الحركات الاسلامية... شرعية النقد (8)

ما جد الغرباوي
- 4-
ثالثا- نسبية المعرفة الدينية
ما زلنا بصدد بيان مبررات نقد الحركات لاسلامية، التي ذكرنا منها: تاريخية الحركة الاسلامية كمبرر اول، وتعدد الحركات لاسلامية، كمبرر ثان، وستكرس هذه الحلقة لبيان صدقية المبرر الثالث، أي نسبية المعرفة الدينية، كي يمكننا نقدها والتعمق في اكتشاف مرتكزاتها. من هنا سنؤجل الحديث عن نفس المرجعيات كمقولات اساسية في بنية العقل الحركي، للتأكد من نسبيتها او نسبية بعضها كحد ادنى، للنشغل في اصل المدعى (نسبية المعرفة الدينية) الذي نطمح ان نؤسس عليه رؤية نقدية جديدة. أي سنؤجل الكلام عن النص (القرآن والسنة) اضافة الى التراث والفكر الاسلامي، التي هي مكونات المرجعية الفكرية والعقيدية للحركات الاسلامية.
وانما قلنا المعرفة الدينية لاستثناء النص (القرآن والصحيح من السنة)، باعتباره مطلقا لا تشمله احكام المعرفة الدينية التي هي قراءة وفهم له وليست هي النص ذاته. فثمة فارق جوهري بين النص كموضوع للقراءة والفهم من جهة، والفكر والمعرفة الدينية التي هي اشتغال على النص ونتاج بشري من جهة ثانية. وبالتالي فالمعرفة، التي هي فهم وقراءة للنص، تتأثر جزما بالخلفية الفكرية والنفسية والثقافية والعقيدية للقارئ (فقيه/ مفكر/ مثقف)، فيسقط عليها لا شعوريا ما ترسب في لا وعيه من رؤى وافكار وعقائد. بل وحتى الاعراف والتقاليد والعادات والظروف الزمانية والمكانية والمستوى الثقافي العام والتطور العلمي والتقني، تؤثر بمستويات متفاوتة في فهم النص، كما بالنسبة الى كتب التراث حينما تتصدى لبيان الظواهر الكونية مثل حركة الشمس والارض والقمر، او رأي الفلاسفة بالنسبة للاجزاء الصغيرة (كالذرة).
وايضا كل قراءة تتصف بالتحيز وعدم الثبات. فهي بشكل واخر متحيزة، وليست هناك قراءة بريئة او موضوعية لا يشوبها شيء من تاثيرات الخلفية الفكرية والعقيدية. كما تبقى القراءة، أي قراءة، تحتمل الخطأ والصواب ما دامت نتاجا بشريا، وليست ثمة قراءة تطابق الواقع او تمثل الحقيقة مهما بالغنا في مواصفاتها. ويكفي دليل على ذلك تأثر التفسير (تفسير القرآن الكريم) من عصر الى عصر ومن زمان الى آخر، فتجد بصمات الثقافة والفكر والتطور العلمي بادية على التفسير عبر مراحله التاريخية، كما تؤثر فيه الميولات الشخصية للمفسر، فاذا كان المفسر لغويا انتج لنا تفسيرا لغويا وركز على بلاغة النص، واذا كان فيلسوفا نراه يؤول الايات تأويلا فلسفيا ويستخدم في كلامه مصطلحات الفلاسفة وادواتهم كالوجود والماهية والقديم والحادث، واذا كان يهوى العلوم الطبيعية يلوي عنق النص ليتطابق مع المكتشفات الحديثة، والمؤرخ يتعقب اسباب النزول والحوادث التاريخية، والمحدث يكثير من الروايات ولا يخرج عن دائرتها، والعرفاني يسافر بنا في تفسيره الى عوالم اخرى، والايديولوجي يحول النص الى بيانات ثورية. فماذا يعني كل ذلك؟ الا يعني تأثر المفسر والقارئ بقبلياته وميوله؟ فلماذا لا نستثمر هذه الحقائق لارساء قيم التسامح والعفو والرحمة، ام ان الوعي الرث لا يأبى الا الجمود والتحجر والتقوقع على الذات ونفي الآخر ومصادرة حقه في التعبير عن وجهة نظره والاحتفاظ برأيه.
