كثر في الأيام الأخيرة الحديث عن تدفق العراقيين إلى دول المجاورة للعراق ومن هناك إلى الدول ( الكافرة ) الاُوربية والأمريكية طلباً للجوء رغم كل ما قيل ويقال عن تحسن الوضع الأمني في الوطن!!!
الأخبار الواردة من العراق بواسطة التلفونات مع الأهل والأقرباء والأصدقاء تؤكد الأنباء التي تتحدث عن الفرق الواضح في الحالة الأمنية ما بين الأمس واليوم لذلك صار إنقطاع الدائم للكهرباء هو الشغل الشاغل للمواطن العراقي بعدما كان هاجس الخوف من الإختطاف والقتل والذبح قد أنساه التفكير بكل ضروريات الحياة العصرية...
كيف تحسن الوضع الأمني في العراق؟؟
نجاح الحملات العسكرية. العراقية والأمريكية في دك مواقع التنظيمات الإرهابية وملاحقة عناصرها المجرمة لا تعني القضاء التام على القتلة والسفاحين الذين حولوا العراق إلى ساحة مباحة لإزهاق أرواح وهدر دماء كل الذين إستبشروا الحرية وتأملوا الخير بعد زوال الطاغية. فلم يقتل جميعهم ولا حتى قبض على جلهم إذن إين ذهبوا ؟؟؟..


مجالس الصحوات السنية وجماعات الإنقاذ الشيعية شاركت القوات العراقية والأمريكية في تحجيم الإرهابيين أعداء الحياة وطردهم من بين ظهرانيهم فإنتقل البعض منهم إلى الحواضن المجهرية غير المكتشفة بعد، داخل العراق لذلك تأخر إبادتها. أما البعض الآخر فقد إرتضى بما كسب من أموال جراء تنفيذه لأجندة الدول التي خافت على أنظمتها الدكتاتورية من اللحاق بالنظام البعثي الفاشي الساقط لو إستقرت الأوضاع في العراق وصار ديمقراطياً. وكذلك من عمليات الإختطاف حيث ( تملون ) أي أصبح مليونيراً الإرهابي نتيجة حصوله على فدية طائلة مقابل عدم ذبح رهينته ( الكثير من الضحايا قتلوا وذبحوا رغم حصول القتلة على مبتغاهم ) !. لذلك قرر البعض الأخير التمتع مع عوائلهم بالأموال المغمسة بدماء الأبرياء، خارج العراق. خصوصاً في الدول التي ( ناضلوا ) لأجل منعها من تصدير مفاهيمها وأخلاقيتها ( الفاسدة ) لوطنهم!!


فيما يلي سأنقل لكم قصة أحد ضحايا الإختطاف في العراق الذي نجى من الذبح بعد أن باع أهله دارهم لدفع الفدية للإرهابيين مقابل شراء حياة إبنهم الوحيد ثم نجحوا في إرساله إلى السويد كلاجيء خوفاً من تكرار المجرمين عملية الإختطاف..
أترككم مع رواية سمير بعد أن حذفت منها قصة أختطافه في العراق توخياً للإختصار..
بعد أن أكمل ضابط الشرطة التحقيق معي في مطار إستكهولم عند نزولي فيه لاجئاً. أرسلوني إلى معسكر لا يبعد عن المطار سوى عشرين دقيقة في السيارة.. كان الوقت ليلاً حين دلوني إلى الغرفة التي سأقضي فيها فترة إنتظار قرار دائرة الهجرة السويدية بقبولي او الرفض..


منذ فترة طويلة لم أذق فيها طعم النوم العميق. دون كوابيس. كما حدث حين وضعت رأسي على الوسادة في ليلتي الأولى بالسويد فنسيت كل تعبي وآلامي ماعدى حنيني إلى والديَ....
إستيقضت في الصباح فذهبت إلى قاعة الطعام كي اُفطر..
دخلت إليها فوجدتها مليئة بمن مثلي. طالبي اللجوء..
جلست إلى طاولة بعد أن ملأت صحناً بالبيض والزبدة وقطع الخبز مع كوب حليب..
قبل أن أضع شيئاً في فمي وإذا بأحدهم يربت على كتفي قائلاً بصوت لم يكن غريباً على مسمعي. أهلا وسهلاً بك في السويد..
فزعت قبل أن ألتفت إليه. إنه صوت أحد الذين إختطفوني في العراق !!!
حين رأيته تأكدت من أنه هو.. الخوف سرى في كل مفاصل جسدي ولم أقوي على الكلام حين قال وهو يمسك بذراعي..
إنسى الذي فات وأياك وأن تبلغ عني. بمقدوري أن أفعل بك هنا مالم أفعله هناك في العراق بسبب حصولنا على فديتك. إذا تكلمت.!!! هل فهمت ؟؟


هززت رأسي موافقاً دون أن أنبت ببنت شفة....
لأكثر من إسبوعين عادت إلي الكوابيس المفزعة المخيفة وأنا أسترجع عذابات الإسبوع الذي كنت رهينة عند الذباحين لحين إستلموا ثمن حريتي من أبي المسكين.
نحل جسمي كثيراً لعدم تناولي الكافي من الطعام الذي لم أعد أستذوقه خوفاً..
إلتزمت بوعدي له ولم اُبلغ عنه طيلة تلك الفترة حتى جاء قريبي الذي يسكن السويد وإصطحبني إلى بيته فرويت له القصة بعدها أخذني إلى دائرة شرطة قريبة من داره وطلب مني الإبلاغ عن الذباح الذي صار لاجئاً في السويد.
طلب الضابط من قريبي الإبقاء عليً عنده وعدم السماح ليً بالعودة إلى المعسكر لحين إتخاذ الإجراءآت اللازمة بحق الذباح بعد التأكد من كلامي.. لحد الآن لا أدري ماذا حصل...
إنتهى كلام ( المذبوح ) الحي..


عندما رويت الحادثة لأصدقائي فأخبروني بأن نفس الحالة وجدت في ألمانيا وفي دول ( كافرة ) اُخرى حيث جاءها ( المؤمنون ) القتلة بحثاً عن الأمان بعدما أثروا من ذبح ضحاياهم!!!!
أليس هروب الذباحين إلى دول اللجوء أحد أسباب التحسن الأمني في العراق. وهل هنا سيترك صاحب العادة، عادته التي تأصلت وغرست في بدنه؟


حسن أسد