أود أن أشير الى إن إتخاذ قرار بإلزامية المشاركة في الإنتخابات كما تناهى الى أسماعنا من أخبار يتداولها الناس هذه الأيام في العراق، حيث سيتم وضع ختم على البطاقه التموينيه للمشاركين وبالتالي سوف يعرض غير المشارك نفسه لإشكالات قانونيه، وينطلق هذا القرار من مبدأ.. إن المشاركه في الإنتخابات واجب على كل عراقي قبل أن تكون حقا له، والمواطن العراقي حر في إعطاء صوته لمن يشاء وهو حر كذلك في أن يضع ورقه بيضاء في صندوق الأقتراع.

وإذا ماتم تنفيذ مثل هذا القرار نكون وفرنا غطاءا قانونيا يرفع الحرج عن المواطنين الراغبين بالمشاركه لكنهم مترددين بفعل الضغوط الشديده التي تمارسها واجهات دينيه وحزبيه فضلا عن الجماعات الأرهابيه لدفع الناس بإتجاه مقاطعة الإنتخابات في المدن التي تنشط بها.

وعندها سيقول لسان حال المواطن ( العرب السنه ) لإولئك الإرهابيين الذين يتربصون به..

ـ ماذا أفعل أنا مضطر للمشاركه في الإنتخابات وإلا سوف يقطعون الحصه التموينيه عني

ولابأس أن يقول لهم..

ـ أطمأنوا سوف أضع ورقه بيضاء في صندوق الإنتخابات

ربما يعترض البعض بذريعة عدم جواز إجبار المواطن بالمشاركه في الإنتخابات، ولكنها ذريعه لاتصمد أمام الخلفيات الوطنيه لقرار ألزامية المشاركه فأما أن نكون عراقيين ونشارك جميعا في صنع عراق جديد من خلال التعبير عن رأينا وأرادتنا ولو بكلمة ( لا ) للإنتخابات أو بورقة بيضاء ولكن أمام صندوق الإقتراع، أو لا نكون عراقيين ونترك هذا الوطن لمن يستحقه.

ونسمع بين الفينه والأخرى العديد من المواطنيين يتسائلون عن عدم توافر قائمه وطنيه متوازنه تستحق منا أن نمنحها صوتنا، وأشاركهم في ذلك الرأي الى حد كبير، ولكن الحل ليس أن نقاطع الإنتخابات، بل أن نذهب ونقول ( لا ) كبيره لكل القوائم المتنافسه، أو فلنكتب ( أنتخب العراق ) ونضعها في الصندوق.

جدران السلبيه المهترئه التي يحتمي بها الرافضون للإنتخابات أو الداعون لتإجيلها ( لافرق) لن تقيهم من تيار التغيير الجارف الذي سيقذف بهم بعيدا، وكان الأحرى بهؤلاء أن يشكلوا تيارا سياسيا موحدا أو عدة تيارات سياسيه مؤتلفه ويدخلون الإنتخابات ويعلنون عن برنامجهم البديل لما هو مطروح وليضعوا مثلا ( طرد القوات الأجنبيه فورا )على رأس قائمة مطالبهم..
ولكن ليتم ذلك من خلال صندوق الأقتراع وليس من خلال الصناديق المفخخه وأعمال الأرهاب..
وإذا كان الشعب العراقي مقتنعا بطروحات مثل هذا التيار فسوف يصوت لهم.

لنتعلم كيف نستفتي الناس، ليقول الناس رأيهم، ماذا يريدون، لا أن نتحدث عنهم ونفرض أجندتنا وأفكارنا عليهم، الديمقراطية ليست شعارات نتغنى بها فقط، هي ممارسات ينبغي أن نتعلمها، عندما يذهب الناس جميعا الى صندوق الإنتخابات ويعبرون عن رأيهم في هذا البرنامج أو ذاك رفضا أو قبولا سنكون بدأنا في بناء عراق حقيقي لنا ولإطفالنا بعيدا عن لغة السيارات المفخخه والدخان والدماء والأشلاء المقطعه.
كاتب وأعلامي عراقي مقيم في ألمانيا