صحيح ان النص ليس قطعة جامدة ويزخر بثروة دلالية هائلة، فهو بطبيعته يستجيب لتعدد القراءات، لكن كيف تتعد القراءات اذا لم تكن الخلفيات الفكرية والعقيدية مختلفة؟ وكيف تتطور القراءة اذا لم يتوفر القارئ على ثراء فكري وثقافي ومعرفي؟ لا شك ان المسالة عصية على الوعي الساذج لكنها ليست عصية على الفهم مطلقا، وتحتاج الى قدر من التروي والدقة. بل حتى الاجتهادات الفقهية هي الآخر تتأثر بالظروف الزمانية والمكانية، ويؤثر بها المستوى الفكري والثقافي للفقيه، لذلك تختلف الفتوى من فقيه الى فقيه ومن عصر الى آخر. وليس اختلافها بسبب الشواهد التاريخية فقط، وانما بسبب اختلاف الشواهد التاريخية ودرجة اعتماد الفقيه عليها، وايضا تبعا لخلفيته الفكرية والثقافية. وكمثال حي وشائع وبسيط لتأثير الخلفيات المذهبية والايديولوجية لاحظ الفرق في تفسير آية التطهير(انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا)، من خلال الاية ذاتها، أي بمعزل عن القرائن والنصوص النبوية. ففريق من المسلمين استفاد منها تنزيه وعصمة أهل البيت، وحصر مصاديقها في خمسة منهم وفقا لبعض القرائن المقالية، بينما جعل فريق آخر مصاديقها منحصرة في نساء النبي، باعتبارهم اهل بيته، ولم يرتفع بهم الى درجة العصمة كما هي عند الفريق الاول. او آية (انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويأتون الزكاة وهم راكعون)، اذ اعتبر بعض ايتاء الزكاة في الاية صفة لولاة الامر من المؤمنين، بينما اعتبرها آخر فعل وعمل قام به احد المؤمنين اثناء صلاته، فاستحق ان يكون وليا للمؤمنين بعد الله ونبيه. او الايات المتشابهات كما في آية (وجاء ربك والملك صفا صفا)، اذ استدل بها بعض على جواز رؤية الباري تعالى يوم القيامه، بينما أولها آخر بالملك والقوة والسلطان، لان الله (ليس كمثله شيء) فلا تجوز رؤيته.
وليس الامر مقتصرا على الخلفية المذهبية وانما يتعدها الى الثقافة والفكر والعقيدة والبيئة والظروف الزمانية والمكانية. وليس ذلك نقص او عيب او مثلبة تلاحق صاحبها، وانما طبيعة البشر الاختلاف والتباين في ثقافاتهم وفكرهم، وما يلازمه من تباين في فهم النص. بل حتى النص الديني لاحظ الظروف الزمانية والمكانية لمخاطبيه، فلم يذكر مفردات وامثلة من خارج البيئة العربية، رغم قدرة النص الكبيرة على البقاء والاستمرار، لكنه يعلم جيدا مدى تأثير قبليات الفرد في ادراك دلالات النص. ولو شاء الله لجعل النص جامدا لا يقبل تعدد القراءات، او لو لترك لنا رسول الله (ص) تفسيرا كاملا للقرآن واراح الامة من مغبة الاختلاف، لكن (اختلاف امتي رحمة)، (ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم فيما اتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون).
اذا ليست المشكلة في اصل الاختلاف والتباين وانما المشكلة الاساسية ثمة من لا يعتقد بنسبية المعرفة الدينية، وانما يتعامل معها بقدسية بالغة، ويصر على جزميتها ونهائيتها، ويرتب عليها اثارا كبيرة. يرفض التشكيك بها او التقليل من قيمتها المعرفية. بل اكثر من ذلك يتخذ منها اساسا لنفي الآخر والطعن بمصداقيته حتى تصل درجة التشكيك بدينه وعقيدته وايضا تكفيره وجواز محاربته وقتله. ومن هنا نشأت الخلافات المذهبية، التي لا تعدو كونها اجتهادات ورؤى بشرية، فتحولت الى مفاهيم مقدسة لا تحوم حولها الشبهات والشكوك.
