في ظل التسارع الجاري للحظة الزمنية لبدء عملية تصويت الناخبين في الانتخابات التاريخية التي يشهدها العراق، تتسارع الخطى لتوقع النتائج التي ستفرزها عملية التصويت المقررة إجراءها في اغلب المناطق العراقية. والنتائج الأولية التي أشارت إليها استطلاعات الرأي للشارع العراقي من قبل مراكز استطلاع وصحف عراقية وعربية وأجنبية، تشير إلى تقدم خمس كيانات سياسية لها حضورها الميداني الملموس على الساحة السياسية العراقية، وهي قائمة الائتلاف الموحد بزعامة سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم والقائمة العراقية بزعامة الدكتور أياد علاوي وقائمة التحالف الكردستاني بزعامة جلال الطالباني وقائمة اتحاد الشعب بزعامة موسى حميد وقائمة تجمع العراقيين المستقلين بزعامة الدكتور عدنان الباججي.

والتوقعات المستحصلة من الساحة الميدانية تشير أيضا إلى إحراز تلك القوائم للحصة الكبيرة من أصوات الناخبين في يوم الأحد الثلاثين من كانون الثاني، وبناءا على الاحتمالات الواردة فإن إحراز الأغلبية لأية قائمة ستكون غير مطلقة، أي ستكون نسبية بسبب امتلاك كل قائمة لرصيد كبير من الجمهور العراقي. ولهذا فإن المشهد السياسي لما بعد الانتخابات سيشهد قيام تحالفات جديدة بين القوائم الفائزة في الانتخابات لتشكيل أغلبية مريحة في الجمعية الوطنية العراقية تؤهلها لتشكيل حكومة عراقية منتخبة من الجمعية. والكيانات المرشحة لتشكيل التحالفات هي قائمة الائتلاف الموحد والتحالف الكردستاني والقائمة العراقية، وعلى الأغلب ستكون تشكيل الحكومة المقبلة المنتخبة النابعة من الشرعية العراقية، تشكيلة توافقية بين الكيانات التي ستتصدر قائمة الصدارة التي تفرزها نتائج أصوات الناخبين العراقيين.

ولكن برغم الصيغة التوافقية التي ستخرج بها الحكومة المقبلة، فإن المناصب السيادية تبقى مسألة مهمة وحساسة بالنسبة للعراقيين لأنهم يتمنون أن تحتلها شخصيات عراقية سياسية وطنية من النخبة التي تمتلك سجل وطني مشرف على الساحة السياسية والصعيد العراقي، والمناصب هي رئاسة العراق ورئاسة الحكومة العراقية ورئاسة الجمعية الوطنية العراقية. ووفق القوائم والكيانات السياسية التي نزلت إلى الساحة الانتخابية برصيد كبير من المجاميع العراقية والتي ستتصدر قائمة نتائج التصويت، فإن زعماء قوائم الائتلاف الموحد السيد عبدالعزيز الحكيم والتحالف الكردستاني السيد جلال الطالباني والقائمة العراقية الدكتور أياد علاوي ستكون هي الشخصيات البارزة المرشحة لشغل المناصب السيادية في العراق. والأسباب المنطقية التي تقف وراء ترشيح تلك الشخصيات هي ما يلي:

• نتائج عملية التصويت في الانتخابات التي ستعطي لكل قائمة من هذه القوائم الصدارة الأولى، وبذلك تتيح لكل قائمة القوة الشرعية والقانونية والسياسية للعب دور فعال لإدارة الدولة في المشهد العراقي لما بعد الانتخابات.

• تمثيل كل قائمة لجمهور كبير من الكيانات والحركات والأحزاب السياسية الممثلة لعدد كبير من المجاميع والكتل العراقية المنطوية تحت لواء تمثيل أو تيار سياسي للمشاركة في البناء السياسي والاعماري للعراق الجديد.

• امتلاك كل شخصية قيادية للقوائم المذكورة رصيد كبير من الناخب العراقي لامتلاكهم سجل شخصي وسياسي طويل لمناهضة الاستبداد والطغيان الصدامي، وسعيهم المتواصل لخلاص الأمة العراقية من نير حكم البعث السابق.

• الاتفاق الكردي- الكردي الذي أبرم بين الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني لترتيب البيت الكردستاني لمرحلة ما بعد الانتخابات العراقية والكردستانية، والمتضمن خوض الانتخابات بقائمة تحالف واحدة مع أحزاب وحركات كردية وتركمانية وآشورية للحصول على تمثيل مناسب في الجمعية الوطنية العراقية، والحصول على موقع سيادي من المناصب السيادية العراقية الممثلة بالرئاسة أو رئاسة الحكومة، للإثبات على المشاركة الحقيقية المتعادلة بين القوميتين الرئيسيتين العربية والكردية في عراق ما بعد الانتخابات.

• احتمال حصول اتفاق ضمني توافقي بين الكيانات العراقية والكردية التي سيؤهلها الناخب العراقي للدخول إلى الجمعية الوطنية العراقية، على الشخصيات السياسية المشار إليها لشغل المواقع السيادية العراقية، كاتفاق مرحلي لإدارة المرحلة المقبلة المحددة بسنة واحدة لإعداد الدستور العراقي الفيدرالي والتهيئة لمرحلة انتخابية جديدة.

• المكانة الدولية التي تتمتع به كل شخصية من الشخصيات القيادية على الصعيد العراقي والإقليمي والدولي، لكل من السادة الحكيم وعلاوي والطالباني، وهذا ما قد يزيد من احتمال قبول هذه الشخصيات العراقية على الصعيد الدولي خاصة على صعيد الدول المجاورة للعراق، بالارتياح.

من هذا نستنتج إن شغل المواقع السيادية العراقية من قبل تلك الشخصيات السياسية لمرحلة ما بعد الانتخابات استنادا إلى الصيغ القانونية والشرعية التي ستخرج بها العملية الديمقراطية الانتخابية، فيه احتمال كبير، وسيكون عاملا حاسما لبدء مرحلة عراقية جديدة مستندة إلى التمثيل الوطني الحقيقي النابع من الشرعية الانتخابية النابعة من العملية الديمقراطية التي انتهجها العراقييون في مرحلة ما بعد التاسع من ابريل، وتمسكوا بها كمنهج وطريق صائب للخروج من أزمة الحكم السياسي التي هبت عليها عقود طوال من الاستبداد والطغيان وقمع لأبسط الحقوق الإنسانية المتمثلة بمشاركة حقيقية للفرد في تحديد واختيار الحكم والنظام الوطني. وبناءا على ذلك فإن النموذج العراقي الجديد الذي سينطلق من أصوات العراقيين في يوم الأحد الثلاثين من كانون الثاني، سيجلب للعراقيين الأمن والاستقرار بقترة وجيزة وسيشهد الإرهاب انهيارا سريعا خلال فترة قصيرة. وسيجلب العراق الفيدرالي الجديد الكثير من الخيرات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية لكل فرد وعائلة عراقية في ظل انفتاح وازدهار اقتصادي سيعم العراق كليا خلال فترة قياسية وجيزة. وبهذا المشهد الجديد سيكون النموذج العراقي الفيدرالي الديمقراطي اختيارا وطنيا نموذجيا في المنطقة وقد يقتدى به في مناطق أخرى من الشرق الأوسط.

* كاتب عراقي كردي من إقليم كردستان، أربيل