الإجراءات السلطوية العنصرية والردود الخاطئة للأكراد،
إشتعال للحرب فوق دكتاتوريات الرماد ـ دراسة مقارنة

للأكراد تاريخ طويل من التشتت والضياع وفقدان الهوية والإنتماء. إذ كان للأكراد مماليك وحكومات متعددة عبر التاريخ، ففي القرن الرابع قبل الميلاد كان لهم "مملكة لولو"، ومملكة الماديين "ميديا" عام 700 ق. م، وهي كانت من أشهر الحكومات الكردية على مر التأريخ القديم وقضي عليها بعد 150 عاماََ من قبل الفرس الأخمينيون. ثم بعد ذلك مزقت "كردستان" موطنهم الذي سكنوه منذ القدم الى مناطق وأقاليم منفصلة، فكان حكام الفرس يستخدمونهم لمواجهة أعدائهم من الرومان وغيرهم حتى ظهور الاسلام. إن للشعب الكردي ثقافة راسخة عبر العصور تمكنوا من خلالها من المحافظة على عصبية حياتية، فقد برز منهم مئات المؤرخين والعلماء البارعين والفقهاء الكبار، كالمؤرخ والقاضي الكبير ابن خلكان (نسبة إسمه الى قرية " خلكان" في كردستان)، والفقيه الشهير إبن صلاح الشهرزوري، العلامّة إبن تيمية، والعالم الكبير سيف الدين الأمدي، والحافظ العراقي وإبن الأثير واللوسي وإبن الحاجب والزهاوي والصارف الكيبر سعيد النورسي، وغيرهم. كما وأن الشعب الكردي قدمّ كثيراََ من القادة ومن أبرزهم البطل صلاح الدين الأيوبي الذي فتحَ الشام والقدس واسترجع مصر من الفاطميين وأقام دولة واسعة. وكان للأكراد إمارات وحكومات وولايات مستقلة في عصري الحكم العباسي والعثماني مثل حكومة الأيوبية التي أقامها سلطان صلاح الدين في الشام ومصر والحكومة الأردلانية في شرق كردستان والحكومة البابانية والرواندزية في كردستان والدوستكية في دياربكر. والجدير ذكره، أن تحديد مساحة كردستان وترسيم حدودها ليست بعملٍ سهل على الإطلاق، وذلك لأسباب متعددة أهمها تقسيم كردستان من قبل الدول الأستعمارية الكبرى (بريطانيا وفرنسا) في أعقاب الحرب العالمية الأولى، والتغيرات الحدودية التي قامت بها تلك الدول لأكئر من مرة، وعدم وجود احصائية دقيقة ومحايدة للمناطق التي يسكن فيها الشعب الكردي تاريخيا إذ كانوا كثيري التنقل وراء الماء وسبل العيش الأخرى، ضف إلى ذلك الممارسات العنصرية التي كانت، ولاتزال، تمارس ضدهم من قبل الأنظمة الحاكمة.