وتتصف المعرفة الدينية ايضا بقدرتها على حجب النص، فتحل الشروحات محل النص، والهوامش محل المتون، وتتحول بدورها الى كائنات مقدسة تتعالى على النقد والمراجعة، وتنقلب الى مرجعية نهائية، تقوم سلوكنا، وتوجه افكارنا، وتملي علينا شروطها وملابساتها. أليس هذا موقفنا من التراث بل وجميع المعرفة الدينية والفكرالاسلامي؟ وهل نقدم اليوم شيئا سوى تبني تلك المعارف والعلوم، والتعهد بالعمل بها والمحافظة عليها والدفاع عنها؟ وبدلا من الانشغال بفهم النص وبيان حكمته ننشغل بفهم النص الثاني، بل ونتطاحن من اجل كتب القدماء، ونختلف في فهم تراث السلف، فنشأت مذاهب جديدة على هامش المذاهب القديمة. وهذا امر واضح جدا في مجال المدارس الدينية. اذ طالما تستهلك طلاب العلوم الدينية دراسة وفهم الشروحات والتعليقات والهوامش والحواشي، على حساب دراسة النص نفسه، حتى بات من الصعب على طالب العلم الاشتغال على النص مباشرة. بل لا يقرأ النص الا من خلال نص آخر (حتى تراكمت النصوص وحجب بعضها البعض)، ولا يفهم الا عبر فهم آخر. وبهذا الشكل تكونت سلطة واسعة لرجال العلم، تستمد وجودها من احتكار فهم النص الديني. والذي كرس سلطة رجل الدين اكثر، اشتمال الشروحات على مصطلحات خاصة لا يفهمها الا عدد من المتخصصين فيكون الطالب مجبرا، من اجل فهم تلك الكتب الصفراء، الرجوع الى اساتذة التدريس للفهم والتلقي المباشر. وكمثال على قدسية النصوص الثانوية وانقلابها الى سلطة معرفية، نجد سيد قطب مثلا، رغم ما يتمتع به من مستوى فكري ومعرفي، لا يقارب النص مباشرة في مفردة الجهاد في سبيل الله (انظر كتاب معالم في الطريق) وانما يلجأ لاستعارة نص آخر يلبي توجهه الايديولوجي ويضفي عاليه قدسية عالية، فيبدأ فصل الجهاد في سبيل الله بهذه العبارة: (لخص الإمام ابن القيم سياق الجهاد في الإسلام في " زاد المعاد " في الفصل الذي عقده باسم: " فصل في ترتيب هديه مع الكفار والمنافقين من حين بعث إلى حين لقي الله عزَّ وجلَّ ":...). وكان بامكانه صياغة موقف دينيي ازاء الآخر، أيا كانت مواصفاته، من خلال الرجوع للنص مباشرة (القران والسنة)، سيما وهو متصدي لتفسير القران، لكنه لم يفعل، لانه يعلم جيدا ثمة اراء في المسالة، فهناك من يقرأ آيات القتال ضمن سياقها التاريخي، ولا يعول على اطلاقاتها، لعدم فعليتها، ويرفض تعميمها على حالات اخرى الا بتطابق الموضوع بكل ابعاده وقيوده وشروطه، ومنهم اقتصر على جواز الدفاع دون الحرب الابتدائية، و... فاختار من الاراء ما يتماهي مع توجهه الايديولوجي ويضمن له شرعية عالية لدى القارئ. فقرأ النص من خلال نص آخر يلبي طموحاته وغاياته.
