طائرة البوينك تحتاج الى 6 ساعات و 40 دقيقة للحط في مطار بغداد الدولي بطيران متواصل من مطار هيثروا في لنــــدن.

ولكن... بثوان معدودات نخاطب أهلنا ونتصل بهم ونكتب اليهم عن طريق الانترنيت...! حقا أن في التقدم العلمي التكنلوجي ما يذهل تصرفات الامريكان الحمقاء مفزع المواطن العراقي.

الاعلان الواسع والنافذ خاصة فضائيتي العربية والجزيرة بنشراتهم ومناهجهم وهم يكملوا بعضها البعض بأعطاء تفاصيل البعض الآخر، وكل مغترب متتبع للاحداث وكأنه يتعايش مع الاحداث أولا بأول....

نحن العراقيين بطبيعتنا نتفاعل ونندمج مع هذه المناهج الفضائية وتؤثر فينا تأثيرا هائلا تؤدي أحيانا الى أنهيار البعض ممن هم قلقون على أبن أو أخ أو أب لهم.

وفي الواقع أن أحداث غزو الكويت الشقيق سنة 1991 جعلت من أم أولادي تنهار عصبيا اذ كان لها ولدين يواكبان الجيش العراقي في الاحتلال. ورغم أن كلاهما مهندس معماري ألا أنهم ذهبوا مع الجيش واصبحوا جنود عاديين أخذوا قسرا بواسطة( أبو حلى ) حيث أجبرهم بدخول حربه البعثية العبثية ضد الجارة الكويت.

هذا في الماضي ويومنا هذا ولا زلنا نحن نعايش قسوة الاغتراب نتيجة هروبنا من ظروف صدام الاستثنائية.

والفضائيات تنقل لنا اليوم الحالة الكارثية التي يعيشها أناسنا وأهلنا والمواطن العراقي محاصر من ثلاث جهات، الارهابيون من جهة ومخابرات الحكومة المؤقتة من جهة أخرى ناهيك عن مجموعات متصارعة بدافع التخريب أو الطائفية أو تصفية الحسابات.

حقا أن بغداد/العراق بكاملها في ملحمة فوضى تفوق ملحمة كلكامش بواقعيتها.

قتل.......

أرهاب...

والله الساتر من النتائج.. ويشد المغترب لقوة حنينه وارتباطه بالوطن ومما يسمره على شاشة التلفاز لمشاهدة الاحداث وكأنه يشارك فيها وهو في صميم الحدث.

من المفيد أن أنقل الحالة التي أستمعت اليها تلفونيا من أحد الاصدقاء في بغــــداد.

الحالة الاولى:
الناس في حيرة حول كيفية الادلاء بأصواتهم للذين يصرون على أجراء الانتخابات في موعدها 30 كانون الثاني 2005 وهي ضرورة وطنية ودينية حسب فتوى آية الله العظمى علي السيستاني. أو دافع مصلحي يدفع فئة المرشحين بدافع القربى والعشيرة لوصول المرشح الى قبة البرلمان المرتقب وهم بين الخوف وبين الرغبة وبين التمسك بالدين والفتوى لا يعرفون أين يسيرون وبأي أتجاه.يذهبون.

السلطة تأمر بالانتخابات والواقع شيء آخر مخيف بعيد عن تلبية أوامر السلطة.

الحكومة تمنع مرور السيارات قرب صناديق الاقتراع. فبالله كيف تصل الاكثرية المفزوعة سيرا على الاقدام للادلاء بصوتهم للمرشح.. فاين الحل...؟ من هذا الجنون الفوضوي.

السلطة قررت أعلان منع تجوال السيارات أثناء الانتخابات وقد طبقته على مدينة تكريت وقررت سريانه الى ما بعد الانتخابات.

في هذا الجو الذي يعيشونه العراقيون الآن ونحن معهم بالاتصالات اليومية نتعرف على أخبارهم ومشاعرهم على مدار الساعة. وبعضا يرن التلفون أو الانترنيت لمتابعة التفجيرات. هذا التواصل اليومي في شعور المغتربين مع أهاليهم (أنصافا) هو نتيجة لسماح الامريكان بها باتصالات تلفونية وحرية تملك الفضائيات وتوفير أدوات الاتصال السلكية واللاسلكية مع توفير الحرية النسبية لمراسلي الفضائيات ليسجلوا ما يدور يوميا على الساحة وهذا ما لم يكن موجودا سابقا.

