كم رائع أن تنتصر العدالة، وكم رائع أن تسود الحرية للجميع، وكم رائع أن تسير على ضفاف نهر دجلة تدندن مع نفسك من دون أن تلتفت يمينا وشمالا

خوفا من العيون الساهرة لحماية إمبراطور العراق، مالك الأرض والأنهار والأشجار والماء والكهرباء وكل ما دب على ارض العراق الشامخ. كم رائع أن نغني للشعب الذي تحمَّل الويلات، الشعب الذي تحدى كل حمامات الدم التي دفع ثمنها من حلمه وأمله وأمنه وولده. كم رائع أن نقف لتحية هذا الشعب الأسطورة الذي خرج ليدلي بصوته فرحا وليس مرعوبا من كل التهديدات التي انهالت عليه بمقاطعة حقه في الحياة.

كم رائع أنت يا شعب العراق العنيد بكل أطيافك وألوانك وشجنك وحبك وألمك وجوعك ومعاناتك. بكل الحرمان الذي عانيت منه خرجت صباح هذا النهار لتقول لكل العالم أنا أريد الحرية والديمقراطية، ها أنا امشي إلى حيث أمارس حقي في تقرير مصيري ولينفذ كل جبان ومهزوم متخفي خلف قطعة قماش عفنة، عديم الرجولة يدافع عن شيء لا يفقه معناه هو، مسخر من قبل شلة مأفونه أشبعت الشعب البطل كل أنواع الذل والحرمان، لكن لم تتمكن من إهانته.

لقد صمتُ لفترة طويلة انتظرُ هذا اليوم، واصلي لرب العزة والجلال بالوقوف معنا في هذا اليوم الذي سيسجل شعب العراق يوماً تاريخيا، يوما سيكون شمعة وقادَّة، ودرسا للشعوب العربية لنغني من الاعما ق وبصوت واحد متوحد بأننا قادرون على انتزاع حقنا من أفواه رشاشات الجبناء وسياراتهم المفخخة. لقد نسفوا المدارس والتي تبلغ في قدستها المساجد، ولكنهم نسفوا المساجد والمستشفيات. نسفوا المدارس التي تخلق من الإنسان إنسانا متحضرا وليس نكرة تبيع نفسها بحفنة دولارات لفئة ضالة.

انتصر شعبنا العراقي عندما خرج من الصباح الباكر زاحفا إلى مراكز الاقتراع متحدياً الارهارببن المأجورين وواضعا حدا للاستعمار، مبرهنا لشعوب الأرض بأننا شعب له قيمه وعزته وكرامته، ولا ننكر الجميل لكن وطننا وحريتنا وحقنا في الحياة الحرة الكريمة أهم حتى لو جاءت على جثث شهدائنا الذين عبدوا الطريق للأجيال القادمة.

ربما تكون فرحتي سابقة لكل شيء، ولكنني لم استطع أن امنعها من الانطلاق. كم رائع أن يسجل الشعب العراقي المثقل بهمومه وأحزانه انتصارا لكرامة الإنسان العربي، وكم رائع أن يحمل الشعب العراقي الذي دفع الثمن الغلي لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن مشعل الحرية والنور لباقي الشعوب العربية لتنهض وتطلق صوتها هادرا مطالبة بحقها بتقرير مصيرها والتخلص من الانتخابات المزيفة ونتائجها أل 99.99%.

لقد خرجت المراءة العراقية تدق الأرض بقدميها متوجهة لصندوق الاقتراع حاملة حياتها على كفها، عالمة بأنها ربما لن تعود لأطفالها، خرجت وكلها إصرار على أن تدلي بصوتها وتختار من تعتقد هو الأصلح الذي سيوفر لها الأمن والحماية، خرجت لتلون إصبعها بحبر الحرية وتقرير المصير وتنتخب بكل إرادة غير انهه لما سيحصل لها على يد الجبناء الذين وضعوا الرشاشة في راس أختي.

إن هذا الشعب الذي ناء بحمل مثقل فرضه عليهم إمبراطور العراق المأفون الذي كره العراق وشعب العراق ونهبه ومزقه وما زالت ازلامه من اللقطاء وخريجي السجون وممن بصقتهم الحياة يعيثون تدميرا وانتقاما. إن هذا الشعب المتكون من تركيبة رائعة لن يخذل الشعوب العربية، ولن يطأطأ رأسه ولن يستسلم لأي نوع من أنواع التهديد، رفع جميعهم الإصبع الملون بالحبر عاليا وغني عشت يا عراق الأبوة والكرامة، عشت يا وطن الإبطال.

إن ما دار على ارض الكرامة والرجولة والذي نتوقع أن يدور لفترة ليست بالقصيرة هن لبرهان ساطع بأنه ليس هناك اسم للهزيمة في قاموس الشعب العراقي، أن فرحة العالم بأجمعه وإعجابه الشديد للتحدي الرائع لهو وسام الشرف رُسِم على ارض الرافدين، لهو نقطة انطلاقة لم يشهدها التاريخ العربي بعد انتصار إرادة الشعب الجزائري على الاستعمار الفرنسي، وسيكون انتصاراً أروع عندما ترحل الجيوش الأمريكية الجرارة عن ارض العراق قريبا إن شاء الله.

ربما تكون فرحتي سابقة لأوانها، لكنني فرحة والفرحة لا يمكن قبرها، لقد ولى من كان يقبر فرحنا، لقد ذهب من سلبنا حق مواطنتنا، ومهما عمل ازلامه فلن يرجع. سنبني المدراس والمستشفيات والمساجد والشوارع والبيوت التي هُدمت، وسيعود الامن إلى ارض العراق عن قريب. وسيلعب أطفالنا لعب الأبرياء الصغار، وسيرسمون الورود والأشجار والعصافير بكل براءة بدلا من الدبابة والرشاشة. سيغنون للحياة وللوطن وللشجرة وليس للقائد الواحد. وستنام المراءة العراقية قريرة العين تحلم بالمستقبل الأمن والزاهر لأطفالها.

لقد قال الشعب العراقي قوله، ولتكف الدول العربية من التدخل في شؤون العراق، وليتعض من قال بان الشعب العراقي شعب صعب لا يمكن التعامل معه. هل هو خوف من هذا الشعب أم هو مديح لقوته وتصميه؟ عجبي لو جاءني الرد على تساؤلي هذا.

لقد صبغنا إصبعنا ورفعناه وقلنا كلمتنا وأعطينا صوتنا لمن نريد إن يكون معنا في مسيرة البناء والعطاء والخير والحب. ونرحب لكل من يريد أن يغني معنا، وآلا دعونا نبني مدارسنا ونظامنا التعليمي، لنبي مستشفياتنا ونرمم ما تصدع ونطلق صوت العراق هادرا من المحيط إلى الخليج بكل عربه وأكراده وتركمانه وكل الأقليات التي تشكل هذه التركيبة الرائعة.

مبروك لشعبنا العظيم، ومبروك لكل امراءة خرجت من بيتها لتدلي بصوتها، ومبروك لكل رجل تحدى الجبناء وقال تباً وسحقا لكم يا أعداء الحياة، ومبروك لنا بعراقنا الجديد العظيم.

الدكتورة خولة الزبيدي