الانتخابات الأوكرانية ملئت الساحة العالمية صخبا وضجيجا لما أحدثته من تفاعلات وأثار على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، فقد ميزت الانتخابات أوكرانيا إلى شرق وغرب وإقليميا إلى معسكر روسي يقابله معسكر أوروبي وعالميا إلى حرب باردة سوفيتيه أمريكية. ولكل إطار من هذه الأطر تفاعلاته حول الأزمة وانعكاساتها عليه وقد قرأنا وشاهدنا عبر شاشات التلفزة الأوكرانية والعربية والعالمية الأخبار والبرامج والتحليلات السياسية حول هذه الأطر. ولكن الجانب الذي مازال خافيا عنا ولم نسمع عنه وهو أقرب إلينا هو موقف المسلمين في أوكرانيا خلال الانتخابات والآثار المترتبة عليهم بعد انتهاء موجتها.إن المسلمين في أوكرانيا يصل عددهم إلى حوالي 2 مليون نسمة
من قوميات وأعراق مختلفة، تتناغم وتتفاعل مع الساحة الأوكرانية على مستويات متفاوتة ففي الوقت الذي نجد فيه الغالبية العظمى من تتار كازان مثلا تندمج إندماجا يصل إلى حد الذوبان في المجتمع الأوكراني نجد النقيض في تتار القرم الذين يحاولون دائما المحافظة على معالم التمايز القومي والديني
عن المجتمع الأوكراني العام وعلى ذلك تتمايز بقية القوميات الإسلامية الموجودة على الساحة الأوكرانية، وللأسف يصعب الحديث عن جالية أو أقلية مسلمة موحدة في أوكرانيا تحمل برنامجا مشتركا على المستوى الديني والثقافي والاجتماعي ناهيك عن المستوى السياسي الذي لم يدخل في حساباتها أصلا، ولكن الانتخابات الأوكرانية الأخيرة أظهرت بعض النقاط الهامة على الساحة
الإسلامية أهمها : -غياب الإطار السياسي الموحد أو المظلة المشتركة بل غيابها حتى الرؤيا السياسية المتقاربة لدى المسلمين وقد انعكس ذلك في المواقف التي تبنتها أكبر قوتين سياسيتين تمثلان شريحة كبيرة من مسلمي أوكرانيا وهما مجلس تتار القرم وحزب مسلمي أوكرانيا حيث تبنى المجلس دعم
مرشح المعارضة فيكتور يوشينكو لتحقيق مصالح قومية وسياسية في حين أعلن حزب مسلمي أوكرانيا عن دعمه لمرشح الحكومة فيكتور يانوكوفيتش، وقد يرجع ذلك التوزيع الجغرافي وتبادل المصالح حيث التواجد الأكبر للحزب في منطقة الدنباس التي تساند مرشح الحكومة فيكتور يانوكوفيتش. وقد أدى ذلك إلى غياب الصوت الإسلامي الموحد حيث انقسمت أصوات المسلمين بين المرشحين بشكل متساوي تقريبا أما على مستوى المسلمين كأفراد. فبغياب المظلة السياسية التي تدعو إلى توجيه الأصوات فقد تفرقوا في أصواتهم على المرشحين كل حسب الرؤية السياسية الشخصية لديه. -الدور الانتخابي للمسلمين، حيث أن على اختلاف قومياتهم وجنسياتهم كانوا على درجة عالية من الاهتمام والشعور بالمسؤولية في موضوع الإدلاء بأصواتهم وتحري البحث عن مرشحهم الذي سيصوتون له، خاصة المواطنين الأوكران ذوي الأصول العربية مؤكدين حرصهم على المشاركة في الحياة العامة الأوكرانية. وهذا التفاعل أعطى اتحاد الرائد نوعا من الاطمئنان – فيما يطرحة من أفكار ومبادئ حول حقوق وواجبات المواطنة، وكان هناك شعور بتجاوز قضايا فكرية مثل جواز المشاركة أو حرمتها وغيرها.
