ايها النخب العربية.. يا بلدان العالم الاسلامي ويا جيران العراق في الشرق الاوسط، لماذا هذه الموجات التحريضية؟.. لماذا تصرون ان تفهموا العراقيين حقيقة واحدة يعلمونها قبلكم وقبل غيركم.. يا سادتي نعرف اننا تحت احتلال اجنبي اسقط الحكومة العراقية السابقة عنوة ( ولم نكن نحن السبب بحق من تعبدون بل كانت حفرة الرجل الهزيل الذين نفختموه انتم هي اهم الاسباب ) وحدث ما حدث فلا يهمنا سواء اكانت الحرب بضوء اخضر من الشرعية الدولية ام بغير ذلك؟.. ونعلم يا سادتي اكثر من ذلك لنطمأنكم باننا على علم مسبق بوجود مصلحة امريكية في اسقاط صدام هي بكل تاكيد ليست من اجل سواد عيون العراقيين، بل نعرف ايضا ان العراق كموقع استراتيجي وكثروة لها دخل في عجلة الصناعة عالميا وامريكيا.. ونعرف ما هو اكثر من ذلك فلا داعي لتجييش الارهاب والتخريب واستنفار وسائل الاعلام العوراء، الواقع الذي كان غيرنا سبب فيه علينا ان نتعامل معه بشئ من الدراية السياسية والحراك السياسي المرن، اما الوجود العسكري فيمكن معالجته بالتي هي احسن، حيث ان تلك مسالة ستخضع بمرور الوقت لملاك المصلحة كما هو الحال مع منطق السياسة والعلاقات الدولية بالتحديد، وليس هذا حكرا على احد، فبلدان العالم في الغالب تحتظن القواعد الامريكية في مقابل بالطبع والعراق في اسوء الاحتمالات قد يفعل ذلك في مقابل، هذا طبعا لو بقيت القواعد الامريكية التي ربما ترحل بعد مدة، فلماذا نستبق الاحداث؟! يا سادتي راينا طرفا يحارب دفاعا عن مصلحة شعب وهو امريكا ومن يقف معها، وفي مقابلهذا الطرف، طرف يدخل حربا من اجل الكراسي فانقض عليه الامريكيون واسقطوه في حفرة الجرذان، حينها الذكي من يعي متطلبات المرحلة وينتهز فرصة لالتقاط الوطن من الفوضى، وهذا ما حصل بالفعل فحاول الشرفاء في العراق انتشال العراق من دمار الحروب بين لعبة المحتل والمقاوم، فان المراقب يلاحظ بكل وضوح مسيرا تصاعديا للدولة العراقية نحو الاستقلال والاستحكام والاستقرار، رغم ان البداية كانت مترافقة مع دربكة سياسية واخطاء وتشوهات جزئية هنا وهناك، بيد ان ذلك لا يلغي بالمرة بوصلة الاتجاه الصعودي الذي تسير النخبة السياسية العراقية بالدولة العراقية فيه باتجاه الديمقراطية.
ان ذلك ليس اصداء ببغائية لما يردده دبلوماسيوا الحكومة المؤقتة بل فترة لا تتجاوز عمرها السنتين تكفي كي تكون شاهدا على ذلك الواقع.. كان التاسع من نيسان لعام 2004 وكانت معه الفوضى، ثم ما بعدها من فترة مجلس الحكم وما تلاها من تسليم السيادة التي حتى لو لم تكن تامة وهو ما يصرّ على ترديده من يعزفون على وتر الادمغة المفخخة، الا انه في النتيجة منح الحكومة مساحة كبيرة للحراك السياسي يفترض ان تكتمل فصولها بعد تشكيل الحكومة المنتخبة في الفترة القادمة.. وبالتالي فأن واقع كهذا يعطي مجموعة من المؤشرات على ان الخيار العسكري لا زال مستبعد منطقيا، دبلوماسيا، مصلحيا، من قبل جميع من يمتلك برنامج ورؤية سياسية منضجة تساهم في خدمة الحالة العراقية بشكل عام، بمعنى ان الحلول الدبلوماسية حينما تكون مطروحة بقوة وتجد لها اصداء بين اطراف النزاع فمن الطبيعي الابتعاد عن الخيار المسلح والذي بالطبع يبعثر الاوراق ويبشر بمزيد من التضحيات، وبالتالي قد يضع المستقبل السياسي للعراق في زاوية حادة تضر في مصلحة الجميع.
بالطبع هذا الكلام موجه الى الجميع سوى اولئك المفخخون وايتام النهب والسلب الذين يبحثون عن حنين الماضي الدموي الاسود، ذوي الاذناب المفتولة والافواه العوجاء يتحاورون في لغة السلاح اكثر من المنطق، وذلك لان اتجاها من هذا النوع لا ينطبق عليه مفهوم واحد من بين جميع مفردات المقاومة في قواميس العالم ومن يحاول التعامل مع ذلك الطرف على انهم مقاومين فانه يحاول عبثا ذلك، لان الجميع يعرف ولكنه قد يتعمد التلاعب في المفاهيم وخلط الاوراق، والا ماذا عسانا ننتظر من اعلام يخاطب من يتفاخرون بتفجير السيارات المفخخة بين المدنيين بانهم ( ابطال مقاومون )؟! حينها لا ننتظر منه الا ان يتهم الضحية كي يمجد الجلاد.
جمال الخرسان
كاتب عراقي
[email protected]