أما في العصر الحديث، فإن التعامل مع مطالب الديمقراطية والحريات التي تنادي بها شعوب الهلال السوري الخصيب لم تعالج بشكل واضح موقع المسألة الكردية في العراق، سورية أو تركيا، فهو يتعامل مع هؤلاء في إطار المسألة الوطنية الداخلية وكان من المحرمات أن يتم التعامل معه على أساس "القضية القومية" أو "الهوية الكردية القومية"، ولذلك جاء الإجحاف مزدوجا بحقهم حتى تحول إلى إرهاب داخلي لهذه الدول ولم يراع أبسط قواعد حقوق الإنسان أو الحريات الفردية المصانة دستوريا عند التعامل معهم رغم أن الأحزاب الكردية تعمل وتشدد على أن النضال الكردي في سورية، العراق أو تركيا هو وطني وسلمي ويعمل ضمن إطار القوانين المرعية الإجراء. إذا يجب في الحال الكردية تثبيت الحقوق المشروعة لهذا الشعب المضطهد، كحقه في المواطنة، حقوقه الثقافية والسياسية، وحقه المتساوي في المشاركة في إدارة السلطة، ولا شك أن مثل هذه الدعوات تشكل خطوة لطرح المشاكل الأساسية عند الأحزاب الكردية وتياراتها في نظرتها وتعاملها مع الدول الإقليمية الموجودين على أراضيها، إذ دائما يتذكر الأكراد النيات العنصرية في الجمهورية العربية السورية فهو يحمل لهم حقدا تاريخيا يطرحه إحصاء1962 (1*)، وما رافقه من قمع وإضطهاد، ضف إلى ذلك كثرة أعداد المجردين من الجنسية التي ترى التيارات الكردية أنه أولوية في نضالها هذه الأيام خصوصا وأن عدد الأكراد في سورية يقارب 11% من مجموع سكان البلاد "إحصاء 2003"، وفي العراق حوالي 20% "إحصاء 1999" وفي تركيا حوالي 20% أيضا. ضف إلى ذلك، ما قد نشره لصالح دوائر الأمن السياسي، الظابط المعروف "محمد طلب هلال" أحد ظباط الأمن السياسي السوري، حينما فاضت عبقريته وأنتجت دراسة تميزت بعنصرية عمياء تجاه الأكراد وخاصة المقيمين في "القامشلي" عام 1963 وكانت تتمحور حول محافظة الجزيرة "النواحي السياسية والاجتماعية والقومية"(*2). كل ذلك جاء نتيجة إستخدام الإحصاءات السكانية وإعطاء الدور الأول للأرقام بشكل مجرد الأمر الذي أوحي بإمكانية التأثير على الوضع الجيوبولتيكي دون الركون لدور الدولة في عملية الصقل الإجتماعي والرعوي في البناء. هذا الإحصاء أيضا، يدفع في كثير من الأحيان جمعيات حقوق الإنسان لاستعمالها، إذ يمكن للملاحظ أن التنظيمات الكردية خارج هذه البلدان هي الأكثر استخداما للرقم والإحصاء بينما تتعامل التنظيمات الداخلية مع الأرقام لتسليط الضوء على حالات إنسانية مثل عدد المجردين، أو الحقوق المتعلقة بالتملك أو إلغاء بعض القوانين، إلا أن الواقع لا يتطابق مع ذلك، فمعظم الأكراد لهم انتماءاتهم واختلافاتهم التاريخية الجذرية، وهذا ما ساعد على تشتيت قواهم، حيث دأبت كل من تركيا وإيران وسوريا منذ مدة بعيدة بتصنيف المنظمات، الجمعيات والأحزاب الكردية تحت قائمة "المحظورة" أو "غير المرخصة" أو "الداعمة للإرهاب". إن التعامل مع الرقم بشكل مطلق يضيء على الواقع الإنتربولوجي في أي كيان تواجد فيه الأكراد أو أي عرق أخر، وهو أمر لا بد منه لفهم العوامل الداخلية لحركة المجتمع، إنه أمر يشبه إلى حد كبير أن افتراض أي كتلة ضمن التركيب السكاني المتنوع قادرة على التأثير بشكل مفرد بباقي التكوين السكاني هو أمر حتمي، وربما لا نقفز فوق الحقيقة عندما نعتبر أن الأكراد يملكون سمات أكثر من غيرهم داخل المجتمع، مثل اللغة أو الأشكالات الثقافية الأخرى، لكن إلى أي مدى تستطيع هذه السمات تشكيل تأثيرات داخل التوزع السكاني؟ سواء تعلق الأمر برسم الثقافة العامة للمجتمع أو التأثير في تكوين النهائيات السياسية أو المطالبة تحت هذه الذرائع بالإستقلال، إنه أمر إشكالي ومدار جدل لا ينتهي.

