقريباً نشرت مقالتين متتابعتين أشرت فيهما إلى أهمية عقد مؤتمر وطني للقوى السياسية العراقية للبحث في موضوع الوحدة الوطنية والاتفاق على ثوابت معينة والاتفاق على موعد الانتخابات وفق واقع وحاجة العراق الفعلية بغض النظر عن تنفيذها في الموعد أم تأجيلها لموعد آ’خر، فالمقدس هنا هو:
1. الاتفاق بين القوى الوطنية ونزع فتيل الصراع بين القوى السياسية العراقية وتعميق الأزمة الداخلية.
2. رفض العنف والإرهاب وإدانة القائمين فيه ومكافحتهم.
3. الاتفاق على تنفيذ المهمات التي تحددت لفترة الانتقال بما في ذلك فترة وجود القوات الأجنبية.
4. وكنت أميل إلى طرح قائمة وطنية موحدة لكل القوى السياسية التي يمكنها أن تلتقي على مبادئ وثوابت مشتركة، ولكن هذه المسألة تترك للمؤتمر والقوى المشاركة فيه وما يتوصل إليه. كما دعوت إلى جبهة شعبية واسعة لمواجهة الوضع القائم ومعالجة الأزمة. وقد وقعت على هذه الدعوة قوى كثيرة من الداخل والخارج وما يزال يمكن التوقيع عليه على مواقع الإنترنيت، إلا أني أفضل اليوم أن يصبح بيان المجلس العراقي للسلم والتضامن، الذي أعلنه السيد فخري كريم، هو النداء الذي أصبحت له الأسبقية في جمع التواقيع عليه وتأييد عقد المؤتمر الوطني المنشود. ويأمل الإنسان أن توافق الأحزاب السياسية العراقية وتستجيب لهذا النداء وتشارك فعلاً في المؤتمر المقترح. أوجه الدعوة إلى المثقفات العراقيات والمثقفين العراقيين في الداخل والخارج أن يسندوا هذا النداء بالكتابة والدعوة للمشاركة في المؤتمر لإنجاح المبادرة، لأنها خطوة مطلوبة على الدرب الأكثر أمناً وسلاما لعراقنا الجديد المنشود.
نأمل أن يحمل العام الجديد أنفاساً طيبة لكل الشعب العراقي ولكل القوى السياسة الوطنية ونجاحات لمسيرتها صوب الحرية والديمقراطية.
برلين في 1/1/2005