ما أحوج المجتمع العراقي الى دراسة التجربة الاجتماعية السياسية الاسرائيلية التي تعد معجزة تنموية ديمقراطية، يجب على النخب السياسية العراقية والجماهير إستلهامها وتطبيق الجوانب المشرقة منها في العراق، فكل ماينقص المجتمع العراقي موجود لدى الاسرائليين بأعلى درجات الاتقان والنجاح وعلى كافة الصعد، وكل ما يحلم به المواطن العراقي الواعي الشريف من دولة ديمقراطية فيها تنمية حقيقية وإنتماء وطني صادق، ونجاح مؤسساتي يجده في إسرائيل.

أولى المعجزات الكبرى للمجتمع الاسرائيلي هي : النجاح في النشاط الجماعي المؤسساتي الذي تتجلى فيه أروع حالات نكران الذات والتفاني من أجل المصالح العليا لدولة أسرائيل، بينما نجد المجتمع العراقي يعاني من مرض مزمن وهو الفشل الذريع والمخزي في كافة النشاطات المؤسساتية الجماعية، فمنذ قيام الدولة العراقية عام 1921 لم ينجح المجتمع العراقي في أياً من النشاطات الجماعية سواء كانت على صعيد: النقابات، أو الاتحادات، أو الجمعيات، أو الاحزاب، فأي نشاط عراقي جماعي.. سرعان ما تدب فيه الصراعات على المناصب والانشقاقات والاختلاسات المالية.

وفي أسرائيل تجد انتماء وطني حقيقي للوطن وتفضيل مصلحة اسرائيل على المصالح الشخصية والحزبية، بينما في العراق لا أحد يضحي من أجل مصالح الوطن، حتى التضحيات التي قدمتها الاحزاب كانت من أجل أيدلوجية تلك الاحزاب وليست تضحيات وطنية وبعض التضحيات راح ضحية الحماس الغير مدروس من قبل غير المؤدلجين، كافة الاحزاب العراقية ليس من أولوياتها مصلحة العراق أبداً – غالبية- أبناء المجتمع لايفكرون بمصلحة العراق أولاً، في أسرائيل المواطن يبادر الى التبرع من أمواله الخاصة للدولة، وفي العراق الاحزاب والمواطنيين يسرقون الدولة، في أسرائيل نادراً جداً حصول فساد أداري أو عمالة لدول الخارج، وفي العراق بلغ الفساد الاداري مصاف الدول الاكثر فساداً، وفي العراق آلاف العملاء الى ايران وسوريا.

وبينما مصدر قوة دولة اسرائيل هي اخلاص المواطن لها، نجد أن أكبر خطر يهدد وحدة العراق وسرقة أمواله هي الاحزاب والمواطنيين.


تكمن عظمة اسرائيل في انها خاضت ثلاثة حروب وتتعرض كل يوم الى أعمال عنف مسلح.. ومع هذا استطاعت ان تبني أعظم تجربة ديمقراطية في الشرق الاوسط، بينما في العراق مجرد عصابات اجرامية جعلت قطاعات عديدة من الشعب تخضع للابتزاز والتهديدات وتتراخى عن ممارسة حقوقها في الترشح والانتخابات.

ورغم إستنزاف الحروب للاقتصاد الاسرائيلي ألا انها نجحت في خلق اعلى درجات التنمية الشاملة، وفي العراق رغم موارده الضخمة نراه يتراجع كل يوم منذ سقوط نظام صدام ولغاية الان.

في العراق ظاهرة سياسية غريبة جدا هي ان الوطن ينظر اليه ابناؤه باعتباره فريسة سهلة للانقضاض عليها وتحقيق المكاسب الشخصية والحزبية والطائفية والعرقية، وفي العراق الخطر الذي ينتصب كل لحظة يأتي من العراقيين الذين يهدون وحدته الجغرافية والوطنية بأطروحاتهم الطائفية والعرقية وعمالة بعضهم لايران وسوريا، وفي العراق كذلك موارده الاقتصادية مهددة بالسرقة في كل لحظة من العراقيين، فأنظروا الى رحمة الله سبحانة وتعالى بوجود الولايات المتحدة الامريكية على أرض العراق لمنع كل هذا الخراب الداخلي، وضبط سلوك الشعب العراقي الذي أثبت براعته في عملية التدمير الذاتي.

[email protected]