اذا ليس هناك معرفة دينية ثابتة او مطلقة او جزمية او نهائية، ما دامت تتأثر بقبليات الفقيه والمفكر والمثقف. بل وتتأثر بالظروف الزمانية والمكانية، وتؤثر بها الاجواء الفكرية والثقافية، والمستويات العلمية والاعراف والتقاليد والعادات. وليس هناك معرفة دينية مطلقة او مقدسة، او مجردة عن تاريخيتها، وتتعالى على النقد والمراجعة، بل ان ثباتها واطلاقها يعد نكسة فكرية وعقيدية، وهي احد اسباب تخلف الفكر الديني وعجزه عن مواكبة مستجدات الحاضر. كل الحلول المقترحة لمعالجة اشكاليات الفكر الاسلامي معالجات فوقية لا تؤثر بشكل جذري، ولا تحدث نقلة نوعية على المستوى الفكري والعقيدي، لانها لا تمس الجذر المعرفي، فما زالت مقولات الفكر الديني هي هي كما صاغها لنا اسلافنا رحمهم الله وفقا لظروفهم ومستوى فهمهم.
وهذه الحقيقة (نسبية المعرفة الدينية) تضع رصيد مرجعية الحركات الاسلامية من المعرفة الدينية امام النقد وتسمح بمراجعتها وتفكيك انساقها، لاكتشاف درجة فاعليتها ودورها في بناء الفكر الحركي. وما لم نقوم بهذه العملية الجراحية العنيفة، سيبقى الفكر الحركي مصدرا للعنف، واساسا للتكفير والاحتراب والتنابذ. واذا سلمنا بهذه الحقيقة سوف يخرج الفكر الحركي من عليائه، ويترنح امام مبضع النقد والتشريح، فالفكر الحركي كأي فكر اسلامي، هو نتاج بشري، متأثر بقبليات الكاتب وفكره وثقافته. فمثلا عندما نريد نقد كاتب اسلامي كسيد قطب، فلا شك سنأخذ بالاعتبار الخلفية الفكرية والثقافية قبل انضمامه لحركة الاخوان المسلمين، ووضعه النفسي الناتج عن اعتقاله، خيانة رفقاء الثورة به، وحرمانه من مكتسباتها، هاجس الانتقام من الخونة، رؤيته للغرب وحضارته. وكل ذلك يمكن اكتشافه من خلال النص نفسه. فالنص بقدر ما يبوح لنا بمعانية ودلالاته، يتستر على جملة من اسراره وثغراته. فسيد قطب رحمه الله مثلا يتستر في كتابه معالم في الطريق على دوره في انتاج الافكار، ويجزم بانتسابها الى الله تعالى. وكأن دوره دور الناقل للخبر، بل حتى ناقل الخبر عندما ينقله بالمعنى، كما يفعل الرواة، يتأثر ايضا بقبليات الراوية، فكيف والشهيد قطب يسطـّر لنا موسوعات فكرية؟ فهو يقول في صدد بيان شرعية التلقي العلمي والمعرفي عن غير المسلم بل وغير المؤمن التقي: (فليس الذي سبق في هذه الفقرة رأياً لي أبديه.. إن الأمر أكبر من أن يفتى فيه بالرأي.. إنه أثقل في ميزان الله من أن يعتمد المسلم فيه على رأيه، إنما هو قول الله – سبحانه - وقول نبيه صلى الله عليه وسلم.. نحكِّمه في هذا الشأن، ونرجع فيه إلى الله والرسول، كما يرجع الذين آمنوا إلى الله والرسول فيما يختلفون فيه). بينما لا يعدو كونه رأيا شخصيا ينتسب لقائله، وقد يختلف فيه ذوي الاختصاص من شخص الى آخر. فاراد الشهيد قطب من خلال نسبة الراي الى جهات مقدسة، منحه درجة عالية من القداسة، ليتحول بدوره الى نص مقدس ايضا لا يمكن مارجعته او نقده. وليس هو رحمه الله الوحيد في هذا الاسلوب وانما له من يماثله ويمارس نفس الاسلوب في كلامه. فعملية التحكيم، التي يتحدث عنها سيد قطب، هي عبارة اخرى عن القراءة والفهم والاجتهاد. فهو يجتهد في تحكيم هذه الاية او تلك، او يجتهد في استنطاق النص وتوظيفه بشكل يخدم الهدف من الاستشهاد به. وبالتالي فكما رأيه تحكيم، كما يعبر، او اجتهاد وفهم، كما نعبر، فثمة من يختلف معه في التحكيم او القراءة والفهم. فلا تبقى قدسية لاي مصفوفة فكرية من أي مفكر صدرت، وانما تصبح بدورها موضوعا للنقد والمراجعة.