لقد تبلور الوعي القومي لدى الأكراد، في كل من العراق، تركيا، إيران وسورية، وخاصة بعد عودة مصطفى البارزاني الى العراق نتيجة إتفاقية سلام من أجل الحكم الذاتي لكردستان بين الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق وقيادة الجمهورية العراقية بزعامة عبد الكريم قاسم، ومن ثم من بعدها في آذار عام 1970 تم التوقيع على اتفاقية أقرت الحكم الذاتي لكردستان العراق بين قيادة الثورة الكردية والحكومة المركزية في بغداد. أما في سوريا، فبعد استلام حزب البعث زمام السلطة والحكم سنة 1963 ساءت أحوال الأكراد بوجود "العبقري البوليسي" رئيس شعبة الأمن السياسي في القامشيلي الضابط السوري "محمد طلب هلال" الذي أذاقهم ويلات التشتت تطبيقا لما وعد به سابقا. هذا الإجراء أخاف الأكراد ونظم صفوفهم سرا، إذ كانت الأعمال العلنية غير مشروعة على الإطلاق، إلا الذي ساعدت على بروزه السلطات السورية وحتى العراقية من بعدها، إذ صار المراقب للأوضاع الكردية يلمس إحدى الرؤيتين التاليتين فإما ظهور استراتيجية جديدة تستند إلى النضال الديموقراطي طريقاً آمناً لانتزاع الحقوق الأساسية القومية للأكرد، بما في ذلك "حقهم في تقرير المصير" أو "الحكم الذاتي"، وفي ذلك كان المخرج الديموقراطي الذي يؤكد أن النضال الديموقراطي يعني نضالاً من أجل مساواة جميع القوميات في نظر المجتمع والقانون، وهو في الحال الكردية تثبيت الحقوق المشروعة لهذا الشعب المضطهد والإعتراف بها قانونا، أو إتباع سياسة عدم التمييز بينهم وبين القوميات والفئات الأخرى، وهو ما لا يؤمن به أصحاب النظرية "الإستراتيجية" الجديدة – القديمة، أو ما تقدمت به وهو الإعتماد على "الغرب" أو على الدول المؤثرة سياسيا وعسكريا لإنتزاع الحقوق "المشروعة"، إذ سمح أصحاب المذهب الثاني لأنفسهم القفز فوق التاريخ واستحضار قوى الشر وإدخالها في النزاعات الداخلية فيما بينهم ومن أجل مصالحهم الجزئية تحت عناوين "تقرير المصير" و "الإستقلال" وغيرها من الشعارات، وهذا ما شهدناه من إنقسام للأكراد إلى قسمين في الحرب العراقية-الإيرانية فمنهم من كان إلى جانب الرئيس العراقي صدام حسين مقابل بعض المكاسب، ومنهم من كان إلى جانب إيران للرد على الطرق الأخر. ولم تكن دمشق مكتوفة الأيدي، إذ ساندت مداورة هذه القوى حسب مقتضيات الأمن الداخلي تحقيقا لمكتسبات أهل الحكم.

أما "إسرائيل"، فلم تخسر في يوم من الأيام ورقة الأكراد المقيمين في كل من تركيا وسوريا والعراق، وهي دائما تجاهر بحقهم في إقامة دولتهم المستقلة، ولم تمانع على مدار السنوات من تقديم الدعم المادي والعسكري، وخصوصا لفترة ما بعد سقوط نظام الشاه في إيران، وكان صاحب النصيب الأكبر دوما السيد "البارازاني" وهي ما برحت تذكرهم بزيارة "مصطفى البارازاني لـ "إسرائيل" في أحلك الظروف.وإذا جازت المقارنة، فإن ما تقدمه لهم اليوم لا يمكن مجاراته على مر السنوات الماضية من تقديمات من أجل تمزيق وحدة الأراضي العراقية، وقيام أنظمة عرقية وطائفية تحت عقدة "الأكثريات والأقليات" أو قيام نظام ما يسمى "الفديرالية التعددية" أو المزايدة على الأكراد في نظريات الحرية والإستقلال. إن أخطر ما في هذا التقسيم "الفديرالية التعددية"، أنه يقضي على كل ما هو وطني ومجتمعي، إذا يقسم المجتمع الواحد على الطريقة الأفقية والعامودية، فدورة الحياة الواحدة لم تعد كما في السابق مفتوحة على كل المجتمع، إذ أصبحت بحكم الواقع مرتبطة بهذا التقسيم الجديد، والجغرافيا ستصبح عائقا أساسيا في التواصل اليومي.

