الأموال التي وصلت سوريا من الاتحاد الأوربي لترميم قصر الأمير عبد القادر الجزائري هل سيعود شئ منها لعائلة الأمير التي تتمزق يأسا في باريس؟؟؟؟

"قدمت المفوضية الأوروبية 18 مليون يورو إلي سوريا لتحويل قصر الأمير المجاهد عبد القادر الجزائري بدمشق إلي مركز للتنمية المستدامة، وتم تخصيص 500 ألف يورو منها لترميم القصر.
يشار إلي أن المساعدة الأوروبية تأتي في إطار الدعم الأوروبي لتحديث الإدارة البلدية في سوريا. وكان صاحب القصر الأمير المجاهد عبد القادر الجزائري قضي معظم حياته في دمشق وتوفي ودفن في منطقة الشيخ محيي الدين، بجانب ضريح الشيخ محيي الدين ابن عربي، ونقل رفاته فيما بعد إلي الجزائر".
قد لا يشكل هذا الخبر الذي عممته بلدية دمشق،بذاته إي غرابة، وقد يبعث بالأحرى في النفس بعض من التفاؤل لولا بعض من تفاصيل القدر التعس التي تعصف بمن بقى من ذكرى هذا الرجل البطل.
حيث لم يتح لي القدر أن أعرف من الأمير عبد القادر، بعد سيرته وتاريخه المناضل، إلا الوقوف على ضريحه حيث دفن إلى جوار الشيخ الأكبر في مدينة دمشق، بالجامع والحي والهضبة التي صارت تعرف بحي أبن عربي. وذلك بمناسبة زيارتي للمدينة في إطار مؤتمر عالمي لتكريم أبن عربي من طرف وزارة الثقافة بمنطقة الحكم الذاتي في مورسيا الإسبانية، المكان الذي ولد فيه هذا المفكر المسلم الكبير. وهو المؤتمر الذي اختاروا لانعقاده نفس المكان الذي شهد وفاة هذا الشيخ الصوفي، إي مدينة دمشق. ثم كان لي الوقوف على ضريحه مرة أخرى في مدينة الجزائر، بمقبرة الشهداء في زيارة أكاديمية أخرى آخذتني لبلدي العربي الآخر الجزائر.
وكان أن أهل البلد من العارفين قد أخبروني في حيينها بأن عقاب الله قد عصف بهذه الجزائر المناضلة التي تجرأت على نقل جثمان الشهيد من المكان الذي أوصى بأن يدفن فيه إلى جنب الشيخ الأكبر { بقرار من بومدين عام 1966}. وأن الزلازل العجاف ومصائب الدهر التي وقعت بالجزائر وتلك الدماء التي انسكبت / بل ستنسكب في كل مكان تعود لأنهم لم يحترموا تربة هذا الرجل ووصيته بأن يدفن إلى جوار ضريح شيخه الصوفي. بل ذهب أحد المشايخ منهم بالتأكيد بأن حال البلد لن يعود إلى ما كان عليه من أمن واستقرار إلا إذا ما أعادوا الأمير عبد القادر إلى حيث أراد أن يستريح جثمانه.
على أنني تعرفت عن قرب في باريس على أبنه الأمير حيدر، الذي يعود إليه هذا القصر المشار إليه، والذي تركه له والده الأمير الحسن مناصفة مع شقيقتيه. وتحولت إلى صديقة قريبة من عائلته، بل صرت أختا قريبة له وزوجته الدكتورة مي الحسني، و سندا وجوديا لعنفوان تطلع الأميرة الصغيرة سارة أبنة/ حفيد الأمير عبد القادر.
بين غربتي وتشردي في الديار وعجز حال اليد، وعصف ضربات القدر على كاهلي الواهن، وبين عصف الدهر بهذه الأسرة المناضلة تأكد نوع من الوفاء والأخوة والتعاون والصبر على قضاء الله.
