عذرا للمسيح

لاجدوى ياسوع
نيقولاس/المسيح يصلب من جديد

لله تسعة وتسعون اسما
جوديث ميلر/نيويورك تايمز


ان تتوضأ بابريقك... غيره ان تتوضأ ببريقك... دموعك دائما اكثر طهرا من ماءك.
ان تنحني في صلاتك...غيره ان تصلي في حناياك... داخلك دائما اكثر وجودا من خارجك.
ان يغتسل جسدك وراء حانة نفسك.. غيره ان تغتسل نفسك امام حانة جسدك.. خطيئة عارية اقل عهرا من خطيئة مقنعة.


لاباس ان امسح مع المسيح بعض الاوساخ عني دون ماء..الكلمات احيانا تكفي وضؤي.. فليس الماء دوما طهارة ،كما ليس الطهارة دوما ماءا... اذ لطالما يتوضأ الانسان للاشياء بدمه او دموعه او حبره او حتى الامه.. احيانا يتوضأ الانسان بحزن او كلمات او اماني تجمعه في صلاة لايبلغها بوضوء البحار... فيصل الى وجه الله قبل أي قديس رسمي من مسجد او كنيسة.. لذا تنهد الحلاج.. ؛ (ركعتان في العشق لايصح وضؤهما الا بدم)...هذه أعظم ماقالته الصوفية في وجودها ، بل اعظم ماقالته العرب في تمردها اللغوي، بعد علي ابن ابي طالب في حزن البلاغة.

...كذلك ايها الحلاج... ان كلمتان في الحق لايمكن كتابتهما دون صليب..

الوضوء/الطهاره، لايمكن للفقهاء ان يجدوها في وجودهم دون ماء.. كون وجودهم مغلق في مدارات لايمكن لها ان تلوح ثمانية وتسعون اخرى في الحياة.. كما لايمكن ان يجدوا خيرا في تارك صلاة او شارب خمر او عاشق متدلي جسديا لآخر ، وان ضحى لصلاة الاخرين وسكرهم وعشقهم.....
هنا لردم الدلالة التقليدية التي تسكن كل سيميائية في اذهاننا مع اللغة واشاراتها البكر..كونها قد اغتصبت واغتيلت واسكرت لتتطوح في غير دلالاتها- كما هو في حلقات سكر المفاهيم- بما اراده السلطان والتاجر والفقيه.. لابد ان تبتعد اللغة عن عرصات المؤسسة التقليدية ، تنظر من بعيد/ بحثا عن معان اخرى... فالاسماء ليس ملكا لاحد، قد تسجن ، تُشترى، اماءا وعبيدا، ولكن لابد من فارس يعرف كيف يركب صهوة اللغة ليحررها من معاجم المصلحة والجهل والخوف، سيما اذا كانت ذات نسب نبيل..

النقاء ،البراءة، التجرد.. نشف داخلك من كل فكرة / عد جاهلا لدينك ، لعشقك، لاهلك، لنبيك، لاالهك.. كل ماقالوه لك...طلق كل شي حتى احلامك.. اغسل نفسك في زمزم اخر اقصى الصحراء، لم يمروا عليه.. بئر تغسل كل اوثان اللغة التي اسكنوها كعبة روحك...
كن غبيا في معاجمهم تكن ذكيا معها... هذا وضوءك.
حينها ستجد في الطريق ينابيع من هنا وهناك قد تكون مرّة، مجة المذاق، قد تتذوق اياما مؤلمة، لاتحرم نفسك ان تتوضاء بها، استمر في اسباغ وضوءك... احيانا تقفز عليك دمعة في الطريق تكفيك.. فالعيون التي تغتسل بدموعها مرة..تضل نقية ابد الدهور. كما قال جبران في دهره.
ماذا تفعل ، انك الانسان.... احيانا تحتاج الى الرماد، لذا كان الرماد لون تاريخك، والاوراق التي تكتب عليها تاريخك تغدوا رمادية بعد حين، شئت ام ابيت.. ستعرف بعد حين ان مجد الرماد دائما ابقى من مجد الذهب... رماد كربلاء كان ابقى بكثير من ذهب يزيد.
لابل تحول الرماد ذهبا في كربلاء.. فتحول ذهب يزيد وحلا..


