هذا العنوان ليس لجذب القاريء بل ليوضح ان اي رئيس لا يستطيع تنفيذ وعوده او برنامجه الانتخابي بسبب عدم تعاون الكونغرس او لانه يخضع الى ضغط اللوبيات الفاعلة مما يجعله قليل التأثير يطلق عليه بالانجليزية "البطة العرجاء" اي
Lame Duck

يواجه الرئيس بوش 7 تحديات خلال فترته الثانية بداية من عام 2005 وهل يستطيع الصمود والتنفيذ قبل نهاية قترة ولايته الثانية.

رغم العجز المتنامي، نمى الاقتصاد بنسبة 4%. لذا سيترك القلق بشأن العجز لرئيس الاحتياط الاتحادي غرين سبان. واذا استطاع انجاز اللعبة السياسية في الكونغرس التي كان بيل كلينتون ماهرا فيها، قد يتمكن بوش من ادخال اصلاحات في مجالات الضمان الاجتماعي وسياسة المهاجرين والتأثير على تعيين القضاة للمحكمة العليا. ولم يستطع بوش ان يتخلص من عقدة الارهاب وحوادث 11 ايلول عام 2001 التي لا تزال تضعجه وتؤثر على قراراته.

التحدي الاول: الشرق الاوسط

آزالت القدرة الالهية عقبة السلام حسب مفاهيم بوش وشارون وأتت برجل براغماتي محبوب يمتلك الرغبة في التوصل الى حل سلمي. ولكن هل يمتلك بوش الرغبة والمقدرة على التأثير على شارون.
المتفاؤلون يعتقدوا ذلك والمتشائمون يتوقعوا الفشل لافتقار بوش للشجاعة للوقوف أمام شارون وآلة اللوبي الصهيوني والاعتذاريون في البنتاغون والكنائس المعمدانية. وارن كريستوفر وزير خارجية سابق من عام 1993 الى 1997 ومارتن انديك السفير السابق لواشنطون في تل ابيب كلاهما قال أن الحديث عن دولة فلسطينية لا يكفي، المطلوب خطوات على الارض ومتابعة متواصلة من اميركا التي هي طرحت خارطة الطريق وتركت لشارون حق الفيتو ليمزقها..

التحدي الثاني:
تهدئة العراق وعقد انتخابات ناجحة. الفترة ما بين غزو العراق حتى الان وستقارب السنتين خلال شهرين من الزمان كانت فاشلة في جميع المعايير. انعدام الامن وتوقف الاعمار والقتل العشوائي واعمال الانتقام لا تزال تحتل الاخبار اليومية. فشلت الاستخبارات الاميركية في توقع حجم المقاومة وضراوتها. او بعبارة اخرى لم يتوقعوا شراسة المقاومين الذين اختلطوا بالارهابيين وكل من له اجندة خاصة ضد الولايات المتحدة وضد الديمقراطية وضد ازدهار وامن وسلامة الشعب العراقي.
الوضع الخطير في العراق يزداد خطر ومن المحتمل أن نرى فالوجة ثانية في الموصل قبل بدء الانتخابات في محاولة لتهدئة الوضع ولكن الثمن سيكون باهظا.

التحدي الثالث:
المشكلة الايرانية ذات بعدين: البعد الاول هو الاتهامات الموجهة لايران انها تريد التخريب في العراق والتدخل لتضمن دولة شيعية دينية على غرار النظام الايراني. والبعد الثاني هو الموضوع النووي. هل سيتبع بوش سياسة متعددة الاطراف تشمل الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة في اقناع ايران بالتخلي عن برنامجها النووي أم انه سيختار الضربة العسكرية بتواطؤ مع اسرائيل. واجهزة الاستخبارات المركزية تحبذ استراتيجية تغيير النظام في ايران. وهذا له ثمنا باهظا ايضا حيث ان نسبة كبيرة من الايرانيين تؤيد النظام القائم ونسبة معتبرة تعارض فالحرب الاهلية ولفوضى الناتجة قد تكون ثمنا باهظا. ونعلم الآن ان ديك تشيني لمّح ان اسرائيل قد تقوم بضرب المواقع النووية نيابة عن الولايات المتحدة التي ستقدم الحماية لاسرائيل في حالة قيام رد ايراني عنيف.