اذا نسبية المعرفة الدينية كحقيقة معرفية ستساعد على نقد مرجعية الحركات الاسلامية بكل مكوناتها في غير دائرة النص، وستساهم في تفكيك انساقها والوقوف على ثوابتها ومحدداتها. وسنجد حينئذٍ ان حركة الفكر الحركي المسؤول عن مساحة كبيرة من العنف راهنا توجهه ثوابت فكرية تعالت على النقد والمراجعة بسبب الهالة القدسية التي اضفيت عليها فأخفت بشريتها ونسبيتا، وتحولت الى نهائيات وجزميات ومطلقات لا يمسها النقد ابدا. لذا من يقرأ فكر الحركات الاسلامية تفكيكيا سيكتشف كثيرا من الألاعيب والتحايلات، وجملة كبيرة من الاراء الشخصية التي لا تعدو كونها اراء اجتهادية غير انها تحولت الى احكام شرعية ومقدسات تتصرف بمصير الامة الاسلامية. والا كيف يلهج الخطاب الحركي بتكفير الاوساط الدينية، ويحكم بجهالته بل وكفر المجتمعات الاسلامية؟ أليس هناك فهما خاصا وراء ذلك؟ أليس هناك ثوابت توجه حركة الخطاب التكفيري؟ اذاً ليس امامنا خيار سوى فضح الابعاد البشرية في فكر الحركات الاسلامية. وفرز ما هو نص يتعالى على النقد والمراجعة، وما هو معرفة بشرية، بحاجة ماسة الى الـتأمل والنظر. نحن معنيون برفع مستوى وعي الحركات الاسلامية لتكتشف ابعادها البشرية، وتحكم عليها بنفسها، كي يكون لها مبرر للمراجعة واعادة النظر بجميع ثوابتها وايديولوجيتها، واحكامها. وتعمل على بناء منظومة فكرية مرنة لا تستعصي على النقد والمراجعة، فليست هناك معرفة نهائية وجزمية ومطلقة، كل ما عدا النص نسبي ولا جزمي ولانهائي، وقابل للمراجعة النقد. وبهذه الطريقة فقط يمكن للحركات الاسلامية تحديث مرجعيتها، والتأهل ثانية للعدودة الى المجتمع مجددا برؤى وافكار صالحة للتعايش والاعتراف بالاخر، بعد الكف عن الاحتراب والتنابذ والتكفير. اذا ليست المسألة اختيارية او فردية وانما مسؤولية جميع الاوساط الفكرية والثقافية، فالحركات الاسلامية جزء لا يتجزء منا، ولها دورها وتاريخها، وما يصدر عنها اليوم صفحة سوداء ستلاحقنا تبعاتها مدى الزمان، وما لم نعمل بجد على تفكيك منظومتها الفكرية والايديولوجية ستتفاقم الامور الى درجة استباحة دماء الجميع كي لا يبقى في الارض الا ثلة من ذوي الجباه السوداء واللحى الطويلة، شاهرين السلاح في كل مكان، ومعلنين الحرب على الجميع. فهل هذا يعني عودة الخوارج ثانية؟ ربما: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب)، وليس في هذا الكلام تعميم او شمول، وانما هي حالات وظواهر ينبغي نقدها وتقويمها، ومن لم تشمله فاليتحرك معنا لا نقاذ البقية الباقية من ابناء الحركات الاسلامية ومن تأثر بهم.
[email protected]