ـ خطوات لعصرنة وتحديث الدولة وسورية اليوم أقوى من أي وقت مضى.

ـ سوريه هي الحقيقة التاريخية والجغرافية والمصلحية للبنان.

يعتقد "البعض" ان سورية تعيش حالة من الكابوس السياسي الضاغط على شؤون الدولة وأدوارها نتيجة لقانون محاسبة سورية الذي أصدره الكونغرس الأميركي وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559.

ويحاول هذا "البعض" الذي هو عبارة عن مؤسسات وأفراد متخصصون او يعملون بإيحاء من أجهزة متعددة في إطار
حرب إعلامية ونفسية ان يظهروا ان سورية على قدر من الضعف الأمر الذي يعطي فرصة للكثيرين للإنتقام او التشفي او إبتزاز سورية.

السؤال الهام الذي يبرز هو هل ان سورية أصبحت تواجه الحائط وعليها بالتالي الخضوع للإملاءات او تقديم النوازع لجعلها هدفاً بعد العراق.

وهل ان سورية لا تملك خيارات وقد أصبحت مجردة من الأصدقاء الامر الذي يتيح حتى لبعض حلفائها ان يتنكروا لها ولتضحياتها في لبنان مثلاً وتصوير دورها وكأنه مجرد دور بوليسي تجاهل أهمية الدور السوري في حفظ السلم الأهلي واستقرار النظام العام في لبنان بعد إنتهاء الحرب الأهلية وبالتالي الدور السوري في دعم لبنان لإنتاج هيكل الدولة ومؤسساتها وبناء الثقة بالدولة وأدوارها؟ وكذلك دور سوريا في دعم المقاومة اللبنانية التي تمكنت من دحر الاحتلال الاسرائيلي عن معظم الاراضي اللبنانية؟

أنا لا أريد الإجابة على الأسئلة وجل ما سوف أفعله هو استعراض بعض منجزات الدولة في سورية لتوجيه عناية كل من وقعوا ضحية الحرب النفسية والإعلامية وكل من انقلب على الدور السوري في نظام المنطقة الى ان سورية تكسب الوقت كل الوقت من اجل التقدم خطوات نحو تحديث وعصرنة الدولة وهو الامر الذي يجعلها مركزاً للثقة الدولية في حين ان ما يفعله الساسة في لبنان هو إضعاف الثقة بالدولة في لبنان وبأدوارها والنزوح أكثر فأكثر بإتجاه تقاسم "السلطة" والتخلي عن مشروع الدولة:

ســـورية اليـــوم

بعكس التحاليل التي أشارت الى ان سورية زادت من عزلتها بعد اتهامها بأنها تقف خلف التمديد للرئيس اللبناني اميل لحود فإن سورية تمكنت من:

* التوقيع بالأحرف الاولى على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي وهو الامر الذي شكل مكسباً سياسياً وتطوراً ايجابياً يفتح الطريق امام المنتوجات السورية لتصديرها الى عدد كبير من الدول الاوروبية.
* ابقاء خط الحوار مفتوحاً وساخناً مع واشنطن حيث استقبل الرئيس الاسد وفوداً عديدة من مجلسي الشيوخ والنواب ومن الادارة الاميركية.
* تنامي العلاقات السورية ـ التركية الى مستوى الشراكة وفي هذا المجال زاد حجم التبادل التجاري بين الجارين مع
استعدادهما لإفتتاح مناطق تجارة حرة. الا ان الامر الاهم هو ان مجلس الامن القومي التركي اعتبر سوريه دولة صديقة.
* اضافة الى العلاقات السياسية الممتازة أصبحت عملية التبادل الصناعي بين سوريه والمملكة العربية السعودية عملية تكاملية.
* استعداد سوريه لدبلوماسية نشطة خلال العام 2005 تبدأ بزيارة الرئيس الاسد للأردن ثم زيارته الى روسيا والتي ستكون الاولى من نوعها منذ توليه الحكم حيث من المتوقع ان تفتح هذه الزيارة الباب لإحياء الدور الروسي في الشرق الاوسط
وتفعيل علاقة الصداقة والتحالف بين البلدين.

على مستوى اعطاء دفعة كبرى لرزنامة الاصلاحات الداخلية:

* أكدت مصادر سورية ان قانون الاحزاب الجديد سيبصر النور خلال العام الحالي 2005.
* إلغاء الجبهة الوطنية الحظر المفروض على ممارسة أحزابها نشاطاً سياسياً في أوساط الطلاب.
* فسح المجال امام أحزاب الجبهة لإفتتاح مكاتب في المناطق السورية وإصدار صحف خاصة.
* الاستعداد لإنعقاد المؤتمر العام لحزب البعث وانتظار تغيير كبير في البنى الحزبية.
* وضع مشروع الاستشراف المستقبلي (2020).
* وضع مخطط لانتقال الاعلام السوري من موجّه الى هادف.
* التوجه نحو دور للإغتراب السوري في أنحاء العالم.
* ولادة المبادرة الوطنية للحرب على الفساد.
* رصد اعتمادات في الموازنة السورية الجديدة لتنمية الموارد البشرية.
* وصول حجم الاستثمار الى 134 مليار ليرة سورية.
* اصدار الرئيس الاسد القانون (50) المتضمن نظام العاملين الاساسي في الدولة.


