في القرن الماضي ظهرت شخصيات وجماعات و أحزاب..في العالم العربي أثرت فيه علي المستوي الشعبي والسياسي والثقافي.. أثرت في وعي الجماهير و في وعي النخبة.. وأثرت علي علاقة هذه المنطقة بباقي العالم.. سواء رضينا عنهم أم لا.. سواء أحبهم البعض منا أوكرههم البعض الآخر..

منهم علي سبيل المثال وليس الحصر... جمال عبد الناصر وسيد قطب.. السادات والشعراوي.. صدام حسين وبن لادن.. الملك فهد وابن باز.. مبارك والقرضاوي.. حزب البعث وحزب الاخوان المسلمين.. عمرو دياب ونانسي عجرم وقناة روتانا وعمرو خالد وقناة أقرأ.. ألخ.. وكما تلاحظون فقد وضعت شخصية سياسية او فنية وبجانبها شخصية دينية.. حزب قومي ومعه حزب ديني..

وأنا في الحقيقة لا أري فرقا كبيرا بين كل شخصيتين أو حزبين وبين تأثير كل منهم سلبا أو أيجابا.. لكل منهما حسناتهما وسيئاتهما ولكل منهما صفات مشتركة.. فالشخصيتان قد تكونا ثوريتين أو تدعي ذلك(حمال عبد الناصر وسيد قطب.. صدام حسين وبن لادن ).. أو تدعيان قدرتهما علي حشد الجماهير و الدفاع عن مصالح الأمة (حزب البعث وحزب الأخوان ) أو ينتميان لنفس المنظومة.. الرئيس المؤمن والفقيه(السادات والشعراوي..) او فكر الوافع والاولويات (مبارك والقرضاوي ) او الضحالة الفكرية والفنية (عمرو دياب وعمرو خالد)
وكلهم في النهاية بشر ليس لهم أي قدسية كما يعلمنا الاسلام.. يخطئون ويصيبون.. يؤخذ منهم ويرد.. ولكن ألا يلاحظ معي الجميع الظاهرة التالية :
نحن نستطيع أن نناقش ونختلف ونتهم الشخصية السياسية أو القومية أو الفنية.. نستطيع أن نهاجم الحزب القومي أو العلماني رغم كون بعضها قد افاد واثر أيجابا في بعض نواحي حياتنا السياسية و أخطأ في نفس الوقت في نواحي أخري دون أن يحدث لنا شيء بل قد يصفق الجميع ترحيبا بالحرية ومزاياها وقد يرفعنا هذا الهجوم علي هذه الشخصيات والاحزاب الي مصاف الابطال والاحرار.. ولكن ان حاول اي منا الاقتراب من الشخصية التي تتحدث باسم الله أو الدين مهما كانت نتيجة فكرها أو تصرفاتها خاطئة ومهما أدي هذا الفكر او كونها قدوة الي سلبيات رغم وجود بعض الجوانب الايجابية فيها التي لا يمكن انكارها مثل كل شيء آخر في الحياة وتماما مثل المجموعة الاولي.. انبري لنا الكثيرون ممن يحبون الله ورسوله والاسلام فعلا أو في الغالب ممن يحاولون التسلط علينا باسم الدين.. دفاعا عنهم وكأننا نختلف مع الاسلام نفسه ومع الله...نجد من يروج لمقولة غريبة وغير مفهومة أن لحوم العلماء مسمومة!!! ومن يحاول أخراجنا من الملة لأنه خلط سهوا أو عمدا بين الاسلام و بين البشر ممن يتحدثون باسمه.. وكل من يصادرون حقنا في المناقشة يضعون آية من القرآن أو حديث في بداية كلامهم أو اثناءه لأرهابنا وثنينا عن مناقشة محتوي خطابهم وجوهره ولأظهار كل من يحاول الاعتراض علي هذا الخطاب وكأنه يعترض علي كلام الله وعلي الاسلام

أنها ظاهرة تستدعي الدراسة.. وهي ظاهرة تجعلنا دون أن ندري نضع قدسية لرجال الدين مهما ادعينا العكس و جعلتنا نخلق كهنوتية منهم حذرنا منها الله ورسوله مهما ادعينا العكس أيضا...

كهنوتية هي اشد قسوة وقهرا من كهنوتية الكنيسة في الغرب في العصور الوسطي...
سؤال بسيط لماذا نستطيع أن نهاجم ونختلف بشدة مع عبد الناصر والسادات ومبارك وصدام ولا نستطيع ان نفعل نفس الشيء مع سيد قطب والشعراوي وابن باز والقرضاوي وعمرو خالد.. هل هم كائنات خارقة لهم قدسية لا نعرف مصدرها.. هل هم كائنات خارقة لا تخطيء.. رغم أن الواقع يقول عكس ذلك فهم مثل المجموعة الاولي تماما لهم حسناتهم ولهم أخطائهم علي مستوي الفكر وعلي المستوي الشخصي

لماذا نستطيع أن نهاجم حزب البعث و أفكاره بينما أن فعلنا نفس الشيء مع القاعدة وحزب الاخوان المسلمين قامت الدنيا ولم تقعد وكأن حزب الاخوان و القائمين عليه والجماعات التي انشقت منه وعلبه لم تقترف أخطاء وصلت الي حد الكوارث كما حدث مع البعث وغيره تماما...انه سؤال محير فهل يعرف أحدنا عنه أجابه

أنها ظاهرة تستحق التأمل وهي المعوق الحقيقي للتحول نحو الديمقراطية مثل حكوماتنا

تماما.. فهل هناك من تفسير.. وهل هناك حل

د. عمرو اسماعيل

[email protected]