الدفين اللامبرر على الشعب العراقي، وبات القاصي والداني يعرف ان دفاع هؤلاء عن مجرمي ( المقاومة) هو تحريض علني وقح وصفيق على قتل العراقيين وتدمير وطنهم العراق. ولأن ساعة الحقيقة قد حانت وبات انتصارارادة الشعب العراقي على( ابواب) صناديق الأقتراع (وهو مايشكل هزيمة كبرى للأرهابين وفيلقهم الأعلامي )، بادر عدد من داعمي ارتكاب الجرائم في العراق الى المباشرة بعملية( انسحاب منظم ) وسط (قنابل دخانية) تعمي الذاكرة عن دعمهم العلني والمكشوف لأشاعة القتل المجاني في العراق. احدى هذه( القنابل الدخانية) القى بها المنظّر الأخواني السيد فهمي هويدي(في مقاله المعنون: لاكل شيعة العراق مهادنون ولاكل السنة متطرفون، والمنشور في الشرق الاوسط يوم 19 -1-2005) حيث حاول ان يوهم الناس انه لم يكن يدعم الجرائم التي ترتكبها ( المقاومة )، ولكنه( بدل ان يطببها عماها) لانه ادعى ان جرائم ( المقاومة) يقوم بها اناس مجهولون (لايعرف فاعلها الحقيقي) وان (تسليط الضوء على تلك الجرائم مقصود، وان المراد به تشويه حقيقة المقاومة واثارة المشاعر ضدها وتيئيس الناس منها)!! وأن ( التعتيم الاعلامي الذي تفرضه السلطات الأمريكية بوجه خاص ) حقق نجاحا في ( تشويه صورة المقاومة العراقية بحيث ارتبطت في الأذهان بعمليات قتل العراقيين وترويعهم )!! فالذي رسخ صورة ( المقاومة ) السوداء في اذهان العراقيين ليس جرائمها الموثّقة بحق الشعب بل الدعاية الأمريكية المغرضة!! وان كل الأشرطة التي عرضتها (شقيقته الجزيرة) عن عمليات الخطف والذبح ( على الطريقة الأسلامية) هدفها تشويه صورة المقاومة !! وكل التفجيرات التي تستهدف الأحياء السكنية وقتل الأبرياء واستهداف قوات الشرطة والحرس الوطني، كلها بالنسبة للسيد هويدي ( لايعرف فاعلها الحقيقي ). ترى ماهي اذا افعال (مقاومته) التي يؤيدها ويحرض عليها؟هل هي توزيع الياسمين في محلة البتاويين ؟!! يدعي السيد هويدي ان المقاومة التي ايدها (وسوّد وجه) المقالات دفاعا عنها هي (المؤتمر التأسيسي) و(هيئة علماء المسلمين) والذين وصفهم بانهم ( يمثلون اوسع شريحة من الشعب العراقي).
وبغض النظر عن ( الاحصائية) التي جعلته يجزم بأن (المؤتمر التأسيسي وهيئة علماء المسلمين) يمثلون (اوسع شريحة) عراقية( مع العلم ان الهيئة جزء من المؤتمر التأسيسي، والطرفان ادعيا انهما استطاعا تجميع مليون توقيع فقط لتأييد مطلبهم بنسف العملية السياسية الجارية في العراق، واذا صح ادعاؤهما فهم في هذه الحالة يمثلون فقط واحد من 22 لان تعداد الشعب العراقي هو 22 مليون وهذا يبطل ادعاء السيد هويدي حول تمثيلهم لاوسع شريحة) وبغض النظر ايضا عن الشكوك والأتهامات التي تحوم حول الهيئة وعلاقتها بالمجازر الجماعية التي ترتكبها (المقاومة) فان كل القوى السياسية العراقية والحكومة المؤقتة تعاملت ايجابيا مع الهيئة ( الى درجة الدلال) واجرت وتجري مفاوضات معها، والكل يحترم معارضتها السلمية (ظاهريا)، وبالتالي فان السيد هويدي ليس له سبق اكتشاف( اهمية) الهيئة. ولكن هل حقا ان السيدهويدي لم يكن يدعم المجاميع الأرهابية وان دعمه منصب فقط على المقاومة السلمية التي لااحد يعترض عليها او يمنعها ؟ تعالوا نلقي نظرة على مقالة اخرى كتبها في نفس الصحيفة ( الشرق الأوسط) في العاشر من نوفمبر(تشرين الثاني) عام 2004 بعنوان (لماذا يقف العرب متفرجين امام ترتيبات ذبح الفلوجة) حيث يقول: (منذ ثلاثة اسابيع والفلوجة تتعرض لقصف يومي مكثف استخدمت فيه قنابل زنة 500 رطل الأمر الذي يعني ان مسلسل التدمير والترويع مستمر لكسر ارادة المقاومة الذي يتردد بقوة في مدن اخرى مثل الرمادي وسامراء وبعقوبة) والكل يعلم من هم (المقاومون) في هذه المدن، انهم من يرسل السيارات المفخخة لقتل الأبرياء، انهم مرتكبي الجرائم التي يدعي هويدي انه (لايعرف فاعلها الحقيقي)، وحتى حين عرف وشاهد (مقار) الجريمة في الفلوجة التي يذبح فيها الرهائن فانه صمت صمت الأموات معتقدا ان ذاكرة الناس ضعيفة او معدومة ولن يتذكر احد تمجيده الدائم بهذه المقاومة التي اختطفت الفلوجة واقامت فيها دولة طالبان جديدة. ان ( المقاومة) التي يحرض عليها السيد هويدي ومن لف لفه هي نفسها التي