القوائم التي طرحت نفسها في الانتخابات العراقية شكلت ببرامجها السياسية المطروحة للناخب العراقي تنوعا مختلفا في الواجهات والشعارات، ولكن أغلبها اتفقت على المنطلقات الأساسية التي انحصرت في تأمين استقرار امني وسياسي واقتصادي لمرحلة ما بعد الانتخابات. ومن خلال استقراء النتائج الأولية في العملية الانتخابية أخذت تبرز قوائم أساسية معينة إلى الساحة السياسية وتتبلور وتتجمع أغلبية عراقية كبيرة عليها وفق المؤشرات التي تبديها أصوات الناخبين العراقيين من خلال بيانات استطلاعية أو إعلامية قبل نزول الناخب إلى الميدان الانتخابي يوم الثلاثين من الشهر الجاري. ومن هذه القوائم التي بزرت من خلال الحضور الدعائي الانتخابي هي قائمة الائتلاف الموحد لجبهة الأحزاب والتيارات السياسية في الجنوب العراقي ويرأسها سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم والقائمة العراقية للأحزاب والتيارات السياسية في الوسط العراقي ويرأسها رئيس الحكومة الدكتور أياد علاوي وقائمة اتحاد الشعب للحزب الشيوعي والتيارات اليسارية ويرأسها السيد حميد موسى وقائمة التحالف الكردستاني للأحزاب والحركات الكردستانية في إقليم كردستان ويرأسها السيد جلال الطالباني وقائمة التجمع المستقل ويرأسها الدكتور عدنان الباججي.
ومن خلال استقراء التوقعات التي يمكن أن تأخذ مساحتها من النتائج الميدانية التي ستفرضها أصوات الناخبين العراقيين في صندوق الانتخابات، فإن الحركة التنافسية للأصوات ستنحصر بين تلك القوائم الآنفة الذكر لأنها قوائم لها وزنها السياسي والميداني على الساحة العراقية في السابق والحاضر، فلكل منها تاريخ ودور مشرف في النضال ضد حكم الطغيان للعهد السابق، وقدمت تضحيات مشهودة على الساحة النضالية طوال عهود طويلة بأشكال مختلفة من النضال، إضافة إلى ذلك أن القوائم ترأسها وتحوي شخصيات معروفة على الصعيد العراقي والإقليمي والدولي، وهي شخصيات عراقية وطنية معروفة لها رصيد سياسي كبير على الساحة السياسية العراقية.
وبرغم النتائج التي ستخرج منها الانتخابات العراقية، ألا أنها ستبقى مرهونة بمعادلة التحالفات التي ستفرز الحصيلة النهائية لنتائج التصويت للعملية الانتخابية التي ستفرض نفسها على المشهد السياسي العراقي لمرحلة ما بعد الانتخابات، لأن الأصوات ستكون متوزعة على القوائم بنسب مقتدرة بين القوائم المذكورة، وهذا ما يمنح كل قائمة القدرة على الحركة في لعب دور مشهود في المشهد السياسي، وبالتالي هذه القدرة تمنح القوائم مجالا واسعا لتشكيل تحالفات سياسية بين القوائم المنتخبة التي ستحصل على مقاعد في الجمعية الوطنية العراقية للحصول على الأغلبية في الجمعية.
ولكن تبقى مسألة التحالفات بين الكيانات السياسية لتشكيل الواجهة الشرعية للنظام العراقي الجديد المنتخب مرهونة بالخيارات التي سيمنحها الناخب العراقي للكيانات الممثلة بالقوائم في الانتخابات، وأغلب الظن إن التحالفات التي سيتم تشكيلها بين القوائم الفائزة ستحسب حسابا كبير الأهمية لقائمة التحالف الكردستاني، لأن تحالفها مع أية قائمة ستمنحها الأرجحية في الفوز بالأغلبية في الجمعية الوطنية العراقية، وبالتالي اكتساب الضوء الأخضر من الجمعية لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة التي ستسير إدارة الدولة في المرحلة الانتقالية الشرعية التي ستسن فيها الدستور المنتخب للعراق الفيدرالي الديمقراطي.
ولهذا فإن الناخب العراقي بالرغم من إدراكه للدور السياسي للكيانات السياسية الممثلة بالقوائم البارزة المطروحة في المشهد الانتخابي، وهي قائمة الائتلاف الموحد لجبهة الأحزاب والتيارات السياسية المنطوية تحت لواء البيت الشيعي، والقائمة العراقية للأحزاب والتيارات السياسية المنطوية تحت لواء الاختيار الوسطي لتمثيل النخبة السياسية العراقية، وقائمة اتحاد الشعب للحزب الشيوعي والأحزاب والتيارات اليسارية وقائمة التحالف الكردستاني للأحزاب والحركات الكردستانية في إقليم كردستان، وقائمة التجمع المستقل التي تمثل الكيان السياسي للتيارات السنية المشاركة في العملية السياسية. فإن إدراك الناخب للأهمية السياسية لقائمة التحالف الكردستاني ستكون موازيا وملاصقا مع كل اختيار سيختاره من القوائم الأخرى المطروحة أمامه لتأشير الورقة الانتخابية التي توضع في الصندوق الانتخابي. وهذا الإدراك آت من خلفية تاريخية مرتبطة بالمعايشة السياسية والنضالية للعراقيين مع ممثلي الشعب الكردستاني في الإقليم من الأحزاب والكيانات السياسية المنطوية تحت لواء التحالف الكردستاني، وكذلك فإن هذا الإدراك آت من الثقة المجربة التي يوليها الكثير من العراقيين بالقيادة السياسية الكردية الممثلة بالسيدين مسعود البارزاني وجلال الطالباني، لأن وجودهما يشكلان صماما آمنا لاستقرار الوضع السياسي في العراق، لتوازن الأقطاب البارزة من الأحزاب والحركات والتيارات السياسية المختلفة على الساحة العراقية.
ولهذا فإن الدور الذي ستوكل لقائمة التحالف الكردستاني من قبل الناخب العراقي، ستكون دورا سياسيا مهما لا تقل أهمية عن الفرز الميداني الكلي للعملية السياسية العراقية المقبلة برمتها، لان هذه القائمة ستكون العامل الحاسم في إقرار توازن سياسي عراقي، لتشكيل معادلة سياسية متوازنة من القوائم السياسية الفائزة في الانتخابات التي ستجري نهاية الشهر الجاري، لتأسيس سلطة الإدارة الوطنية المستقلة المنتخبة لإدارة دولة العراق على ثلاث مستويات، الرئاسة والحكومة والجمعية، في المرحلة السياسية المهمة المقبلة.

* كاتب عراقي كردي من إقليم كردستان