# # #


لم ابن اسلامي يوما على وجه يقمع معه وجها اخر يجاورني بفكرة اخرى تمس حتى الهي، طالما ان الهي يسمو على ذلك، والا لما كان الها، كما لم ابنه يوما في حدود يمكن ان تفصلني عن الانسان ، اوتجعله خادما او عدوا او عبدا.. تبعدني ان اندمجم معه، او اكون معه علىاقل التقادير اخا.... كنت اهرب من كل فكرة ينتجها التراث اذا ماوجدت فيها تقيدي في عالم من الوحي يمنع عني أيا كان في مشاركتي الحياة ولو بوحي مزور... كل فكرة تفضي لذلك متهمة لدي حتى دون ان ابحث في اصلها مع الحق.. كما هو مثلا، حينما انزع عن دربي كل فكرة او ايديولوجية تحمل شيئا من الطبقية دون أي تمحيص، كما هو مع كثير من فتاوى الفقهاء فاقعة الطبقية باسماء شتى بدءا من مقولة قريش ونهاية بمقولة الشأنية..

لم ابن اسلامي على ذلك... مذ قراءت وانا صغير، ما مر على جبران خليل جبران في صغره ليرويها بعد ذاك؛ جاء بائع العسل واللبن على حماره يتجول في مداسات قرية بشري اللبنانية.. يراه جبران من نافذة بيته، جاءت احداهن تشتري ، عرف انها من غير طائفته(رغم مسيحيتها)، لم يعاملها كما ينبغي...تركت الشراء بنفرة..خرج ابو جبران للبائع ومعه لهفته، وكله ترحيب لصاحب الحمار، حتى اخذه الى المنزل مضيفا اياه.... استغرب جبران لذلك، سال امه متالما، لما ذلك... اجابته؛ ان صاحب الحمار من طائفتهم دون المراءة...انها ليس مارونية..ليس منا... هذا ماجعله يطرح فكرة الدين الواحد بوجدانية طفولته الاولى تلك.

مذ ذك وانا ايضا احملها معي.. وجدانا يحاكم سلفا كل الافكار التي تمرعلي في ديني او فكرة اخرى انفتح عليها هنا او هناك، سيما ان الحقيقة لاتنزل في مكان واحد، ولايمكن ان تُملك ابدا....
الحقيقة دائما تملكنا حين وقوعنا عليها، كاي اميرة او جارية نظن اننا نملكها حين شراءها ولكننا بمجرد ان نعانقها تملكنا.. لاجل ذلك وجد كيركجارد ؛ (ان الحقيقة فخ او شرك لاتستطيع ان تمسك به دون ان تقع فيه...
انك لاتستطيع ان تصل الى الحقيقة بتلك الطريقة التي تستطيع ان تصطادها بها، بل فقط بتلك الطريقة التي تصطادك هي بها...)
صحيح، هنالك طريق يتعلق باقدامك.. مهما اردت ان تنعطف عنه انعطف معك..تعي بعد حين ان اقدامه تريدك لااقدامك تريده.. اذن الطريق هو من يسير بك.. لذا على المثقف الحقيقي ان يقتنع بقدره مهما كان مؤلما، فالطريق اراده ، وليس هو... تماما...تماما كالنبوة هي تاتي الانبياء متى ماكانوا اهلها.. الامر مشابه ولو لغويا وبجانب فلسفي غائص كلمة علي ابن ابي طالب في الرزق؛ الرزق رزقان ، رزق ياتيك، ورزق تاتيه../قريب من النص
بالتاكيد للامر شروطه الوجودية في سنة التاريخ مع الفرد.. فهناك شروط وجودية خاصة بالمثقف الديني غيرها مع الثائر وغيرها مع العاشق.. وهكذا.. كل له شروطه الوجودية التي يكون بها جديرا بتلك الصفة.. فالشرط الوجودي لباقر الصدر مثلا كي يكون تاريخا ويحمل صفة المجدد غيرها مع خالد الرحال كنحات.. وغيرها مع نابليون كمحارب.
المثقف شرطه الوجودي عادة مع الكلمة،النحات مع فنه، المحارب مع سيفه مهما كان طاغيا..طالما المسالة هي صفة محارب.