على مستوى تطوير القطاعات الاقتصادية في سوريه:

* التعاقد مع شركتين اميركيتين وشركة كندية للتنقيب عن النفط والغاز في مناطق سورية جديدة والاتفاق مع شركة دبلن الدولية الكندية على تطوير حقلين للنفط.
* توقيع الاتفاقية الخاصة بالتجارة الحرة بين سوريه ومجلس التعاون الخليجي.
* توقيع اتفاقية بقيمة 80 مليون يورو بين الاتحاد الاوروبي وسورية لتمويل برنامج التحديث السوري في اطار: تطوير الموارد البشرية وتحسين ادارة نظام التعليم العالي والتحديث الصناعي وتعزيز الادارة الجديدة والبنية التحتية
وتعزيز التجارة عبر دعم برنامج اتفاقية الشراكة وتطوير المجتمع المدني وتفعيله في عملية التنمية.
* تحديث الاسطول الجوي المدني السوري عبر إعلان مؤسسة الطيران السورية عن عروض لشراء سبع طائرات تجارية.
* توقيع المؤسسة العامة للتبغ السورية وشركة بريتش اميركان توباكو ميدل ايست وشركة التاوس الفرنسية اتفاقاً تقوم بموجبه المؤسسة السورية بتصنيع وإنتاج الأصناف المرغوبة من السجائر العالمية في الأسواق السورية.
* تحقيق سوريه لايرادات بقيمة 200 مليون دولار من صادرات القمح والشعير.
* ارتفاع عدد المصارف الخاصة المرخص لها في سورية الى ستة.
* التعاون بين شركتين سورية ومصرية لانتاج أجهزة التكييف.
* طرح مشاريع إنشاء طرق دولية امام المستثمرين المحليين والأجانب.
* عقد مباحثات مصرفية سوريه بحرانية لاستكمال إجراءات إحداث مصرف سوري ـ بحراني مشترك برأسمال (100) مليون دولار.
* زيارة وفد من بنك قطر الدولي سورية مؤخراً وإجراء مباحثات لإقامة بنك اسلامي في سورية برأسمال (50) مليون
دولار.
* توسيع التعاون الزراعي بين سوريه وإيران.
* دخول هيئة الاستثمار القطرية في مشاريع الاستثمار السياحي السوري.
* موافقة وزارة النقل السورية على تأجير رصيف مخصص للبضائع العراقية في مرفأ طرطوس للجانب العراقي.

ان ما تقدم ليس خلاصة متابعة دقيقة لتطوير وتحديث سورية لمرافقها السياسية والاقتصادية وانما جمع لبعض العناوين السريعة والمؤكد ان متابعة دقيقة من أي متخصص في الشؤون السورية ستثبت ان سوريه تمكنت من تحديد المعوقات السياسية والاقتصادية لمسيرة تحديث الدولة وانها وضعت وتنفذ خططاً خاصة بتطوير دور الدولة وسياسة فتح الأبواب أمام كل المواطنين للمشاركة في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع وبما يتيح لسورية ان تصنع وطنياً ديموقراطيتها والحكم الصالح فيها وشفافية في الممارسة والاداء الاداري وهو الامر الذي يعني ان سورية تزداد قوة ومنعة واستقراراً الامر الذي يستدعي الرئيس بشار الاسد من موقع ثقته بالدولة وبالشعب وبالجيش في سوريه الى الدعوة لإستئناف مفاوضات التسوية وأيضاً لإثبات ان سورية قادرة على لعب دور هام في الانتقال الهادىء للسلطة على المستوى الفلسطيني بعد وفاة عرفات
وكذلك لإثبات ان سورية تستطيع ان تلعب دوراً هاماً لتمكين الشعب العراقي من السير خطوة اولى نحو بناء نظامه عبر الانتخابات القادمة وأيضاً لإثبات ان الدور السوري تجاه لبنان كان مخلصاً لجهة استعادة لبنان لسلامه الأهلي وتحرير معظم أرضه من دنس الاحتلال الاسرائيلي.

وعليه فإن سقوط البعض في فخ الدعوة الى إقصاء سوريه عن لبنان في هذه اللحظة السياسية انما يعني بالمطلق إضعاف للبنان الذي لازال يعاني من إرباك في نظامه العام السياسي والاقتصادي والأمني.

ان دور سوريه بعيداً عن وظيفة قواتها في لبنان يتعدى محاولات تشويه بعض الحقائق المتعلقة بما يوصف بالممارسات او التدخلات "الأمنية".

ان سوريه للذين لم يدركوا بعد انها تمثل حقيقة تاريخية تجاه لبنان هي حقيقة جغرافية فلبنان يقع بين البحر المتوسط وبين المطرقة الاسرائيلية وتمثل سورية بالمقابل عمقه الاستراتيجي الانساني والاقتصادي واذا كان احد في لبنان يريد
التجاوز على الحقيقتين التاريخية والجغرافية فلماذا لا ينظر بعين المصلحة الى العلاقة بين البلدين؟

فرغم الحديث عن علاقة مميزة بين البلدين وعن اتفاقية التعاون والتنسيق والاخوة، فإن المجلس الأعلى السوري ـ اللبناني وكل العلاقات العامة والخاصة اللبنانية ـ السورية لم تستطع ان تحقق نتائج ملموسة على المستوى الاقتصادي بقدر ما تحقق
خلال عامين بين سورية وتركيا من إرتفاع قيمة التبادل التجاري وصولاً الى الأسواق الحرة.

ثم ولمصلحة من طرح مسألة العمالة وقوى الانتاج وحركة السلع بين البلدين وقد دخلت اتفاقية التجارة الحـرة العربيـة الكبرى حيّز التنفيذ إعتباراً من 1/1/2004والتي تتيح انسياب المنتجات والبضائع العربية المنشأ عبر الحدود معفاة
من الرسوم والجمارك؟

وأخيراً لمصلحة من طرح الدور السوري وكأنه احتلالياً وليس محرراً من الاحتلال والتدخل الاسرائيلي والغربي في الشؤون اللبنانية وكذلك محرراً من عقد النقص والفئوية والاستئثار؟

*أمين عام الشؤون الخارجية في مجلس النواب اللبناني