عندما تشرق صباح هذا اليوم الأول من شباط وعندما تمضي الساعات الأولى منه يستذكر الأكراد والعراقيون في كل مكان ما جرى في مثل هذا اليوم من العام الماضي عندما قدم العشرات من القادة ورجال العلم والدين والقانون والمواطنين العاديين البسطاء حياتهم قربانا للعراق الجديد حيث تجمع في ذلك اليوم المئات من المواطنين الكردستانيين من شتى القوميات والأديان والمذاهب والطوائف في مقري الحزبين الكرديين الرئيسيين في اربيل عاصمة إقليم كردستان العراق للتهنئة والاحتفال بأول أيام عيد الأضحى المبارك حيث جرت العادات والتقاليد ان يجتمع الناس كبيرهم وصغيرهم ومن مختلف المستويات والمسؤوليات للتهنئة والسلام على بعضهم البعض بهذا اليوم السعيد لاسيما وانه العيد الأول الذي قدم وأجواء الوفاق والسلام والتآخي تسود في كوردستان بعد الخطوات والقرارات التي اتخذتها قيادتا الحزبين بما جعل مقري الحزبين يفتتحان ابوابهما لجموع المهنئين بالفرح والعيد الذي أصبح عيدين بالاتفاق والسلام في العراق الجديد.

إلا ان أعداء الفرح وأعداء العراق الذين يريدون نشر الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد أرادوا لهذا اليوم ان يكون ليس كما أراده الله يوم فرح وعيد لكل أبناء الوطن فقاموا بعملهم البشع الذي حصد أرواح اكثر من 117 شخصا وجرح حوالي 200 من المواطنين والناس الأبرياء في يوم وصف بأنه عاشوراء كردستان نظرا لفداحة الخسائر وعظمة الحزن والمصاب الجلل الذي عم أرجاء العراق وامتد إلى الملايين من العراقيين والأكراد في ديار الغربة والذين توحدت قلوبهم مع أهلهم الذين توفوا أو أصيبوا في ذلك اليوم الحزين.

اليوم زهور النرجس التي تزخرف جبال وأراضي كردستان وهي تعلي هامتها من بين الثلوج البيضاء لترسم لوحة طبيعية ساحرة بالجمال والبهاء... تبكي زهور النرجس أبنائها وشهدائها الذين غادرونا قبل ان تتكحل عيونهم بيوم الانتخابات الذي سقطت معه كل رهانات وتهديدات الأعداء.

اليوم تستذكر شوارع أربيل والموصل وزاخو وكل مدن العراق ضحايا عاشوراء كوردستان من سامي سنجاري ومحمود هالو وشوكت شيخ يزدين وأحمد روزبياني ومهدي خوشناو وعشرات الأحبة الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم من الذين سقطوا مضرجين بدمائهم الزكية وهم يقدمون حياتهم قربانا وأضحية قبل ان يتمكنوا من تقديم أضحياتهم في عيد الأضحى الحزين، اننا اليوم اشد قوة وأمضى عزيمة وذكرى أحبتنا تدفعنا إلى السير قدما في مسيرة العراق الجديد الذي يعلو بناءه كل يوم وجموع العراقيين التي تحركت بالملايين يوم الثلاثين من كانون الثاني والتي شاركت وصوتت في يوم الانتخابات العراقية رغم التهديدات والتفجيرات هي الرد الامثل على الذين خططوا ونفذوا جريمة أربيل وكل الجرائم التي طالت مدن أهل العراق.

عبدالستار رمضان روزبياني

كاتب ومحامي عراقي مقيم في الدنمارك

[email protected]