-الرائد يلتزم بمبادئه – فقد أكد الرائد منذ تأسيسه أنه مؤسسة اجتماعية ثقافية تعمل على خدمة مسلمي أوكرانيا والارتقاء بهم والتواصل مع طبقات المجتمع الأوكراني، كما كان الرائد يؤكد دائما أنه ليس حزبا سياسيا ولا يتدخل في الشؤون السياسية لأوكرانيا، وقد جاءت الانتخابات الرئاسية ليتمايز الجميع حسب المناهج السياسية وميولهم الحزبية، غير أن الرائد أكد من خلال تعامله مع مجلس تتار القرم أو حزب مسلمي أوكرانيا أو بعض المؤسسات الحكومية أو الحزبية التابعة لكلا المرشحين إصراره على عدم التدخل في مجريات الحملات الانتخابية أو إلى توجيه أصوات الناخبين المسلمين لأحد المرشحين لا عبر منابره ولا عبر وسائله الإعلامية ولا عبر علاقاته وشعبيته وسط الجالية المسلمة في أوكرانيا تاركا الخيار للمؤسسات السياسية وللأفراد. ملتزما بذلك بمبادئه وسياساته التي كان ينادي بها دائما ليصفق ما يقول على أرض الواقع. -حرص مسلمي أوكرانيا على وحدة البلاد – وهذه ومضة أخرى في طريق اندماج المسلمين بمجتمعهم الأوكراني وشعورهم بالانتماء إليه فقد أبدى مسلمو أوكرانيا أثناء الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد بعد الجولة الثانية من الانتخابات شعورا عاليا بالمسؤولية، والحرص على وحدة أوكرانيا بعيد عن أي مصالح شخصية أو آراء سياسية، وقد كان الرائد سباقا في هذا المجال حيث أصدر بيانين رسميين باللغة الروسية وبيانا باللغة العربية، تم توزيعهم على وسائل الأعلام المحلية والعربية أكد فيهم الرائد حرصه على وحدة أوكرانيا ونبذ ما يؤدي إلى تجزئتها، كما أوضح انه انطلاقا من إيمانه بوحدة أوكرانيا ونبذ ما يؤدي إلى تجزئتها واستقلالها، وحرصا منه على ترسيخ معاني الأمن والاستقرار فيها يتابع بقلق بالغ الأحداث ومستجداته اليومية حول الخلافات الدائرة، وقد أهاب الرائد في بياناته بالمسلمين والمحليين والجالية العربية والإسلامية أن ترفع أكف الضراعة إلى الخالق عز وجل بأن يحفظ وحدة أوكرانيا، وأن يوحد أبناءها على الخير، وأن تنتهي أزمتها بسلام ووئام. كما قام الرائد بدعوة خطباء المساجد والمصليات في أوكرانيا لتخصيص خطبة جمعة موحدة للحديث عن الانتماء إلى أوكرانيا والحرص على أمنها واستقرارها والدعاء لأمن واستقرار أوكرانيا من خلال منبر الجمعة.كما شارك في هذا المجال مفتي شبه جزيرة القرم في تظاهرة دينية شارك فيها ممثلو الطوائف الدينية في أوكرانيا على المنصة المقامة في ساحة الاستقلال في العاصمة كييف أكد فيها على حرص المسلمين وتمسكهم بأمن واستقرار أوكرانيا. - لعل من السلبيات الهامة التي عانت منها الأقلية المسلمة في أوكرانيا في تجربة الانتخابات الرئاسية عدم وجود برامج ومطالب خاصة للجالية كما الجاليات الأخرى، وقد يرجع السبب إلى عدم وجود مظلة سياسية تجمع المسلمين وتعمل على تحقيق طموحهم و آمالهم. كما أن من السلبيات التي عانى منها المسلمون قضية تغطية وسائل الإعلام العربية للحدث في أوكرانيا حيث أن أغلب وسائل الإعلام العربية كانت تركز على الجانب المتعلق بالمرشحين والدولة بشكل مباشر ولم يكن هناك اهتمام بتقصي واقع المسلمين ومشاركتهم في الانتخابات والذين يمثلون اكثر من 5% من سكان أوكرانيا.قد تنطوي صفحة
الانتخابات الرئاسية الأوكرانية بإيجابيتها وسلبياتها على الحكومة والشعب ولكن هل يستفيد مسلمو أوكرانيا من هذه التجربة وللارتقاء بواقعهم ورسم مستقبلهم هذا ما سترسمه السنوات القادمة.

رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية – الرائد في أوكرانيا
http://www.arraid.org/
http://www.arraid.org