يردد الإعلام العربى على الداوم كلمة " يوم تاريخى " بمناسبة ومن غير مناسبة، فتطلق التسمية؛ على يوم خطبة الزعيم العقيد القائد، ويوم قيام فخامته،بإفتتاح صنبور مياة فى حى شعبى، أو يوم فوز الفريق القومى للتثاؤب بمباراة قومية.

يوم الأحد كان - برغم حيادية ومراوغة وأحيانا نفاق الإعلام العربى - يوما تاريخيا بحق، توفرت فيه كل مبرارات التسمية.كان يوما تاريخيا،ليس للعراقين فحسب، وإنما لكل شريف يحلم بالحرية،والديمقراطية،والتنوع، لكل الذين قتلتهم التجارب العبثية، للديكتاتوريات القومجية، والكهنوتية الإسلاموية،والتجارة الرخيصة، بعواطف البسطاء، ودغدغة مشاعرهم الدينية، والمزايدة على أحلامهم البسيطة.

خرج العراقيون،يحدوهم الأمل فى الغد، يسطرون تاريخا جديدا، للأجيال القادمة، يصنعون قدرهم بأنفسهم، خرجوا غير مبالين، بتهديدات خفافيش الظلام الدموية، التى تتربص بالحلم الوليد، خرجوا غير عابئين، بالمورتر والهاون،وكل أسلحة ومقذوفات الخسة، والغيلة والإنتحار، خرجوا من أجل الأطفال،ليعدوا لهم عراقا جديدا، خال من عقد التمذهب،والتعنصر والعصبيات المقيتة، خرجوا من أجل الدماء الطيبة البريئة ؛التى سالت على الطرقات،خرجوا ليثبتوا،أنها لم تكن دماء رخيصة، فثمنوها بخروجهم الى الصناديق، خرج العراقيون الشرفاء من أجل الرؤوس، التى نحرها الكارهون للحياة بغيا ودناءة، خرجوا من أجل عراق متعدد متنوع متسامح حر، عراق للجميع.. نعم للجميع.

ترقبنا فى كل بيت " يوم الأحد " ونحن نضع أيدينا، على قلوبنا، ونراقب جرائدنا المفروشة، وهى تسمى الإرهاب مقاومة، والإنتحار إستشهاد،وتزايد بشكل فضائحى،على ألام العراق.مرت الساعات ثقيلة،وأنا أتنقل بين مواقع الإنترنت، وأتابع كل خبر عاجل، تبثه " إيـلاف "عن سير العملية الإنتخابية، وعندما عدت الى بيتى ؛حولت الشاشة الى cnn التى كانت تتابع على مدار اللحظة، وثبت الكومبيوتر المحمول، على قدمى مهرولا بين الـ bbc والعربية وإيلاف،ألتهم كل مايكتب وأتابع مايكتب، كانت مباراة من المتعة واللهفة على العراق. رأيت البسطاء، والعجائز،يصطفون فى طوابير الأمل الطويلة، رأيت سيدات يزغردن،ويغردن للحرية والعراق، رأيت من فقد أطرافه، وجاء يتحدى من قطعوها ؛محمولا على الأعناق، أو على كرسى متحرك؛ كى يصفعهم فى صندوق الإنتخابات.

خسر الذين راهنوا؛ على تحويل العراق الى مستنقع، تسبح فيه كوابيسهم الظلامية، خسر الذين راهنوا على لبننة، أو صوملة، أو بلقنة، عراقنا، خسروا بالضربة القاضية الفنية، خسر الصداميون، والبعثيون، والبنلادينيون،وأذناب الطغاة، قال العراقيون لهم : الى غير رجعة الى صندوق قمامة التاريخ. قالها العراقيون من شيعة، وأكراد، وسنه،وتركمان، ومسيحيين وصابئة وأثبتت ذلك نسب الإقبال التى تتساوى مع نسب الدول المتقدمة فى الديمقراطيات العريقة.

العراق عاد، ولانكوص أو إرتداد، الى دوائر الوهم، القطار إنطلق، وقريبا سنحسد العراقيين ونغبطهم،على ديمقراطيتهم، وحريتهم. كنا برغم مافى نفوسنا من كمد، من ممارسات إسرائيل البربرية،مع الفلسطينين العزل،نحسدهم على ديمقراطيتهم، التى تأتينا كل بضع سنوات،برئيس وزراء وحكومة جديدة تعمل من خلال نظام مؤسسى، لايسمح بالتصلب أو الديكتاتورية، حكومة منتخبة، تعبر عن إرادتهم، قريبا سيصبح العراق نموذج قياسنا بديمقراطيته وتعدديته.

ياأعزائى فى العالم العربى، المبتلى ؛ يشرفنى،أن أعلن عليكم؛ النتائج كاملة بأمانة :

فاز العراق بكل مقاعد المستقبل.

خسر الظلاميون، والصداميون، والطغاة، وضعهم الناخبون،فى صناديق أخرى لقمامة التاريخ.

كاتب من مصر... [email protected]