نصيحة لبشار الاسد


في الثامن والعشرين من فبراير (شباط) الماضي أعطى الدكتور رفعت الاسد رأيه في الوضع السوري اللبناني وجاء هذا التدخل في اللحظة الحاسمة وملخص الرأي هو ان القوات السورية انجزت المهمة الامنية وحان وقت الانسحاب ولبنان قادرة على ادارة شؤون ذاتها. وأذيعت تصريحات د رفعت الاسد على فضائية ANN (ARAB NEWS NETWORK)

كلام مهم من رجل يعرف ما يقوله ويدرك المخاطر التي تواجه سوريا. على النظام أن يسمع هذه النصيحة وأن يستشير من هم أكثر خبرة واضطلاع على ما يجري في العالم من متغيرات. لا أحد يعرف سوريا ومشاكل سوريا والخطر الذي يحدّق في سوريا أكثر من رفعت الاسد. ومرّت عليه أزمات كادت أن تقلب البلد وعصيان من جماعات دينية متطرفة وعالجها بقسوة بالغة وقمعها للمحافظة على وحدة سوريا وأمنها. فهو ليس من المنظرين بل من المخضرمين في مواجهة الظروف الصعبة والتعامل معها. يتعين على قادة سوريا الحاليين أن يصغوا بعناية وهدؤ لما قاله الدكتور رفعت الاسد بخصوص سحب القوات السورية من لبنان، وأن يطبقوا النصيحة عمليا على واقع الارض.


وقبل وقوع جريمة اغتيال رفيق الحريري بعدة أيام كتبت مقالا عنوانه" 5 مبررات أميركية لاستهداف سوريا عسكريا وليس ايران"
وفي نفس المقال أشرت الى اهمية الاصلاحات الداخلية في سوريا واشراك السوريين المبعدين في الخارج والذين يعيشوا خارج سوريا بمحض الارادة بالعودة للمساهمة في اعادة بناء وطنهم. وأشرت الى اهمية اطلاق سراح المساجين السياسين والمفكرين والاصلاحيين وايقاف اعمال التعذيب والتنكيل ضد من لهم رأي آخر.

والمبررات الاميركية الخمسة هي كما نقلها أندرو سوليفان في صحيفة الصندي تايمز قبل اغتيال رفيق الحريري بأيام.:
1-قال بوش، للتوصل الى سلام شامل في الشرق الاوسط يتعين علينا مواجهة الانظمة التي تدعم الارهاب.
2-وذكر بوش سوريا بالتحديد عنما قال: يتعين على سوريا ايقاف دعم الارهاب وأن تفتح باب الحرية لشعبها.
3-اصبحت سوريا قاعدة للبعثيين والمجاهدين الذين يسعوا الى تدمير الحكومة العراقية الناشئة وتدمير الديمقراطية التي بدأت تنمو في العراق.
4-سجل سوريا المشين والمخزي في انتهاكات حقوق الانسان
5-احتلالها للبنان، وسماحها للارهابيين باستعمال لبنان كقاعدة لشن هجمات ارهابية.
وأضاف بوش اننا بدأنا بتطبيق " قانون محاسبة سوريا".

والخمسة مبررات هي استنتاجات أندرو سوليفان الصحفي البريطاني ذو الميول اليمينية والمقيم في واشنطن وتربطه علاقات قوية مع المحافظين الجدد (The Neo Cons).

الاعتماد على المخابرات والنظام البوليسي سوف لا ينقذ النظام. والانفتاح وتحرير الاقتصاد والفكر والاعلام والسماح للسوريين بالخارج بالعودة دون الخوف من المخابرات والمصالحة مع المعارضة والسماح لهم بالمشاركة في السلطة سيعيد الثقة في النظام.

وهناك عناصر ديمقراطية سورية تعيش في المهجر وتستطيع المساهمة في بناء سوريا والمشاركة في عملية الاصلاح وبعضهم في لندن وأسبانيا وفرنسا وحتى أن بعضهم اقارب لبشار الاسد مثل عمه رفعت وأولاده وهذه عناصر قادرة على ادخال اصلاحات وتغييرات ديمقراطية. آلاف السوريون يحبذوا العودة للمساهمة في بناء الوطن ولكنهم يخافوا من المخابرات واجهزة القمع التي تنتظرهم في المطار.

مما لا شك فيه ان الولايات المتحدة ترى سوريا كعنصر يعرقل المخطط الاميركي في المنطقة. ولكن هذا لا يعفي سوريا من مسؤولياتها في موضوع انتهاك حقوق الانسان السوري. أي نظام يقوم بسجن الصحفيين والادباء والمفكرين وذوي الرأي الآخر هو نظام فاشل وقاعدته الشعبية هشّة.

وأخيرا تكلم الدكتور رفعت الاسد واوضح ان القوات السورية دخلت لبنان بناء على طلب لبناني وموافقة الجامعة العربية وأدّت دورها في حفظ الامن والسلام. وحان الوقت الان لانسحاب هذه القوات. وقال الدكتور رفعت الاسد أن الجيش السوري في لبنان لا علاقة له بنشاطات المخابرات التي تعمل بصفة مستقلة. وأضاف ان الجيش السوري قدم التضحيات في عام 1982 في مواجهات مع العدو الاسرائيلي.
هذا كلام عقلاني وحكيم ويجب الاصغاء له وتطبيقه قبل وقوع الكارثة. الاصغاء لعدنان عمران ومصطفى طلاس والمخابرات لا يفيد.
وهذا كلام مهم من شخصية هامة لعبت دورا كبيرا في الشأن السوري على مدى 40 عاما ولديه من الخبرة والحنكة السياسية مما سيساعد سوريا في الخروج من المأزق.

نهاد اسماعيل - لندن