عموما، لتلك القصة قال جبران؛ ولدت مسيحيا... ان اصحاب المذاهب والطوائف لو نزعوا رداء مذاهبهم لوجدوا انفسهم في دين واحد.

فقط وفقط.. ديني ابني وليس انا ابن الدين.

لم يعد المسيح في وحي اخيه محمد، بعد وحي الفقهاء اخا قرانيا....ولم يعد القران في عيسى واقعا نبويا ينتمي الى رسالة محمد، كما ينتمي الصحابة والتابعين ومن بعدهم من رجالات الاسلام.

عيسى يعيش بين المسلمين(في ايدي الفقهاء)خارج الرسالة دائما، لان صليبه يحمله الصليبي كتاريخ صراع، في وجه قبلي محض.. رغم ان من رفعه الصليب/المسيح، غيره من رفع الصليب/المسيحيين... ماذنب عيسى انه حورب باسمه، سيما المحارب من عامة الناس، الحراب صنعت بنواقيس القساوسة... ليس قبح ذلك يرد بقولنا وكأن الاسلام دين نبينا محمد دون ابراهيم وموسى وعيسى، بل وليس كأن الاسلام دين قبيلة او قوم او جغرافية ما.. لابل وكأن الاسلام هو الدين وحده فقط دون دين عيسى وموسى وابراهيم قرانيا...هذا الكلام يضرب القران عرض الحائط. ويضع للناس كلام الفقهاء..
بين ايديهم الاية ( ان الدين عند الله الاسلام).. بالتاكيد يفسرون الاية ضدها تماما.. لديهم لغة رياضية قوية..يقولون الاية تقريرية بـ(ان) ، وحصرية (منحرفة)حسب الاصطلاح المنطقي في تركيب الجملة، اذن لديهم (الدين=الاسلام) والباقي هراء.. اعتقد ان افضل تعريف للارثوذكسية المعرفية هو؛ الباقي هراء...... معنا الحقيقة والباقي هراء.
بالتاكيد تُفرض كل المسبقات التاريخية بشتى اتجاهاتها النفسية والاجتماعية،السياسية والاقتصادية وغيرها، من هنا وهناك، لتقراء الاية بهذا القراءة الجاهزة. بينما المولود او الناشىء خارج العقد التاريخية والفقهية يجد الاية تقول بكل وضوح ؛ ان الدين منذ ان كان الرسل، هوالاسلام، سواء ارسله الله تعالى بعيسى او موسى او ابراهبم (ان ابراهيم كان حنيفا مسلما)، أي انه ليس اسما خاصة بالرسالة الخاتمة.. ديننا خاتمةالاسلام، وليس الاسلام خاتمة الرسالات..

الله لايوسس كل فترة حزبا..حزب الله واحد.. فقط،، الله يرسل كل فترة رسولا لحزبه.

اذن الاية بتعبير اخر تكون؛ ان الاسلام دين الله. ساعة يكون بيد المسيح وقرنا مع موسى... لامجال للدخول سيمائيا مع مفردة الاسلام، سيما بحدس جمالي معرفي مع مفردة؛ (مسلّمةلاشية فيها).. فيما كان مع بقرة موسى قرانيا...كنت اتمنى ان ادخل معها لولا الاهتمام الآخر للمقالة.

ماكان في عيسى قرانيا وحصته الشخصية الكبيرة هناك هو أعظم بلا قياس حتى مع العهد الجديد(الانجيل) نفسه، وفي كلام تابعي المسيح نفسه... ولكن في الواقع الاسلامي الامر بعيد جدا عن هذه المنزلة.