التحدي الرابع:
آالقارة الاسيوية
ظهر فرص وتحديات. الفرصة هي ان تظهر الولايات المتحدة كالمنقذ للمنكوبين بالتعاون مع دول اخرى مثل اليابان واستراليا والهند وهذا تحالف قوي اذا سخر في المستقبل لحل مشاكل العالم والنزاعات واذا انضمت اندونيسيا ايضا له يكون هذا ايجابي ويشكل ابتعاد عن السياسة الانفرادية التي اتبعها بوش منذ الحادي عشر من ايلول 2001.

ولكن التحدي لا يزال قائما ومصدره كوريا الشمالية التي يعتقد انها استطاعت تطوير اسلحة نووية وترفض الاقلاع عنها الا بضمانات وابتزازات باهظة. واخيرا بوتين الذي يحتقر الديمقراطية الغربية واسترجع النظم والاساليب الاوتوقراطية في التعامل.

التحدي الخامس:
اذا نجح بوش في احتواء المواضيع الاربعة السابقة ربما سيجد الوقت لمواجهة المشاكل الداخلية واهمها اصلاح نظام الضمان الاجتماعي لاعطاء الموظفين والعاملين الحق في السيطرة على حسابات التقاعد الفردية والتي تلاقي معارضة من اتحادات العمال وفئات اخرى بسبب تخوفات انها ستؤدي الى كثرة الفقراء في سن الشيخوخة. هنا يتوقع المراقبون ان يفشل بوش نتيجة للمعارضة الداخلية.

التحدي السادس:
معالجة الهجرة الغير شرعية للولايات المتحدة. يريد بوش تطبيق خطة للسماح لهؤلاء بدخول الولايات المتحدة بطريقة شرعية ضمن برامج زمنية وحصص عددية. بوش يعي ان المطاعم والفنادق لا تستطيع ان تعمل بدون المهاجرين. الهجرة الغير شرعية خلقت اقتصادا موازيا وسوق سوداء واستغلال للعاملين وخوفهم من السفر لبلادهم لكي لا يتم اكتشافهم وهناك تفكير بمنح عفو عام عن الذين دخلوا البلاد بطرق غير مشروعة ومعظمهم من المكسيكيون. ولكن المحافظون واليمين الاميركي يعارض ويريد طرد كل المهاجرين الغير شرعيين.

التحدي السابع
وهو اقتصادي بحت. العجز المتضخم الذي وصل الى 6% من اجمال الانتاج المحلي وانخفاض الدولار مقابل العملات الرئيسية وهذه النقطة تحتاج الى مقال منفصل.

وتعليق اخير على خطاب بوش اثناء تتويجة لدور "لبطة العرجاء" لاربعة سنين اضافية. كل الكلام عن الحرية والديمقراطية جميل جدا. ولكن هناك استثناءا كبيرا في رسالته. ان الحرية والديمقراطية امر مرغوب فيه لينطبق على الشعوب المقهورة. ولكن لاسباب شارونية تم استثناء حرية الشعب الفلسطيني من الحرية والتخلص من الاحتلال.

سيبقى خطاب بوش كالانبوب الاجوف مليء فقط بالهواء وسوف يؤخذ خطابه على محمل الجد عندما يجد الشجاعة ان يقف امام اسرائيل ويواجه شارون ويأمره بالانسحاب الفوري من الاراضي المحتلة. وهذا غير متوقع لذلك يبقى خطابه مجرد كلام للاستهلاك المحلي وارضاء اليمين المتطرف واتباع الكنيسة المعمدانية الاصولية في الولايات الجنوبية. ولا يستحق هذا الخطاب المساحة الكبيرة التي خصصت له في الاعلام العربي.

نهاد اسماعيل - لندن