وكنت على يقين كلما رأيت بؤس الحال الذي وصل إليه الأمير حيدر أبن الأمير الحسن أبن الأمير عبد القادر الجزائريي، من يأس وحاجة، بل فاقة، لمرض أقعده عن العمل، وفشل كل المساعي التي قامت بها الأسرة لاسترداد شيء من أملاكهم في دمشق التي أممتها الدولة واعتبرتها إرثا ثقافيا عربيا، بأنه ربما يأتي حين من الدهر قد تنهض فيه الأمة لإنقاذ بعض من صفحات تاريخها من الضياع واليأس والتشرد، وأنه ربما ينهض الضمير العربي لنجدة صرخات طفلة كان جدها رمزا للكرامة العربية بكاملها، وأنه ربما ينهض بعض المسؤولين العرب لمساعدة للدكتورة مي زوجة حفيد البطل المناضل عبد القادر الجزائري في الحصول على وضيفة ما تستر الأسرة من وجع البؤس والحاجة، ولكن..... دون أن يتحرك للأمة العربية الإسلامية ساكن، رغم كل جهود الكثير من المثقفين والمناضلين العرب في باريس للفت الأنظار إلى هذا الوضع الصعب والقاسي لرجل شريف طاهر مناضل رفض أن يبيع نفسه للشيطان، وأختصر المسافة نحو العوز في عزة نفس وكرامة.
وأمام المرض، هذا الذي يفتك اليوم بجسد حفيد البطل، والذي ينهض كأبشع خائن، وأنهداد الحيل الذي يقف كأنياب شرسة تمزق واقع الحال، احتارت زوجته الصابرة { أستاذة جامعية في الفنون الجميلة} بين الوقوف على رأسه والعناية بأحواله وقد أقعده المرض العضال، وبين أن تسعى للعمل حتى تضمن إيجار البيت وبعض من حاجات الدار.
أما سارة أبن الأمير حيدر، فأنها لا زالت طالبة جميلة رقيقة في المرحلة الإعدادية، تتمزق بين اللقب الذي يجعل منها سيدة نساء العرب، وحفيدة لبطل مناضل،وعجز الحال الذي يعصف بميزانية الأسرة.
ووفق هذا المنوال القاسي والشرس لن، ولم يكن بمقدور زوجة حفيد المناضل البطل، بقايا الأمير عبد القادر من أن تجد العمل المناسب، بالراتب المناسب، بينما أقفلت أمامها الأماكن العربية{ حتى المدرسة العراقية / أو المدرسة الليبية في باريس، وكلتا البلدين ظلتا تدعيان القومية والعروبة والوفاء للنضال العربي}لم تعط لها إي مكان ولا إنصات ولا فرصة في الحياة الكريمة كما يقال.
لذلك يمزقني اليوم أن أقرأ هذا الخبر الصاعق بشأن 18 مليون يورو تصل لسوريا لترميم قصر الجد، بنما يموت الحفيد يأسا وبؤسا في البلد التي قاتلها جده حتى النصر....ويعصف بداخلي هذا التخاذل العربي الذي يترك أسرا عظيمة، رائعة ومناضلة تموت تحت أغطية الشرف الشهم والنبيل، وتحت ستار الصمت المشبوه.
فهل تعطي سوريا بعض من الملايين التي قصدت بها أوربا الحجار/ والأثمار والاستثمار، لأبناء الأمير الأحياء/ القاب قوسين أو أدنى من الإنكسار والفجيعة.؟ هل تشاركهم أو تشركهم في هذا المشروع؟
هل تعين الحفيد مستشارا أو مشرفا على إدارة أعمال الترميم على سبيل المثال؟
أو أن تعتبر أن التعويض الذي يجب أن تحصل عليه الأسرة يشكل بالضرورة جزء أساسيا من مسألة استثمار العقار لأغراض أخرى؟
وهل ينهض بعض من الضمير العربي لنجدة حفيد الأمير قبل أن يفوت الأوان ونبكيه بدموع التماسيح كما فعلنا مع أبن المفكر طه حسين.... الذي مات بدوره هنا في باريس وحيدا، معدوم الحال،......بعد فوات الأوان.؟
سعاد الوحيدي

باريس