اذن بين القران والمسجد مسافة افتراق كبيرة.. في كثير من جهات الانحطاط..ولعيسى جهة من ذلك......لذلك لم يستطع المسجد ان يتسق مع الكنيسة باي خيط ، رغم كل الخيوط التي تجمعهما،وقبل كل شي خيط السماء.. الكل يقول خيطي ، ومادروا انهم قطعوه بكلامهم هذا.
بكل بساطة مانراه؛ هو ان الكنيسة ليس للمسجد، وكذا العكس.. المفروض ان هذا يشير الى ان محمد ليس لعيسى والعكس كذلك.. ولكن هذا خلف، حسب البرهان الفلسفي التقليدي.... اذن الكنيسة والمسجد على خطاء لانهما خلاف انبياءهما تماما... الازمة مع رجال الدين في الطرفين ليس الا.. الناس مساكين.
في المسجد لاوجود لعيسى كما هو قرانيا...اذ لم ينزل المسيح في الواقع الاسلامي كما اريد له قرانيا... بحيث يتحرك معنا كرمز اول الى جنب نبينا طالما انه الى جنب محمد في الوجود، عين جبرائيا نزل عليهما، ولااضنه يخطئ في اعداء الله، استغفر الله..
دائما، ليس المهم بما تعتقد..المهم كيف تعتقد... ليس المهم بماذا تؤمن المهم كيف تؤمن... ليس المهم من تكون..المهم كيف تكون... هنا ليس المهم اننا نؤمن بعيسى نبيا من اولي العزم له مكانة كبيرة في قراننا.. المهم هو كيف يكون عيسى في واقعنا.. وان تبناه عدوا مهما كان صالحا او طالحا.. المسيح غير المسيحي... كما الاسلام غير المسلم.

هنالك بعد معياري، اعتقد انه وجداني واضح جدا في مفهوم الصحة في وجود الفرع وعلاقته بالاصل.. يقع هذا البعد في فكرة (التوحد) والانسجام، لتاكيد الانتساب بين الفرع والاصل..اوما هو مقرر فلسفيا باسم السنخية.. وهذا ماتخلوا عنه اكثر الاشكال الممثلة للاسلام، سيما على مستوى الاحكام... وهنا الانتماء اكثر الاحيان معياريا يكون مع القران في كلياته او المفاهيم ومحدداتها في المقاصد، واخيرا فلسفة المعنى، وتطبيقاتها مع الرموز الابهى وجودا في التاريخ الا سلامي. يمكن بهذه الفكرة محاصرة كثير من الافكار المنسوبة الدين والمنطلقة من المسجد تبليغا.. في علاقة الفرع بالاصل ومدى السنخية معها.


