من أجمل التعاريف التى سمعتها عن الجنون: أن تعيد ارتكاب نفس الشىء مرارا كانت خيبة امل كبيرة جدا، أن تخرج علينا أحد اصدارات مؤسسة الأهرام المصرية العريقة،جريدة الأهرام العربى، بمقال محزن، كتبه شخص يدعى عاطف حزين فى العدد 405 الصادر بتاريخ 25 ديسمبر 2004، والسبب فى خيبة الأمل هو الصدمة فيما قام به هذا الشخص، عاطف حزين، من توريط لاسم نعتز به جميعا - مؤسسة الأهرام - فى التطاول على أحد رموز مصر، و أقباط مصر، قداسة البابا شنودة الثالث.

وليست هذه أول مرة نصاب فيها بخيبة أمل فى هذه المؤسسة العريقة، بل تسبب فيها من قبل الدكتور زغلول النجار بكلامه الذى فاق كل شيءعن مقدسات أقباط مصر، و السيد الاعلامى المخضرم و الذى سمح لمتطرف أن يصف بابا روما بأنه "رأس الكفر"..،وكلام آخر عن الأهرام العربى أنها عرضت بعض المواد التى تتضمن تعريضا بالكتاب المقدس، ومؤخرا..

السيد فهمى هويدى بمقاله التحريضى بتاريخ 21 ديسمبر بجريدة الأهرام والذى على ما يبدو قرأه السيد حزين و استقى منه ما كتب..

ما كتبه السيد حزين لا يبعث على الأسى فقط من حيث هول الاتهامات التى وضعها فيه، وانما كذلك من حيث افتقاد سيادته للحد الأدنى من اللياقة وهو
يتحدث عن شخص مثل قداسة البابا..،

كنت أتصور أن تكون مؤسسة الأهرام على درجة من العراقة تتناسب مع العمالقة الذين أخذت عراقتها منهم، مثل توفيق الحكيم، أحمد بهاء الدين
و يوسف ادريس.. الخ، و لم أكن أتصور أن تذهب هذه المؤسسة يوما ما الى هذا المستوى..

كتب السيد حزين عن قداسة البابا ما معناه ان الوطن منكوب بانتساب قداسته اليه...‏
و كتب سيادته عن قداسته أنه ممن "يخدعون أبناءه بعذب الكلام‏،‏ وينفثون سمومهم بعيدا عن الكاميرات والميكروفونات‏" كما قال عنه سيادته "جاء
الرجل بالقديم والجديد وبدلا من أن يضطلع بدوره كرجل دين وليس رجل سياسة قام بصب الزيت علي النار تاركا العباسية الي وادي النطرون ليفجر
أسئلة كثيرة‏،‏ ضاربا عرض الحائط بأنه رجل دين وليس زعيما سياسيا رجل دين يحتوي أي فتنة في مهدها قبل أن تتطاير وتتفاعل وتصيب المجتمع في
مقتل‏.‏ فماذا يريد البابا علي وجه التحديد" ثم استمر سيادته فى كتابته بقوله "مصر ليست وطنا نعيش فيه‏،‏ ولكنه وطن يعيش فينا‏.‏هل يجرؤ البابا شنودة بعد فعلته الأخيرة علي ترديد هذه العبارة مرة أخري؟ "
وهو هنا يتحدى قداسة البابا ظنا منه أن عملاق بحجم قداسته سيعيره هو ولغته أدنى اهتمام..
ثم استرسل سيادته كاتبا عن قداسته "ربما يفعل لكن أحدا لن يصدقه‏،‏ حتي شعبه القبطي لن يحمل هذه العبارة علي محمل الجد‏،‏ فكيف
يزعم الرجل حبه لوطن أوشك أن يضرم فيه نيران الفتنة حين ترك الشظايا تتطاير ولجأ إلي دير الأنبا بيشوي" ويبدو أن سيادته شحن نفسه عاطفيا - أو أن هناك من شحنه - قبل كتابة مقاله فاستهل مقاله بعبارت سجعية جناسية بلاغية ضعيفة "مطعون هذا البلد ممن يتغنون بحبه في كل مناسبة غنائية‏،‏ فإذا ذهبت ساعة الغناء‏، وجاءت ساعة البرهان يذهب الحب كما يذهب غثاء السيل‏!‏‏'‏مصر‏'‏ ليست وطنا نعيش فيه ولكنها وطن يعيش فينا‏‏'‏ قالها البابا شنودة كثيرا بصوته الرخيم وغنائيته الفخيمة ورددناها جميعا خلفه في صوت واحد‏:‏ مصر ليست وطنا نعيش فيه ولكنها وطن يعيش فينا‏.‏ما أسهل الأقوال حين تظل أقوالا‏،‏ وما أصعبها حين تصير أفعالا‏،‏ لكننا عشنا حياتنا مدمنين لخمر الكلمات‏،‏ تأخذنا نشوتها بعيدا إلي سماوات من الصدق الكاذب‏،‏ وحدائق من الورود المجففة الميتة‏،‏ حيث لا حياة ولا عبير ولا نبض يسري في عروق وطن"، و الواضح أنه اما أن سيادته كان شاعرا فاشلا، أو أن سيادته نقش هذه الكلمات من شاعر فاشل..
أيا ما كان، كننا ننتظر من مؤسسة عريقة مثل الأهرام أن تكون على مستوى المسئولية وأن تحترم جميع قرائها بدلا من أن تسمح بهذا التجريح الذى لا تنزل اليه حتى الجرائد الصفراء، و لا يشفع للجريدة أن سيادته ضعيف فى استعمال التشبيهات اللغوية وأدوات اللغة و بالتالى فقد أساء التعبير.. فليس هناك شيئا يبيح مثل هذا المستوى الذى ذه اليه فى مقاله..
وأخذ معه جريدته و المؤسسة العريقة اليه..

كان بامكان المذكور أن يطلب من رئيس تحرير الجريدة، الأستاذ أسامة سرايا، أن تجرى الجريدة حوارا مع قداسة البابا لوضع النقاط فوق الحروف
وتوضيح ما حدث بدون تكهنات أو مضاربات أو تطاول.. بدلا من الانحدار لهذا المستوى غير المسبوق.. و الذى نرجو ألا يتكرر..

نرجو من كافة العاملين فى هذه المؤسسة العريقة أن تكون المادة المقدمة فى جميع اصداراتها خالية من التجريح وخالية من الاتهامات الخطيرة، والتى
لا تستطيع النيابة نفسها أن تقدم عليها الا بعد فحص عميق لكافة جوانب الموضوع..، و نرجو كذلك بهذه المناسبة أن تكون المؤسسة العريقة
على مستوى المواطنة، وأن تبتعد عن أى مادة تمثل تجريحا لمشاعر الأقليات الدينية سواء عن طريق سب المقدسات بحجة أو بأخرى، أو سب
الرموز.. بحجة أو بأخرى..

عماد سمير عوض
ولاية نيو جيرسى الأميريكية