إن " إسرائيل" ليست بريئة من الوضوع الكردي برمتة، هذا ليس تجنيا على/ أو محاباة لطرف ما على حساب الوطن، إنها الحقيقة الحتمية لجرح لا زال ينزف منذ زمن بعيد في هلال سوري خصيب مفتوح على كل التأويلات، وكل البطولات. فليس عجيبا، ولا غريبا ولا من باب التجني أن يخرج المدعو "نجم الدين كريم" رئيس ما يسمى "بمعهد واشنطن للأكراد" مصرحاً في 05/01/2005 بأن الولايات المتحدة ستغير موقفها من مسألة المحافظة على وحدة الأراضي العراقية لتخدم بذلك مشروع لما يسمى بالشرق الأوسط الكبير. ونوضح أنه في عام 1993 تأسست في "تل أبيب" منظمة صهيونية بإسم "جامعة الصداقة الإسرائيلية الكردية" يرأسها الكردي الصهيوني "موتي زاكن"، وأثناء حكم "بينيامين ناتنياهو"، وتحديدا في عام 1996، تم تشكيل مؤسسة في واشنطن تحمل الإسم التالي: "معهد واشنطن للأكراد" الذي أسس بمساعدة مالية وإشراف من الموسادي "مايك أميتاي" ويرأسه صاحب الجلالة "نجم الدين كريم". فلا عجب من تأكيد السيد العبقري الإنتماء "نجم الدين كريم" على أن الإنفصال سيكون حتمياً بعد إجراء " الإنتخابات، لا بل إن تصريحاته تحمل في طياتها ما هو تاريخيا لجهة مشاريع تقسيم بلاد الهلال السوري الخصيب، بمدلولات تشبه إتفاقية سايكس-بيكو التفتيتية التقسيمية. ولكن هذه المرة، الدعوة إلى التمزيق جاءت من ضمن الطريق إلى مشروع "الشرق الأوسط الكبير" المسماة "الإستقلال وحق تقرير المصير" حسب زعم العبقري "نجم الدين كريم"، ألم يخطر بباله أنه أصغر حجر صغير وأمثاله جدا معروفين في مفهوم الصهيونية العالمية؟! ألم يخطر بباله، أن الهيمنة الجديدة لكل ما هو أمريكي جاءت لتنقض على أخر "وطني" لصالح المشروع الكبير "إسرائيل الكبرى" التي لم يتحدث عنها هذا العبقري الصغير من ضمن المشروع الكبير الملتحف تحت مسميات "العراق الديمقراطي" و "حق تقرير المصير" و"دستور الدولة الإنتقالي" و "حماية الأقليات على أشكالها"، إذ أصر على الإطلال علينا في قمة والغباء والدناءة فجاءت تصريحات قبيحة ودنيئة لا تدل على نضج سياسي أو مفهوم علمي عملاني لا لمعنى الامة والوطن، ولا لكيفية نشوئهما واكتسابهما الهوية والمخزون الفكري. إذ يكفيه غباء أو فخرا ـ لا فرق ـ أن يأتي إستشهاده بالصهيوني "هنري كيسنجر" الذي دعى صراحة إلى تقسيم العراق منذ زمن بعيد، نظرا لموقعة الإستراتيجي وقوته الحيوية، إذ لا خلاص لأي دولة "إسرائيلية" ستقوم على أرض فلسطين، حسب زعمه، إلا بنشوء أنظمة تابعة او محمية، ولم تأت تصريحات "السيد" إلا لتعكس بشكل مؤكد فكرة تعمل لها الصهيونية العالمية لتقسيم العراق وتفتيته من أجل مد جذور خلافية بين أبناء الوطن الواحد لتسيطر على الحياة: "الجغرافيا ـ الماء والتاريخ ـ الثقافة" لبلد لن يقوم من التشتت الممنهج إلى أبد الاّبدين إلا بفهم عميق قائم على أسس علمية وعملانية لحقائق التاريخ والجغرافيا والوطن والأمة.

أما حول "حق تقرير المصير" للأكراد، فقد أصبح واضحا منذ عام 1970 وفقاً لميثاق الأمم المتحدة إن حق "تقرير المصير" يستدعي مستلزمات حددها القانون الدولي لذلك التصنيف، فجميع القرارات الصادرة عنها بهذا الشأن أكدت على مبدأ أساسي ألا وهو وحدة السلامة الإقليمية والوحدة السياسية للدول المستقلة وذات السيادة. كما بات معروفا، إن تقرير المصير مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي يقصد به أن لجميع الشعوب التي تخضع للإستعباد الأجنبي وإنتدابه وسيطرته وإستغلاله الحق القانوني في تقرير مصيرها بنفسها ولا ينطبق ذلك على جزء من شعب أو إقليم عرقي في الدولة بعد إنشائها، إن ما يروج هذه الأيام لعراق إتحادي فيدرالي تعددي هو إعادة تشكيل للسياسة الداخلية وتطوير النظام وشكل الحكم بما يتناسب وحاجة أبناء البلد الواحد المعترف به وبحدوده الحالية، ولا يشكل ذريعة للإنفصال ولا تحميه صياغة إعلان مبادئ القانون الدولي الخاص بعلاقات الصداقة والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، حيث لا ينبغي أن يفسر مبدأ حق تقرير المصير بإعتباره يرخص أو يشجع أي عمل من شأنه أن يسلخ أصقاع الوطن الواحد تحت مسميات "حق تقرير المصير أو الحكم الذاتي"، ففي عام 1970 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة "حق تقرير المصير" لفئات ثلاث من الشعوب وعلى النحو التالي:
أ ـ حق الشعب الذي يعيش في منطقة مستعمرة المطالبة بتقرير مصيره.
ب ـ حق الشعب الذي يعيش في إقليم تم إخضاعه بعد إعتماد ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945 للإحتلال الأجنبي أو للضم الذي لم يقره إستفتاء شعبي حر وعادل في تقرير المصير كما هو الحال في إستفتاء الشعب الإريتري من السيطرة الأثيوبية عام 1993.
ج ـ حالة الدولة الإتحادية أو الفدرالية التي يتم تشكيلها عن طريق الإنضمام الطوعي من الدول الأعضاء والتي وردت صراحة في دساتير كل منها، ولها الحق في الإنسحاب من الدول الاتحادية. (الإتحاد السوفياتي وجمهورية يوغسلافيا الإتحادية).

