وصلتني رسالة عبر الايميل تحمل اسم الدكتور " فلان " من أحد الدول الخليجية ، وتدعو تلك الرسالة إلى مقاطعة الكوكا كولا الأمريكية من أجل الإضرار بالاقتصاد الأمريكي ، وكأن الاقتصاد الأمريكي قائم على تجارة الكوكاكولا. وقد أرفق الدكتور الذي لم أقرأ له من قبل إنجازا أدبيا أو علميا ولا اعرف من أي جامعة حصل على شهادة الدكتوراه ، أرفق صورة مفبركة لمجموعة صغيرة يصلـّـون ومغلفة رؤوسهم بقوارير الكوكاكولا وقال: مخاطبا الذين أرسل لهم تلك الرسالة... تأملوا كيف يحتقرنا الأمريكيون! وقد رددت على مرسلها قائلا له:

أخي الكريم.. أنا أؤيد مقاطعة كل الصناعات الغربية وليس الأمريكية فقط ، ولكن تحت الشروط التالية:

• عدم شراء السيارات... والطائرات... والجوالات... والكمبيوترات...وأجهزة المستشفيات..والاتصالات..وكل الوسائل العلمية... والعسكرية... وما شابه ذلك.

• عدم شراء.. أجهزة التلفزيونات... والأدوات الكهربائية.. وجميع أنواع العصيرات...والأكلات..والعلاجات... وماشابه ذلك.

• لا نكتفي بالمقاطعة فقط ، وإنما يجب عدم استخدام كل ماهو غربي.

• العلاج " بالكي والشعوذة ".

• العودة إلى ركوب الحمير والبغال والبعارين.

• أما اقتصار المقاطعة على الكوكا كولا فقط ، لأن ذلك الدكتور الداعي للمقاطعة لا يحب شرب الكوكاكولا فان ذلك أمرا غير مقنع أبدا ، وما ذلك إلا نوع من الاستخفاف بعقول الناس وكأنهم قطيع من الغنم.

• ولا تنسى أخي الكريم أن الحاجة أم الاختراع... فقد تدفع تلك المقاطعة العرب إلى أن يخترعوا شيئا بديلا للسيارة والطائرة وغيرها من الصناعات ، فيخترعوا جهازا يوضع في جمجمة الحمار فيزيد من سرعته مايوازي مائتين كيلو متر في الساعة ليضاهي المرسيدس والكاديلاك وغيرها. فنكتفي ذاتيا عن السيارة " بالحمار الراجل " السريع. ثم يصنع العرب جهازا آخر يوضع في جمجمة حمار آخر مما يجعله يطير فيعوضنا خدمة الطائرة المصنوعة في الغرب ، بعد أن يصنع العرب كبينة وكراسي توضع على ظهر الحمار الطائر.

لكنني فجأة وأنا اكتب رسالتي أحسست بنوع من الزهو والغرور والكبرياء وأنا أتخيل " الحمار العربي الطائر " يحلق في سماء المدن العالمية ، ثم يهبط في مطار نيويورك ، وباريس ، وموسكو ، ولندن.

تخيلت نفسي في احد تلك المطارات الغربية ومذيع الرحلة يضع الميكرفون عند فم الحمار الطائر كي ينهق معلنا عن موعد إقلاع الرحلة رقم "1" عبر خطوط الحمار العربي المتجهة إلى احد الأقطار العربية.

والعالم في كل مكان يصاب بالذهول نظرا لذلك التطور العربي المذهل الذي جعل المطارات العالمية تستقبل لأول مرة "نهيق الطائرات " وليس هديرها. بل أن في جعل الحمار بفعل العقل العربي المبدع كائنا يطير بركابه إلى كل مطارات العالم ميزة لاتتوفر في كل الطائرات المصنوعة حيث لايحتاج الحمار إلى تزويده بالوقود مما يجعله يوفر الكثير من المال على مستخدميه. وبامكان المنتج العربي للحمير الطائرة أن يعود إلى طرائف جحا ليملك الكثير من الأساليب التي تساعده في فهم نفسية الحمار كي يستفيد من تلك الأساليب في تطوير تقنيته الجديدة.والحمار العربي الطائر سوف يكون سعيدا لأول مرة بما فعله به الإنسان العربي حينما طوره بعقل مزروع في جمجمته كي ينافس أرقى الطائرات العالمية ويهبط في كل المطارات بعد ان عاش طول عمره لا يفارق القرية العربية.

وأنا اعتقد أن القرن الواحد والعشرين سوف يكون قرن الحمار العربي الطائر بدون منافس.

وقام مرسل الرسالة بالرد على رسالتي قائلا: إن المقاطعة يجب إن تكون للأشياء التي لانحتاجها أما التي نحتاجها فلا يجب أن نقاطعها!!

