توجهت كما توجه المئات من أبناء الجالية العراقية المقيمين في مدينة مالمو السويدية الى كوبنهاكن العاصمة الدانماركية للأدلاء باصواتنا في أول انتخابات عراقية تجرى داخل وخارج البلاد منذ فترة طويلة تمتد الى أكثر من نصف قرن. لم أكن أتوقع بأن أرى مثلا انتخابات مثالية كما هي في السويد , لكني في المقابل لم أكن أتوقع حدوث خروقات من قبل بعض المتحجرين الغير مؤمنين أساسا بوجود قوائم انتخابية متعددة لسبب بسيط جدا وهو إننا محكومين من قبل قوانين متحضرة ومتمدنة لا تجيز التصرفات الغير متناسبة مع ما ألفت عليه مجتمعات البلدان الديموقراطية. قبل الأنتخابات كانت بعض المجموعات تروج لقضية الجنة والنار في مسألة التصويت , أي إن من لا يصوت لقائمة بعينها سيدخل جهنم و إن صوت لها سيدخل الجنة من أوسع أبوابها , هكذا تصرفات تتناسب نوعا ما مع التركيبة الفكرية والأجتماعية للكثير من العراقيين الذين عاشوا تحت ظل الدكتاتورية التي لم يكن لها إلا لون واحد وقائد واحد مما جعل الكثيرين يحملون فكر البعث الأرهابي , فكر الألغاء والتغييب والتهميش , من دون أن يكونوا مرتبطين بحزب البعث. كما إن هنالك الكثير من العراقيين الذين عاشوا سنوات طوال في الجمهورية الأسلامية الأيرانية و ترسخت لديهم افكار مفادها أن العالم ايران وايران هي العالم , لا بل إن هؤلاء سيصوتون لقوائم بذاتها بسبب تواجد مرشحين يوافقونهم في المنطق والتفكير هذا. وهنالك أيضا الكثير من البعثيين وأعضاء أجهزة قمعية سابقة بدأوا يروجون لمسألة الجنة والنار وضرورة التصويت لقوائم معينة دون غيرها لا حبا بها بل بغضا للقوائم ذات الخط الوطني الواضح. أما ما يحدث في الداخل من شراء للذمم والأصوات وتوزيع الأموال والهبات وربما بيوت في الجنة أو مفاتيح لقصورها كما كانت تفعل الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى المظلمة في أوربا, فهو أمر بات معروف للقاصي قبل الداني , لكن مع كل ما تقدم فإننا سنتعلم في المستقبل من هذه الأخطاء وكلما قامت انتخابات جديدة كلما تشذبت الأخطاء وكلما اقتربنا من إنتخابات متحضرة ومتمدنة. لقد صوتنا للعراق الواحد الفيدرالي الديموقراطي , عراق للعراقيين فقط , وإذا كانت هذه الأنتخابات ستسرب بعض غير العراقيين الى البرلمان المزمع تشكيله بعدها , إلا أنني متأكد وواثق من أن الأنتخابات القادمة لن تشهد تواجد غير العراقيين فيها ولن تكون هنالك جنة أو نار بل سيكون فيها العراق الواحد القهار .