هناك اسماء كثيرة للمساجد باسم رجالات التاريخ الاسلامي او باسم اناس من هنا وهناك..وكذا الامر مع الكنائس بحملها اسماء تاريخية تنتمي لها....
اريد يوما مسجد عيسى او كنيسة محمد... ابدا لايوجد ذلك.
حملت المساجد اسماء اعداء الله وقاتلي انبياء ولو بفكرهم.. باسم سلاطين وفقهاء وتجار قتلوا الناس واستحمروهم وجوعوهم.. وكذا مع المسيحيين في كنائسهم.
مد الفقهاء هذا البساط في الموسسة الدينية مع السلاطين ونزاعهم التاريخي وفكرة الصليبية سواء بقصد او دونه، مع مجال نفسي لاشعوري تاريخيا، غدا معها المسيحي؛ ند، محارب، مشرك، متربص، عدو، ذمي... فعّل الفقهاء ذلك في مدارات فقهية، رسخت في الطريق مع الجماهير الذين لايعرفون اصل الفكرة.. وغدت آلية تلقائية في التعامل مع المسيحي ليفرض ذلك نوعا من الحاجز الطبيعي للتعايش معه.. سيما ان هذه الاطر الفقهية اخذت شكلا الزاميا شرعيا مع الجماهير.
الكتابي نجس.... مااثقلها من فتوى اصابت مقتلا في التعايش... اننا نسبهم من بعيد..مااثقل ان يقال لك نجسا وانت انسان متدين بكل الاحوال...
الغريب انه لاوجود لفتوى تنجيس في حق الكافر او غير المتدين عموما كالملحد مثلا، بينما مع المتدين المسيحي تبرز الفتوى... استغرب رؤية الفقهاء اين تركد.. الزاني، السفية، القاتل، الطاغية.. ال.. اذا كان مسلما فهو طاهر، بينما المسيحي الشريف الذي يخلوا من تلك الصفات السيئة يكون نجسا، فقط كونه كتابي... الى اين يذهب الفكر البشري لااعلم...
اذن اجتهاد النجاسة خارج عن الدين تماما بل هو ضد الدين.. ولايمكن اعتباره فرع للاصل (القران).....
الاية المرتكز عليها في التنجيس ماديا(انما المشركون نجس) لاتملك ان تقول ذلك ، ولاحتى النجاسة المعنوية كمايرى المتنورين بحال احسن، طالما ان المعنوية هنا تشي الىالرؤية الكونية فقط في خصوص الله وليس البعد الروحي الاخلاقي القيمي.. اذا كثير من المسيحين هم في طهر روحي واقعي يذوي امامه البعد النضري الخاطئ.
مسالة النجاسة اذن كناية هنا الى اي بعد نضري خاطئ حد السفه، بحيث يكون وجه الكناية القرانية في ان الفكرة تكون احيانا مجال الانتشار والانتقال الى الاخر او النقي فكريا كأرض خالية.. كون بعد العدوى هو اللازمة الاولى للنجاسة..
ايضا رفض النجاسة في جهتها المعنوية، يتاكد بقصةالامام علي واطلال الكنيسة التي اختلى بها ليغتسل وهو في طريقه الى صفين ، قال له صاحبه حين دخلها معه: لكم ثلث الله هنا...قال له الامام، ابدا، قل ؛ لكم عبد الله هنا.. انهم اناس طلبوا الله فقيل لهم هنا/ قريب من النص.

صعب جدا وغريب ايضا ان تسمع مسلما ذهب لكنيسة وكذلك مع المسيحي في ذهابه الىمسجد..وكان الامرحرام....
دعيت يوما الى رحلة مع طلبة دين اصطيافا، من برامجها كنيسة( تقلا) كأثر سياحي وتراثي جميل، على بعد50 كيلومتر شمال دمشق، وصلنا الىالمكان، كنيسة قديمة في زاوية من الجبل كلشيء فيه يتحدث عن فن الانسان حينما يكون قديسا... تشعر امامه بوجود ار... تنطبق عليه مااردده دائما؛ انه جبلا جدير بالنبوة...انها عيون جديرة بالعشق.. انه حدث جدير بالكتابة.
كان هناك نبع يقال انه من كرامات القديسة تقلا،ا نبجس لها ولم يتوقف منذ ايام ان طاردها السلطان الروماني في بيزنطة الشرقية... لم يشرب الطلبة من النبع، لماذا يامساكين ؛ قالوا انه نجس.... احبطت كثيرا واشفقت عليهم..كيف سيلتقي هولاء مع المسحيين في دين واحد وهم لايشربون حتى ماءهم.. ولكنهم يشربون نساءهم.. مالفرق سبحانك ربي بين المائين.. كلاهما خلقت.. ولكن ضاهرا مايمنحه الليل غير مايمنحه النهار في الحلال والحرام.
ليس المشكلة في الخلاف الفكري بين الاتجاهيين، وانما هو في الواقع الذي يفرض الاندماج.. لاباس ان احمل انا فكرة اسلامية توحد الله، وانت مسيحية تثلثه..لاباس في ذلك المهم ان نبقى جالسين الى مائدة واحدة، ولنؤجل ذلك الى الله... ولكن حينما يصل الامر اني لاامد يدي الى طعامل اوشرابك.. لااتزوج منك.. هنا الكارثة.
المهم شربت منه ودعوت مع الشرب.. ومازلت اشرب من المسيح.. الى قبل ايام في ليلة الميلاد، كنت هوميروسيا في تجوالي بربابة اغريقية لها وجه تموز الاسيوي.. ذرعت دمشق اذرع بها ايامي التي مضت، ابحث بخطا يسوع متوسلا باسمه ان يحملني معه رغم خطاياي، كما حمل معه مريم المجدلية بكل ماضيها الجسدي.. اتوسل اليه ان يريني خطا قديمة، كنت اسير بها في الشام، سرت بخطاه دون شي من ارادتي، اطلقت لللاشعور صوفيته.. جرني الى اطلال لي، هنا وهناك، اردت قدم عيسى هناك..لم اجد.. ،.. قدم عيسى مازالت بعيدة عني ، ربابتي السومرية انشدت عند الاطلال لوعتها، ولكن عيسى لم يطل بامنيتي... الناس تركض لتحتفل، ترقص وتغني تعربد، بعيدا عن عيسى.. غريب امرنا مع الرموز في ادياننا، نخلدهم عكس ماكان في خلودهم... اوكلت امنيتي الى يسوع، سيما في يومه ذاك....مازلت اظن ان هذه الايام المرتبطة بالمتالمين(ولادة او موت او حدث بينهما)، في قدسهم، لها وجود خاص بين الايام.. كما روى عني عبد اللطيف الحرز اني كنت في القسم الداخلي ايام قم، ان الايام تتكدر وتصفو بمناسبات الائمة.. مازلت اظن بتلك الفكرة العجائزية ايها الغريب اكثر مما مضى..كل ذلك يعود الى وحدة الوجود بشكل اخر مغاير تماما للصوفية.. مع ان عين هذا الاعتقاد.. هو منهج صوفي لحقيقة الوجود لايمكن ان يدرك الا بالصوفية..