ياسلام.....!! تأملوا هذا المنطق العجيب وهو المنطق الذي بنى عليه الدكتور دعوته للمقاطعة.

وعدت اكتب رسالة أخرى لمرسل الرسالة قلت له:

إذا كنتم تريدون أن تكون المقاطعة بهذا الانتقاء الغريب حسب احتياجاتكم فللآخرين الحق أن يحذوا حذوكم ولكن حسب احتياجاتهم أيضا. بحيث يحق لآلاف العرب الذين لايملكون سيارات أن يدعوا إلى مقاطعة السيارات الغربية ، فيصيدوا عصفورين بحجر ، بحيث يبدون أمام أمتهم كمناضلين لا يزايد عليهم أحد ، ولكي يجبروا المتبخترين في السيارات الفخمة من أبناء عمومتهم أن يسيروا على إقدامهم كما يسيرون ويصبح الجميع على ظهور الحمبر يشمون الهواء سوى.

كما أن الذي يملك سيارة يابانية ولا يستطيع شراء سيارة ألمانية من حقه أن يطالب بمقاطعة السيارات الألمانية تحت دعوة مقاطعة البضاعة الألمانية نظرا لوقوف الألمان مع إسرائيل ضد القضايا العربية.

كما أن آلاف العرب الذين لا يستطيعون السفر إلى الغرب للتمتع بالطبيعة الأوروبية الخلابة والذين لا يستطيعون دفع أجور العلاجات في المستشفيات الغربية الراقية من حقهم أن يدعوا إلى مقاطعة المستشفيات الغربية والسياحة الأوروبية لضرب الاقتصاد الغربي.

كما انه يحق للنساء الذين تجاوزوا سن الستين والسبعين من أعمارهن أن يدعن إلى مقاطعة حبوب الفياقرا بدعوى الإضرار بالاقتصاد الأمريكي. ولكن يجب أن نتخيل ردة الفعل العنيفة من أزواجهن الذين تعدت أعمارهم سن الستين والثمانين والذين بالطبع سوف يقولون أن الإضرار بالاقتصاد الأمريكي لا يتم عن مقاطعة حبوب الفياقرا وإنما عبر منافستهم في كيفية صناعة حبوب الفياقرا.

أيضا أولئك الذين يسافرون إلى جميع الدول الغربية بهدف نشر الدعوة الإسلامية في الغرب ليس من حقهم ذلك مادام أن كل دولار يدفعونه في الغرب سوف يصب في خزائن المال الغربية.

وأنا أيضا أدعو إلى مقاطعة البيبسي كولا لأنني لا أحب البيبسي.وربما ذلك الدكتور الذي دعا إلى مقاطعة الكوكا كولا مدفوعا عن طريق شركة البيبسي للإساءة إلى شركة الكوكا كولا،وربما الشيء الوحيد الذي تعلمه ذلك الدكتور هو الإساءة لشركة الكوكاكولا ، كي يشغل الناس عن معرفة تخصصه الذي بسببه حصل على شهادة الدكتوراه والتي لايحمل الا اسمها ، فارغة من محتواها العلمي ، كعادة العرب في اقتناء شهادات الدكتوراه من بعض الجامعات العربية التي لم يتخرج من صفوفها عالم واحد ، فأصبحت تتاجر بهذه الشهادات المزورة وتمنحها لهؤلاء المعوقين في فكرهم حتى أصبحوا اصحاب سلطة وتنظير على حساب الشعوب التي تتفاجأ كل يوم بمن يحمل شهادة الدكتوراه وهو لا يرقى الى مستوى راعي غنم!

فأما أن تكون المقاطعة شاملة لكل منتج غربي أو لاتكون. أما التلاعب بعواطف الناس لتحقيق غايات خاصة فذلك مالا يتقبله عقل لم تعد تنطلي عليه تلك الدعوات الفارغة والساذجة.

ثم أنهيت رسالتي غاضبا وقلت له:

ماهذا السخف الذي يتعامل مع الناس وكأنهم بلا عقول ؟!

إذا كان صاحب دعوة المقاطعة صادقا فيما يقول فليبدأ بنفسه فلا يذهب إلى الناس على سيارة أمريكية ولا يحمل جوالا أمريكيا ولا يتعامل مع أي منتج أمريكي أو غربي. أما أن يدعو إلى مقاطعة الكوكا كولا لأنه لا يحب الكوكا كولا أو ربما لا يستطيع أن يقاوم رغبة شربها وهو يراها أمامه ، فتلك دعوة لا تليق بأمة تدعي أن لها قيما عظيمة.

التفوق على الآخر: يتم عبر منافسته بالعلم والمعرفة وليس بالشعوذة والخرافة!!

سالم اليامي [email protected]