ارتكبت كل الجرائم في العراق، وهي(الجرائم) تنسجم مع فكر (الأخوان) الذي يري الناس حنطة(مسالمة) ويبيعها شعيرا(ارهابيا)، غيران افتضاح لااخلاقية المقاومة ولااخلاقية المدافعين عنها جعلهم يحاولون الباس الارهابيين لباس ملائكة الرحمة الذين يوزعون حلوى ( الرحمن) على اطفال العراق. ان هؤلاء كانوا يؤيدون الجريمة والمجرمين ولما حاصرتهم الفضيحة وتأكدوا من عزلتهم وعزلة ( مقاومتهم) لجأوا الى اسلوب تضليلي مخادع يقوم على ادانة الجريمة وتبرئة المجرمين. ان هويدي مثلا يدين ظاهريا تطرف الزرقاوي لكنه يسجل جرائم الزرقاوي ضد مجهول، كما لايتطرق، وبشكل مقصود، الى مركز ثقل ( المقاومة) الذي هو فلول البعث واجهزته الأرهابية حتى يعطي لل(مقاومة) بعدا وطنيا نبيلا يتمثل في اخراج القوات الأجنبية، ويمكن اكتشاف هذا الهدف من خلال قوله (ان العراقيين الذين فاجأوا الأحتلال بمقاومة اسرع مما توقع الجميع قادرون على ان يكرروا المفاجأة فيقيموا نظاما وطنيا ثابت القدم اذا انسحب الغزاة ). أن العراقيين الذين (فاجأوا الأحتلال بمقاومة) هم معروفون حتى للسيد هويدي، انهم بقايا البعث المتحالف مع التكفيريين الذين خرجوا من (معطف) الأخوان، وهم الذين يحلم السيد هويدي بتمكنهم من الأستيلاء على الحكم ( اذا انسحب الغزاة)، غير انه لايريد ان يصرح بهذ الهدف، حتى يجمّل عمل الارهابيين ويصوره على انه عمل وطني يسعى الى خير العراقيين، ولذا فانه يغمز من قناة كل القوى الوطنية التي انخرطت في العملية السلمية من اجل تحرير العراق وبناء دولة عصرية ديمقراطية ويسميهم ( المهادنين) وهو بهذا يشتم ال 21 مليون عراقي (الذين لم يوقعوا للضاري وعبد الأمير الركابي). واذا كان السيد هويدي يمدح (العقلاء امثال الضاري) لانهم اختاروا معارضة الأحتلال بصورة سلمية فهو قد اغفل حقيقة كبرى يعرفها كل متابع للشأن العراقي وهي ان كل القوى العراقية ( المهادنة)التي انخرطت في العملية السياسية ( تحت ظل الأحتلال) تعارض الأحتلال بصورة سلمية ايضا، وان مايفرقها عن هيئة علماء المسلمين والمؤتمر التاسيسي( اذا افترضنا ان هؤلاء لايدعمون الأرهاب بصورة سرية، ويحملون نوايا طيبة للوطن ) هو انها تعمل فعلا على اخراج القوات الأجنبية من العراق من خلال استكمال بناء مؤسسات الدولة العراقية، في الوقت الذي تدعو فيه الهيئه والمؤتمر التاسيسي الى توقف كل مناحي الحياة لحين انسحاب القوات الأجنبية. غير ان هذا الفارق هو شكلي، تضليلي، مخادع، ويخفي في داخله امور اخرى اكثر خطورة يعرفها السيد هويدي ويغض النظر عنها ومنها:
اولا: ان الهيئة ترفض ان تنال اغلبية الشعب العراقي حقوقها الطبيعية العادلة بدون زيادة او نقصان وتسعى الى استرجاع ( القسمة التأريخية الضيزى) التي جعلت اقلية تحرم الأكثرية من حقوقها الوطنية الطبيعية.
ثانيا: ان هيئة علماء المسلمين لاتمثل ابناء السنة كسنة قدر تمثيلها للمتضررين من سقوط النظام الصدامي، وبهذا فان عملها يصب في (مستنقعات) العداء للشعب العراقي لانها تحاول ان تحرض السنة (كمجمجموعة دينية مذهبية) ضد اخوانهم العراقيين من ابناء المذاهب الأخرى لمجرد ان الأخرين اتيحت لهم فرصة تأريخية لأخذ حقوقهم الوطنية الطبيعية.
ثالثا: ان الهيئة ليست اكثر اخلاصا للعراق واستقلاله وحريته من الأخرين الذين يسميهم السيد هويدي بالمهادنين، ولانظلم احدا حين نقول ان كل قيادة الهيئة كافراد عراقيين لم توخز ضمائرهم كل عمليات هدم العراق التي مارسها صدام لسبب واحد وبسيط وهو ان مصالحهم لم يمسها النظام او قل كانوا مستفيدين من النظام، وان مايحرك معارضتهم اليوم هو ليس غيرتهم على العراق بل (غيرتهم) من الأخرين الذين ستؤهلهم اكثريتهم السكانية لنيل حقوق كانت من (حصة) الأقلية.
اننا نقول لكل داعمي الأرهاب والمحرضين عليه الذين يحاولون اليوم ان يجمّلوا (اخلاق) واعمال مجرمي (المقاومة ) ان الشعب العراقي يملك في داخله امكانية القضاء على الأرهاب البعثي والسلفي كما يملك الحق الكامل بمقاضاة من ساهموا بالتحريض على سفك الدم العراقي، ومن يفلت منهم من مقاضاتنا لن يفلت من مقاضاة التأريخ الذي سيلعنهم لانهم شركاء في جريمة اهدار الدم العراقي.
[email protected]