تتعالى صيحات من أطراف مختلفة فى مصر تطالب بتغيير الدستور المصرى. ولنا أن نتساءل أى دستور يقصدون... لعلهم يقصون ذلك المسخ المشوه الذى يسمى مجازا دستور... تلك الكتابة التى تعارض اولها ما جاء بآخرها يسمونها دستور؟ تلك الشخبطة التى تقول أن مصر دولة اشتراكية وتتكلم عن تحالف قوى الشعب العاملة، وتمتلىء بشعارات ومصاصات قصب ودعايات انتخابية وهتافات تصلح فقط لقيادة المظاهرات... يسمونها دستور؟ تلك الشخبطات التى خطها ترزية قوانين وخبراء فى القص واللصق والتخييط والترقيع... تسمى دستور؟ مواد ما أنزل الله بها من سلطان يتكلم أولها عن أن الشريعة الإسلامية هى المصدر أل...أساسى للتشريع ثم يتغنى وسطها بعدم جواز التفرقة على أساس الجنس أو الدين والعقيدة... تشكل دستور؟ مواد تطنب كلاما ممجوجا اهترىء من كثرة الإستعمال عن الحرية والديمقراطية والمهلبية يجمعونها من دفاتر انشاء طلبة الإعدادى ويضعونها فى شكل قانون ويحاولون إقناعنا بأنها دستور؟

الشعب المصرى يكاد ينتحر أفواجا يأسا من حياته بينما من يدعون الثقافة يطالبون بتغيير ما يسمى الدستور. يقول المثل المصرى "خلينا مع الكداب لغاية باب الدار" ونسأل أحد الكذبة: "ما الذى تريد تغييره فى الدستور؟" هنا يختلف السراق وتبدأ المسروقات فى الظهور، يقول لك الإسلاموى "حرية تكوين الأحزاب" ويقول لك الوفدى "تغيير طريقة انتخاب رئيس الجمهورية"، ويقول غيرهم "تحديد إختصاصات الرئيس وأسرته وتعيين نائب". ثم يطالب المجتمع الدولى بالنص على حقوق الإنسان والحيوان، ويستصرخ الأقباط إلغاء كل ما يتعلق بالإديان من الدستور، فالمفروض أن الدستور قانون، وأبجدية أى قانون تبدأ من أن تكون مواده عامة مجردة... أى ببساطة تعم الجميع وتتجرد من الهوى والغرض، وكيف يكون ذلك وكتبة المسمى دستور جعلوابعضه ميثاقا وبعضه كتاب دين والباقى بين بين...

أولا الحقوق والحريات لا ينشئها ولا يحميها دستور، الدستور ذاته يحتاج لمن يحميه بقلمه ومركزه وبدمه إن لزم الأمر... ومن المعتاد أن تجد أقسى الدكتاتوريات وأبشع الأنظمة لديها دستور بديع النظم، أين منه الدستور الفرنسى أو الأمريكى... ولكن حقارة مدعوا الثقافة والإعلام، وتواطؤ مرتزقة الفتيا، والرشا المقنع للقضاة وللمشرعين يجعل من مواد ذلك الدستور أضحوكة ومسخة تماما كما هى حال المسمى دستورا فى مصر... ثانيا على كل مدع يطالب بتغيير الدستور أن يتبنى الدعوة لكتابة دستور جديد، على الأحزاب أن تلملم زعمائها من مجالس القيل والقال والصوم بضعة أيام عن النعيق فى جرائدها الصفراء التى تمول من الحكومة أى من دافعى الضرائب وتكفر عن ذنوبها التى لا تقل إن لم تزد عن ذنوب الحكومة وتتقدم بمسودة دستور بصحيح وليس بطريقة الثلاث ورقات وفتح عينك تاكل ملبن، دستور خال من المعانى الملتبسة والكلام الذى جواه كلام على طريقة حزب الأخوان المنحل، ذلك الذى يناقض ظاهره باطنه والذى ينسخ آخره أوله...

عادل حزين
نيويورك