الموضوع الكردي موضوع شائك ومزمن، لا بل هو موضوع الساعة وشاغل المراكز السياسية و"مصانع القرار" السياسي في بلدان الجوار التي تقتسم الوجود الكردي وكذلك تلك البعيدة التي أنشئت هذا التقسيم و تحافظ عليه ايضاً...
ولأن القرن العشرين قد مضى أيضاً وتغيرت في الدنيا نصف الأنظمة والأيديولوجيات السياسية وخطت حدود جديدة كما محت حدود جديدة كان يٌشاع عنها القدسية والدوامية وإنه دون اللمس بها الموت والدمار وإستعمال السلاح النووي المهلك!. هلكّ الإتحاد السوفييتي، وركلّ الألمان جدار برلين..أحتلّ صدام الكويت..وبعد ذلك حٌررّت بمساعدة وتعبئة عالمية كبيرة هٌزم على أثرها صدام ودمرّ بلده ودٌمر هو نفسه بعد ذلك...وبقي الكرد مثلما هم: تتلاعب بهم الأيديولوجيات الشمولية، يعيشون هذا العالم المعولم في ظل الأنظمة القامعة التي تحاور شعوبها بالجزمة..!.
فالإنسان الكردي البسيط الذي يتغنى بلسانه وفلكلوره القومي يتعرض للمطاردة والسجن بحجة"خطر على أمن الدولة"، ويصبح هدفاً وطريدة لمجموعة هائلة من المخبرين ورجال الأمن والشرطة الذين يقتادون ويتعايشون على تعقيب وتعذيب مواطنيهم، فلهذا ليس من الغريب عندما نستعلم بأن عدد رجالات الأمن والمخابرات في سورية يتعدى 350،000 شخص!. أي أن الوطن والمواطن مزنر برجالات العسس والتعقيب، ولن نتحدث هنا عن المبالغ الطائلة التي ٌتسرق وتقطع من قوت الشعب/الغلابة لتصب في جيوب هؤلاء أو حتى تجد مالها، في نهاية الأمر، في بيوتات المال الأوروبية والغربية. أي مستقبل هذا الذي يلوح في أفق الكرد؟. أي أفق هذا الذي يبدو كنفق مظلم تنتشر فيه الخفافيش الماصة للدماء؟. متى يحصل الإنعتاق من كل هذا الظلم؟. ليس ثمة أمل في الإصلاح أو التغيير ( الذي لم يأت ولايبدو إنه سيأتي أيضاً). الرئيس بشار الأسد في عام ولايته الخامسة وليس من ثمة تغيير صحيح في سوق السياسة السورية. وعود في وعود...وبين الوعد والوعد ثمة فسحات من القمع والتعذيب والدماء أيضاً. العيش في مملكة الصمت أو الهجرة إلى بلاد الله الواسعة،إنه موسم الهجرة الكردية إلى الغرب هرباً من بطش أنظمة التقتيل والطرد والنهب في بلاد الشام، تلك الأنظمة التي حولت المدارس لسجون والجامعات لأوكار تجسس والأندية الرياضية لمراكز رشوة ومقامرة، والساحات العامة لمراكز تجمع بائعي الدخان والعاطلين عن العمل والمخبولين. كيف العيش وأنت المخلوق الذي خلقت لتفكر وتحلق حراً في سماء وطنك؟. لقد علمتنا كتاتيب ومناهج " الحزب القائد" على تعظيم الوطن ونحن صغار، وعندما كبرنا وجدنا الوطن مزرعة كبيرة يسرح ويمرح فيها "الرفاق المناضلون" وأبنائهم وأحفادهم والسوط في أيديهم. أنا تركت سورية وهربت لبلاد الله الواسعة، حيث الحرية( التي حدها الشرقيون بأفعالهم الإرهابية ايضاً) وهنا أمارس الحياة حراً...تلك الحياة التي وهبني الله إياها أعيشها لحظة بلحظة...ولاأنسى أن أقول كلمتي المعارضة في وجه هذا النظام، تلك الكلمة التي تتحول تحت أنين أصدقائي الطلبة الكرد المعتقلون في ديريك وجامعة حلب إلى بصقة جيل كردي كامل حطمته سرقات "الرفاق" ونهبهم، لتستقر في وجه الشمولية والديكتاتورية، أينما كانت مقرها في الشرق الأوسط القمعي ذاك..!.


زيفار حسن نوري ديرسمي
طالب كردي سوري لاجئ