هنالك؛ رددت دون اناي؛ عذرا يايسوع.. ليس لك مسجد يؤذن... عيسى نبي الله.. عذرا يايسوع... كنيستك كذلك.. ترتل شيئا من كلمات نسبت اليك، ثم يذهب الجميع الى زوايا جئت لتحول دونها، الى زوايا لاتحمل وصية واحدة من وصاياك العشرة..

.. وجود المسجد باعتبارها البيان الديني للمؤسسة التقليدية ومن ثم الى الجماهير التي تصدر عنه بكل جهلها، تاركة حساب ذلك لرجل الدين بعنوان رجوع العالم للجاهل... وجود الزم الجماهير حالة سيئة لم يدفع ضريبتها غير الجماهير انفسهم في علاقتهم مع الاخر ومع انفسهم، سواء في الدين الواحد بين مذاهبه او بين الاديان.
المشكلة مع الفرد ان تشرب عقليا بافكار تاريخية تشبع معها دون ان يترك له مساحة يمكن ان تمتص وجها آخر الا باستفراغه للقديم... فلم يستطع ان يذهب الى الاشياء مباشرة وا ستنطاقها في وجدانه.. كما استنطق جبران في قصة طفولته تلك المعاني الفاسدة طائفيا في وجدانه... كان (جيل ديلوز) المتخصص بافكار نيتشة يرى ان لكل شي لغة، هي نوع من الحديث الصامت للضواهر، وهو محل الاستنطاق الذي يراد به مما سبق في فن الوجدان...سيما اذا عرفنا ان الوقوف على الشي يتم من خلال اثاره.. وهذا مالم تمنحه الجماهير واقعا، بعيدا عن رجل الدين، لقد اوقعهم في اكذوبة؛ انك لاتستطيع ان تتكلم مع الله مباشرة، ولن تعرف مايريد دوني...
الخطاء هنا ليس في العمى وانما هو في الجبن كما يقول احد الفلاسفة..
بعد يوم شعرت بعيسى يمشي ببعض امنيتي.. لااعرف قدرها... لكني عرفت معها، حتما، ان لله تسعة وتسعون اسما...
رغم هذا صحت؛ لاجدوى يايسوع.
[email protected]
دمشق