هل أن هذا الالتصاق بالدم والطائفة والعشيرة ظاهرة صحية أم أن الشرقيون وخاصة العراقيون تسيرهم العواطف وحبهم لوطنهم وشعبهم يجعلهم أسرى عواطف ليستمروا بعيدين عن المنطق العقلاني وهم عاطفيون بالفطرة...! وقد تكون قراراتهم مزاجية وانفعالية.. يبالغون بالحب... ويفرطون بالكراهية كما يحصل الآن
في حقدهم على جنود الاحتلال وجنود الحلفاء وكل شيء يشم منه رائحة الاحتلال والقسر والبطش واستعمال القوة المفرطة بحجة ردع الارهاب وهذه هي ما يملكه العراقي من حس وطني ووعي سياسي يتوارثه جيلا بعد جيل وعلى ممر العقود والقرون.

الحالة الواقعية الثانية – بدأ العراقيون في بغداد بالتسوق والشراء وتكديس المواد الغذائية والحاجات الحياتية الاخرى لفترة لا تقل عن أسبوع.... لماذا
هل أنهم مذعورين مما يخافون أن يحدث أو توقعا لليالي حبالى بالشر والارهاب والقتال مما يجعل حياتهم وأطفالهم في خطر محدق......

هذا الذي يؤكد لنا أن أقبال العراقيين على صناديق الاقتراع سيكون ضعيفا جدا...!! رغم كل الاغراءات ومهما تعاظم الوعد والوعيد بنار جهنم في الآخرة.

يتهامسون رعبا ما عسانا أن نصنع وما نستطيع أن نفعله بين جرش رحى صخرتين صخرة طالبي التأجيل وصخرة فارضي ممارسة الانتخابات...!! يقولون لبعضهم "شنو هل شدة يا رسول الله " لماذا الاستعجال على فرض أنتخابات تحقق مصلحة الغير. ما يضر الامريكان لو قبلوا أرجاء التأجيل الذي صدر عن أهم السياسيين في الساحة مثل رئيس الوزراء وكاكه مسعود والدكتور الباجه جي ثم أجبر بعضهم بعد القرار للانحناء والتراجع عن التأجيل..!! يقال في أسوء الانباء وعبر التلفونات......

بأن بعض الملثمين يقفون في الشوارع
والمحلات والمناطق وهؤلاء الملثمين هم غرباء عن محلات تواجدهم مما يدفع البعض الاعتقاد أن هؤلاء قد يصوروا من يذهب الى الانتخاب ثم يبدأ الانتقام والقتل... أين الدولة من ذلك الكل يعلم أن الدولة عاجزة فعلا عن حماية مواطنيها لذا من غير المتوقع أن فئات لا بأس بها سوف لن تشارك في الانتخابات.

يا ترى أليس للسلطة المؤقتة أجهزة تكون أمينة على نقل الحالة..؟!كما نسمعها نحن في لندن ومع ذلك فالسلطة وتصريحات الوزراء يكررون على وجوب الانتخاب في موعدها المقرر.


لما خص الله شعبنا بهذه العذابات......


لما رمى علينا هذه الكارثة الهولاكاوية...

لما يقدم شعبنا مئات الشهداء يوميا ليصل حد الآلاف.. ترى أهذا نقصا في أيماننا.. أو بعدنا عن ديننا... أم ضعفنا في مناسكنا..أم ماذا ؟؟!!


أم أن أرادة العدو هي قوة فوق كل الارادات ولن يبقى العراقيون جميعا داخلا وخارجا والمقاومة الوطنية الا أن نتظرع الى الله عز وجل أن يرفع هذه الغمة عن هذه الامة وأن تمر الانتخابات وذيول الانتخابات بسلاسة ويسر بعد كل هذا العسر.


ويبقى هذا التلاحم العظيم لكل الشعب العراقي العظيم بطوائفه وفئاته وعناصره ومكوناته وأن
لا يزيدوا في الآلام جراحــــــــا.


ولابد لليل أن ينجلي...ولابد للفجر أن يبزغ والشعب العراقي أذا أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر مهما جار الزمن وعتا الاحتلال.


والله هو النصير لارساء سفينة هذا الشعب الكسير الجناح الى بر الامــــان.... بعد كل ما قاساه من ذاك النظام

رئيس منظمة محامين بلا حدود

ونائب رئيس جمعية المحامين البريطانية/العراقية
E mail
[email protected]