ليس القول ان كثرة من المعارضة لاتعرف من هو احمد عبد الهادي الجلبي، بل العكس صحيح.. فهو معروف عند القاصي والداني.. ابو هاشم رجل مثقف طموح فيه اصالة عربية.. عراقية ومن عائلة معروفة سياسيا واجتماعيا.

عبد الهادي الجلبي سياسي معروف بالنظام الملكي فقد اشغل منصب رئيس مجلس الاعيان فترة طويلة وكان ركن من اركان مدرسة نوري السعيد
ونوري السعيد ركن وركيزة من ركائز الاتكليز، فهو من عائلة عاشت في الكاظمية بغداد. ابو هاشم كان من اصغر اولاد عبد الهادي الجلبي وكان يمتاز بمثابرة ومواكبة في الدرس والتمحيص وساعده ذكاءه على اجتياز اكثر مراحل الدراسة صعوبة حتى تخرج وهو شاب من الجامعة الامريكية ( جونز هوبكنز ) واستمر يتدرج في عالم المال وتدرج في هذا المجال حتى اصبح من رموز المستثمرين العرب في اوربا والوطن العربي.

انا لا اريد ان ادخل في تفاصيل تهمته المالية في الاردن يوم اعلن افلاس بنك البتراء وقد قرأت اضبارة التحقيق الابتدائي والقضائي وقراري التجريم والادانة ولم استطع ان اتصور ان في القضية سلامة قانونية والقرار قد استند على وقائع غير قابلة للنقاش.
لقد لف الاتهام سيرة احمد الجلبي واستطاعت اجهزة الاعلام الاردنية ان تفصّل بدلة الاتهام تفصيلا يجعل من الناس غير القانونيين يصدقون بها على اعتبار انه ليس من المبرر جديا ان تقف السلطات الاردنية ضد فرد مثل احمد الجلبي وكان ذو علاقات واسعة ومهمة في بلد المحكمة.

الانسان بطبيعته يبتعد عن بؤر الشبهة والاقاويل ولهذا انا وغيري ما كنا نحبذ القرب وبأي شكل كان مع ابو هاشم.. وللتاريخ.. وأيام ماكان المرحوم الوطني الديمقراطي النزيه عبد اللطيف الشواف ضيفا على الكاتب وجرى حديث حول تهمة الجلبي وما هي ماهيتها ولماذا حركت وما قيمة الحكم القضائي وكان المرحوم عبد اللطيف يؤكد وهو بصفته رئيس محاكم استئناف البصرة ومحافظ البنك المركزي ووزيرا في حكم عبد الكريم قاسم بأن دافع هذه الدعوى وتحريك هذه الشكوى كان سياسيا وليس واقعيا..!
ويوما اثير الموضوع امام الرجل الاقتصادي الوطني محمد حديد وكان جوابه على سؤالي انه ينصح ان الجلبي عليه الاعتراض على الحكم الغيابي ويطلب المرافعة امام محكمة مدنية غير التي حكمت عليه وهي محكمة استثنائية خاصة، عندها يستطيع المرء ان يقول اذا كان ابو هاشم قد اساء الامانة المالية.

كانت هذه الدعوى قد رفعت وصدر الحكم الغيابي في اوائل التسعينات وبدأت نجومية الجلبي السياسية ترتفع كمعارض بين الكثير من المعارضين العراقيين. وبألنسبة الى المدرسة السياسية التي نشأت منها ومن مفاهيمها ان اي تعاون مع اي جهة اجنبية ولاي غرض فيها مثلبة في الخلق السياسي حتى اني اذ كر جيدا وانا مع جمهرة اليسار الديمقراطي نستدعى من الامن العامة مع بقية الديمقراطيين ويحجز علينا بخط واستباقية عند زيارة اي شخصية سياسية مهمة الى العراق ولن انسى اني بقيت بألمعتقل الاسبوعين عند زيارة عدنان مندرس رئيس وزراء تركيا العضو المهم في حلف بغداد ودواءر الامن اضافوا لنا مدة ونحن وراء قضبان الامن العامة.

بهذه الروحية كنت اتالم يوم اسمع ان رئيس وزرائنا الحالي اياد علاوي يتبارى ويزاود على احمد الجلبي بقوة تأثيره وارتباطاتها بألجهات التي تملك مفاتيح القرار في الادارة الامريكية، فمن كان من مدرستي يخشى ان يكون ولائه لدولة طامعة في بلده الام فكنت اشمئز من تصريحات ومزاودات مثل استعداء جيش امريكي ليضرب بلدنا بألمدافع والطائرات بحجة انهاء نظام صدام وكنت من المعارضين لهذا الاسلوب السياسي.


