سألت المذيعة الجميلة "أوبرا" ضيفها الذي خاطر بحياته لإنقاذ طفلة رضيعة: "ما الذي دفعك لهذا؟ لا أري سببا مقنعا.. أنت زوج شاب في الثلاثين.. و أب لطفلين جميلين.. ألم تفكر بكل هذا و أنت مقدم علي إجراء جراحة الكبد الخطيرة لإنفاذ طفلة عمرها أيام؟؟!"

رد عليها بمنهي الرقة و الهدوء "لقد عشت ثلاثين عاما مليئة بالبهجة والفرح راض عنهم و سعيد بهم، أما تلك الطفلة لم تعش.. من حقها أن تنعم كما نعمت أنا.. ولا أريد لأبواها أن يتجرعا ألم فقد أول طفل لهما لأني و زوجتي مررنا بهذا و نعرف كم هو مؤلم".

و بكي الجميع متأثرين..

شخص يضحي بحياته و سعادة أسرته لأجل طفلة لا تربطه بها علاقة، و نحن هنا لازلنا نتجادل حول شرعية نقل أعضاء "المتوفييييييييييين"..

مقارنة مُرّة..

تذكرت لحظتها كلام مثقفينا الممجوج عن مادية الغرب و دفء الشرق و شهامته!!

أي شهامة و أي أخلاق تلك التي تدّعونها لأنفسكم؟

ممارساتنا الأخلاقية لا تختلف عن أداء الحمار الحصاوي لبحيرة البجع!!..

الدين الذي نمسي و نصبح علي التمسح به.. و الأخلاق التي ندّعي إحتكارها.. و النخوة التي
نقصرها علي شرقنا السعيد.. و الحب الذي نقحم أنفسنا داخل أنسجته الرقيقة حد أن مزقناه.. كل هذا لا يتعدي خناقة من أجل سنيورة صرخت "يا سافل" لتجد كل من بالشارع إلتفت ليلقن هذا السافل درسا لن ينساه.. لا لشيء إلا لأنهم أكثر سفالة منه.. كلٍ يريد إثبات رجولتة.. و حظوته لديها.

ماعدا ذلك فهو يندرج تحت بند "أسمع قرقعة ولا أري طحناً".. لم أسمع عن شخص تبرع بقلامة ظفره حتي بعد مماته لإسعاد غيره..
لكنه قد لا يجد حرجا من قطع ذراع غيره للتبرع به!!

أي ثقافة تلك التي جعلتهم بهذا الرقي و جعلتنا نحن بهذا الإنحطاط؟؟

هي ببساطة ثقافة "تشكر بعرفان" حينما تمتن للآخر، و "تعتذر بقوة" عندما تخطيء.. "تبكي بتلقائية" عندما تتألم، و "تحب بصدق" في كل الأوقات..

لا أكثر..

يوجد خلل غير مقبول و غير مفهوم في أفكارنا و مفاهيمنا..

متي نستيقظ من ظلام العصور الحجرية لندرك أن الإنسان أرقي من أن يُسجن في صَنم لا يخطيء ولا يعتذر لأن الإعتذار مذلة!! صنم لا يبكي لأن البكاء ضعف!! صنم يدعي حب الآخرين بفمه فقط لأن لا قلب له؟!

الآن عرفت لماذا عارضوا هذا التشريع.. لأن أحشائهم حجرية غير قابلة للنقل و ستحمل معها موتا أينما وجدت!!

ماريان جورج- القاهرة.