أخيرا، أريد أن أجاهر أنه إذا كان اضطراب السياسة ليس في سورية فحسب، بل في العراق وتركيا أيضا، قد أنشأ إجراءات لا تملك الشرعية الإستراتيجية المستقبلية لأبناء البلد الواحد، وقد أتى بممارسات أنية تراكمية، جاءت تحمل طابعا عنصريا دون الركون إلى النتائج النهائية الكارثية، فإنني أقول بأن أي إجراء قانوني لا يعتمد على قاعدة التساوي في الحقوق والواجبات لهو باطل ولاغ ولا يتناسب مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. وإذا كان مبررا لأية دولة انتهاج سياسات سكانية تخدم أمنها العام، فإن هذا التبرير يجب أن يكون شاملا للكل وليس لحساب جزء ما مهما كان الثمن، وأن هذه السياسات التبريرية يجب أن لا تخل بالمبدأ العام القانوني حول التساوي في الحقوق والواجبات للمناطق التي يتم تعديل تكوينها السكاني. فهل منح الجنسية ينهي كافة تشابكات الموضوع الكردي في سوريا...؟! سواء أكان عدد المجردين مليون أو عشرة.. وهل عقدة "التعريب" في "كركوك" ستؤثر في "الجيوبوليتيك" السياسي العراقي...؟! فالقضية الكردية لم تنته بإعتقال زعيمهم "عبدالله أوجلان" وتسليمه إلى تركيا.. فهل أن ثالوث الإنتماءات التركية: "العلمانية" شكلا "الإسلامية" مضمونا الأوروبية "طموحا" ستلغي "كيان" الأكراد التاريخي؟! كيف ستنعكس هذا المفاصل على مستقبل الأكراد، أينما كانوا في منطقة يخرج جمرها من تحت دكتاتوريات الرماد؟! هوذا اللغز ينتظر الإجابة.

* للإجابة على هذه الأسئلة طريق واحده محورها: "العلاقة بين السلطة والشعب"، وتبقى صفحات الإعلام للتواصل من أجل تفاعل أفضل.

* شروحات:

* (1) هناك عدد من المجردين من الجنسية السورية بموجب المرسوم التشريعي رقم /93/ تاريخ 13/8/1962، والذي أجري بموجبه إحصاء استثنائي في محافظة الحسكة بتاريخ 5/10/1962. وبلغ عددهم حسب معطيات الدولة الرسمية التي قدمت إلى لجنة مراقبة حقوق الإنسان عام 1996 (142465) مجرد من الجنسية و75 ألف مكتوم القيد.

* (2) رئيس شعبة الأمن السياسي في القامشلي الضابط السوري محمد طلب هلال كتب في دراسة عام 1962 حول محافظة الجزيرة "النواحي السياسية والاجتماعية والقومية" يقول: "إلى ضرورة اجتثاث الخطر الكردي والإسراع في اقتلاعه من الجذور، مقترحاً خطة محكمة لتطويق ما يسميه بالخطر، قبل أن يتفاقم ويلتهب" وأضاف قي مكان أخرمن الدراسة دعا إلى "تشتيتهم وضرب بعضهم ببعض، وتجويعهم، وسد باب العمل والتوظيف أمامهم، وتجهيلهم وحرمان مناطقهم من الجامعات والمعاهد الحكومية، واعتبارها منطقة عسكرية، وتغيير ديموغرافيتها، وسحب الجنسية من سكانها من الأكراد ونزع الأرض منهم وتحريض العرب ضدهم وإسكانهم بينهم، ومنع كل من لا يتكلم العربية من ممارسة حقه في الانتخاب والترشيح".

* (3) أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1970 "حق تقرير المصير" لفئات ثلاث من الشعوب. فقد أصبح واضحا منذ ذلك العام، ووفقاً لميثاق الأمم المتحدة إن حق "تقرير المصير" يستدعي مستلزمات حددها القانون الدولي لذلك التصنيف، فجميع القرارات الصادرة عنها بهذا الشأن أكدت على مبدأ أساسي ألا وهو وحدة السلامة الإقليمية والوحدة السياسية للدول المستقلة وذات السيادة.