وصار الاحتلال واقعا على العراق وزحفت الدبابات وضربت الصواريخ المواقع ودكّت محلات ومحلات وتعمد الامريكان على تخريب البنية التحتية بشكل وحشي. ومع تقدم الجيوش الامريكية كان المعارضون الذين يؤمنون بضرب العراق بحجة الخلاص من صدام وتسابقوا في ظل دخول الجيش وكان اول اجتماع في الناصرية وكان الجلبي فرسا صهباء في مقدمة خيول المدرسة الاستعدائية.

اني لست مع القائلين بان كل الذين سعوا الى انهاء صدام عن طريق الاحتلال هم عملاء وجواسيس.. كلا انهم حملوا فكرة منبعها اليأس واستمرار صدام بألبطش والارهاب، عاملان متضادان ذوي الضمير الوطني وجعل الكثير من الناس بسبب يأسهم ان يقفوا بجنب الاحتلال.

احمد الجلبي شخصية عراقية وطنية مفترى عليها وهو تعمد على حرق سفن الانتماء للعراق بصراحته المتناهية.. احمد مفترى عليه بما يلي :

!- نتيجة اقتناعه بأن نظام صدام يعتمد على نظام الشمولية لحزب واحد وهو حزب البعث وتشريعات ذلك النظام تصب في مصلحة البقاء والتمسك بألسلطة.. اقسى القوانين وأبشع انواع التعذيب واستمرار استعمال سياسة العصا الغليظة التي بها طال بقائه لمدة خمسة وثلاثون عاما. وليس هناك في العراق مواطنا لم يتضرر من هذا الارهاب وليس هناك شيئا في العراق الا ومسه ضرر صدام حسين وزمرته، وكان صدام يوزع ارهابه على الجميع. بهذه الفكرة تبنى الجلبي فكرة اصدار قانون اجتثاث البعث التي صدرت اوائل التواجد الامريكي.
احمد الجلبي لايختلف عن اي قاض منصف في عدائه للبعثيين اذ حصر العقاب بالكوادر المتقدمة سواء اعضاء فرق او شعب الذين لطخت اياديهم بدماء الابرياء من العراقيين، والمدقق لهذا القانون انه وضع المسائلة القانونية لمن ارتكب جرائم وليس للمنصب الذي شغله ولما تم التحقيق مع هذه الكوادر كانت نتائجها ان الذين يستحقون الفصل حوالي سبعون الفا ثم اعيد منهم اربعة عشر الفا عن طريق الحق القانوني في الاعتراض على الحكم الصادر بحقهم وهذا القانون حتى لو كان تأثيره على الجلبي بقيت قواعد العدالة موجودة ومبدأ لارحمة بألسيء باقية وفق هذا القانون بتحقيق قضائي ومحاكمة عادلة تثبت دماء الابرياء من العراقيين في اعناق بعض منتسبي هذا الحزب.

2-اسيء فهم احمد الجلبي بقبضه مبالغ من البنتاغون ومقدارها حسب ما اعلن 380 الف دولار شهريا، نحن مع الذين يقولون ان هذه المبالغ غير مبررة الاستلام ولكن اذا استطاع الجلبي ان يثبت ان هذه المبالغ كانت توظف وتصرف لكثير من مراكز المعارضة المتواجدة في لندن واوربا وكلها كانت بقناعة الجلبي الممر الوحيد للقضاء على صدام ونظامه فعلى الجلبي اثبات ذلك فان هذه التهمة ليست اخطر من قوله نعم انا املك ولاءا خاصا لامريكا.

المهم في هذا الموضوع اني وان كنت على تضاد مع الفكر السياسي وتصرفات الجلبي ولكن اكبر فيه الجرأة في النقاش التلفزيوني الاخير الذي حدد فيه وشخص الامراض الحقيقية التي يعاني منها المجتمع العراقي والتي سبب في عدم الاستقرار وبأختصار شديد انه اعترض على تصرفات الكوادر الامنية والمخابرات بأنها تجاوزت كل الخطوط الحمراء فهي تداهم المنازل وتلقي القبض وتجري دون اشراف قضائي، كما انه وقف ضد الفساد الاداري والرشوة واشار بابهامه على مواضع العفونة الذمية التي يمر بها بعض العراقيين.. واخيرا فان احمد الجلبي وضع اعتقاده وموقفه من العلمانية وابتعاده عن كل الوان التعصب سواء كانت مذهبيةاو عنصرية او شوبينية والتزم بخط الانصاف لكل المذاهب وخاصة الطائفة السنية التي تشعر بأنها ابعدت عن الساحة بسبب تصرفات الصبيانية التي تجر العراق الىحرب اهلية..

لنكن واقعين ومنصفين فانه مهما كانت مواقف الجلبي غامضة فان موقفه الان وبهذه الوطنية والجرأة يطلب انهاء الاحتلال ورعايته للمجتمع العراقي فهي يجب ان تقيم من المنصفين.

المستشار القانوني رئيس محامين بلا حدود
Email:[email protected]