السؤال الذي يخطر على بال المرء لماذا يعلن المحتل عن تجاوزاته ويفضح أمر أدواته وعناصره ويلصق الإجرام والسادية والدموية في تركيبته الإنسانية والسيكولوجية...لماذا يخاطب العالم بدوله وشعوبه ومنظماته ومؤسساته وهيئاته من خلال فضائحه وخطاياه بحق الشعوب....؟

الصحافة الإسرائيلية وبالأساس صحيفة" هارتس" كشفت من سكين المطبخ التي استخدمها أطباء الجيش في وزارة" موفاز" وأركان "يعلون" في الدولة العبرية في عمليات تشريحهم لجثث الفلسطينيين بعد قتلهم بدم بارد.

عبثا إيجاد المبررات للقاتل أيا كان جنسه أو لونه أو عقيدته فما بال المنظمات الدولية التي مرت على الإعلان الإسرائيلي مرور " الأجاويد "...!
وعبثا الانصياع لأمال السلام في ظل الأجرام الذي وصل حدود تقطيع اللحم البشري بسكاكين صدئة وتوزيعه على جنود الفرقة أو السرية أو الكتيبة.

هنا تبرز شرعية التخوف الفلسطيني من مستقبل الحرب والسلام مع الإسرائيليين... وهنا يبقى حذرهم مباح ومنطقي في ظل ما يتكشف من صنوف وأشكال الجريمة المرتكبة بحقهم أحياء وأمواتا.. فالكشف عما تسميه الدولة العبرية تجاوزات ومخالفات لضباطها وجنودها يحظى بتغطية وحماية مؤسسات الدولة" المحمية"...
بل ان سفاهة العقاب الذي يتمثل بغرامة مالية لا تتعدى في قيمتها قيمة الحبر الذي خط به القضاة لائحة الاتهام بحق مرتكبي الجرائم من بين جنودها وضباطها.
المسالة لا تعني أكثر من الالتفاف على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية وهنا تكمن الإجابة الحقيقية عن سبب كشف المحتل لبشاعته وخطاياه.

لقد بات معروفا لدى الجميع أمر التسريبات التي تفشت في اذرع الاحتلال أينما تواجد والتي وصلت حد التقاط الصور الفوتوغرافية للضحايا وللأساليب الممارسة في إذلالهم أو التمثيل بهم... وبات واضحا أمر المتاجرة بهذه الصور الملتقطة بين الجنود والضباط..

إن عملية استخدام سكاكين المطابخ بدل مشارط الأطباء في عمليات التشريح لجثث الفلسطينيين وتمزيق الجثث بتعابير سادية وانتقامية ليست الأولى وليست البشع في مجموع الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين لكن الابشع من كل هذا وذاك عدم الاكتراث الذي تمارسه الأمم المتحدة كمنظمة جامعة أولا وكهيئة تترتب عليها جوانب أخلاقية كونها مسئولة عن ملايين اللاجئين الفلسطينيين حسب بنود نظام تأسيسها والابشع أن يتذكر البعض منا واقصد هنا سيف القذافي الأجرام الذي لحق باليهود فيما يسمى "بالهوليكوست" في نفس اللحظة التي يعلن بها الإعلام الإسرائيلي عن قيام الجنود والضباط وأطباء الجيش الإسرائيلي بالتمثيل بجثث الفلسطينيين وهنا مفارقة أخرى.

وما عملية الكشف عن التمثيل بجثث الفلسطينيين في الإعلام الإسرائيلي إلا استخفاف بالمجتمع الدولي وتأكيدا على لغة القرصنة والغطرسة التي تعتمدها مؤسسات الاحتلال ضد العرب والفلسطينيين ولو أن أمرا من هذا القبيل تعرض له احد جنودها لتسلحت إسرائيل بكل الدعم والشجب والاستنكار العالمي وهنا المفارقة وهنا يظهر الخلل الذي يترك وراءه الخوف من مستقبل السلام والحرب معا مع هذه الدولة.

[email protected]