- تمهيد -

عندما بدأت طلائع مغامرى أوروبا فى الوصول – زمن الكشوف الجغرافية – لسواحل أفريقيا و آسيا و الأمريكتين، كان لبعض الخرز الملون و الأغراض و الهدايا التافهة فعل السحر فى الترحيب بهؤلاء القادمين البيض
و كان هذا أول الغواية... ثم تبع ذلك بعض زجاجات الخمر و قطع السلاح، ثم الألقاب و الرتب و النياشين، و كان هذا وقتها كافيا لاقناع هذه الشعوب و القبائل الساذجة بالاستسلام لغواية الأجنبى
و ما أفدح الثمن الذى دفعته و ما زالت تدفعه أمم و شعوب حتى هذه اللحظة جرّاء الاستسلام لغواية الخرز الملون!!

-1-

مثقلون نحن من المحيط الى الخليج بأعباء تهد الجبال: أعباء تبدأ بالسعى المجهد العنيف وراء لقمة العيش، ولا تنتهى بالحرمان من التعبير الحر الصحيح عن الرأى، مرورا بالتفرقة الوضيعة بين البشر على أساس الجنس أو العرق أو اللغة أو الدين
و لأن القهر علاقة مركبة، فان الانسان المقهور لابد له حتى يواصل احساسه بقيمته _ ولو كذبا و خداعا للذات _ من أن يمارس هو نفسه علاقة القهر على من يراه أضعف منه
هكذا تكتمل دائرة الشر التى تخنق الوطن و تقطع شرايين تواصل بعضه ببعضه، ثم تمتد لعنة القهر المركّبة لتشمل شعوبا بأكملها تمارسه على من وجد فرصة عمل لديها و أتى من بلده حالما بلقمة الخبز... فاذا بها مغموسة
فى القهر و اذا بدائرة الشر تصبح بحجم رقعتنا الجغرافية بالتمام و الكمال

مسلم/ مسيحى / بربرى / كردى / نوبى / آشورى / مصرى / فلسطينى / سعودى / كويتى / حاصل على جنسية / بدون جنسية / درزى / سنى / شيعى / مارونى / قبطى / صعيدى / بحراوى / شمالى / جنوبى /..........

من يقهر من؟ داخل المدرسة.. و قسم الشرطة... و الشركة... و بوابة الجمرك؟
لم نكتف جميعا شعوبا و قبائل بكوننا محرومون من أبسط الحقوق التى يتمتع بها الآن سكان تيمور الشرقية أو حتى بلاد واق الواق.. حقوق الكرامة و الانسانية و المواطنة الكاملة فى أوطان عزيزة الجانب يحسب حسابها الأعداء و الأصدقاء
لم نكتف، بل انقض بعضنا على بعض.. يتفاخر أحدنا بأنه فضل المسلم على القبطى فى احدى الوظائف، و يتفاخر آخر بأنه أعطى تلاميذه المسلمين أقل الدرجات
و أصبحت الأغلبية فى كل وطن من أوطاننا تضطهد الأقلية، و بالتالى أصبحت الأقلية تكيد للأغلبية، و صرنا جماعات و طوائف.. تلجأ كل طائفة أو جماعة الى امامها أو شيخها أو راعيها أو كبيرها ليصبح له القول الفصل فيما يعرف و فيما لا يعرف فى أمور العقيدة، و فى أمور الحياة العامة... ثم حلت الكارثة فأصبح له القول الفصل فى أمور السياسة، و فى أمور الوطن!!

و هكذا... و ببساطة، عدنا الى زمن زعماء القبائل البدائية الذين أغواهم الخرز الملون


-2 –

قبطية رأت أن تعتنق الاسلام..... مسلمة تركت الاسلام لتعتنق المسيحية
هيييييه، جوووووووووون
المسلمون صفر و المسيحيون واحد!! لا، لم تنته المباراه، فهناك ضربة جزاء صحيحة لم يحتسبها الحكم... اذن، فليحتج المشجعون.. و ليبدأ الطوب!
نريد حكما أجنبيا.. و ياحبذا لو كانت له سوابق " مثيرة لكل الشبهات " فى التحكيم، و يا حبذا لو كان قد أصدر قانونا " أكثر شبهة " لحماية حقوق الأقليات فى أى مكان يعجبه من العالم
لا... لا حكم و لا مباراة من الأساس... أين الأمن المركزى؟!!

-3 –

و هكذا أصبح لكل طائفة و عرق و دين مجموعته المفضلة من الخرز الملون
الخرز الملون الذى يبشر هذه الطائفة بألفيتها السعيدة و نصرها النهائى و ادراك ثأرها القديم
أو الخرز الملون الذى يعلى راية هذه الطائفة و يمكن لها من الأمر و يبسط كلمتها فى الآفاق
و فى النهاية.. لن تعلو سوى راية القادم الأجنبى حامل الخرز الملون على جثثنا جميعا مسلمين و أقباطا.. سنة و شيعة.. عربا و أكرادا
و تابعوا فقط _ بين شوطى المباراة _ أخبار العراق.


عادل سلامة / القاهرة