أذكر أنني حاورت ذات مرة صحافيا هولنديا واستفسرت منه أن كان الهولكوست يعتبر من التابوهات في هولنده، ومع أنه أقر في جوابه بذلك لكنه أضاف إزاء التابوهات عليك أن تقدم أدلة وبراهين قاطعة تجنبك المحاسبة القانونية.


الحديث عن وجود قومية فارسية في العراق، وللأسف الشديد يعد من التابوهات التي تحكم الفضاء الثقافي والسياسي والاجتماعي في العراق، مع أختلاف في غاية الأهمية بين تابو الهولكوست، الذي ارتقى الى مصاف التابو بفعل سلسلة من الجرائم البشعة التي نفذها النازيون ضد اليهود، فيما تابو القومية الفارسية في العراق، لم ينشأ إنطلاقا من إنصاف الضحايا بقدر ما سعى الى تكريس سلسة من الجرائم التي إرتكبها النظام الديكتاتوري السابق بحق المواطنين العراقيين من ذوي الاصول الفارسية.وإصرار جهات سياسية عراقية على إلغاء القومية الفارسية في العراق وحصر جريمة التهجير بشريحة أخرى.


أعرف أنني سوف أتعرض الى تهم بالعمالة لصالح ايران بسبب طرح قضية العراقيين الفارسيين، إالا أن تهما من هذا القبيل قد غدت مألوفة في الأوساط العراقية، ولن تثنيني في الإسهام لإنصاف شريحة فاعلة في جميع مناحي الحياة العراقية وهي شريحة العراقيين من ذوي الأصول الفارسية، وكي أتجنب أي مهاترة جانبية سوف أركز في سلسلة من المقالات على النقاط التالية:


1-عرض ومناقشة الوثائق والمستندات الرسمية العراقية التي تشير الى القومية الفارسية في العراق
2-عرض الوثائق والمستندات الدولية التي تشير الى أن العراقيين الفرس كانوا الشريحة الأساسية المستهدفة في عملية التهجير التي عرفت بين العراقيين بالتسفيرات والتي نفذها نظام صدام حسين، وتعود هذه الوثائق لجهات حقوقية معتبرة مثل منظمة الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية والصليب الأحمر الدولي.


3-الكشف عن الجهات التي ساهمت في محاولات إلغاء القومية الفارسية في العراق في السنوات التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين، ومنها المحكمة الجنائية العراقية العليا ووزارة الهجرة والمهجرين وأحزاب وجهات سياسية أخرى.


4-وثائق تتعلق بجهات وشخصيات سياسية وحقوقية معارضة لنظام صدام حسين، دافعت عن ضحايا عمليات التهجير ولم تحصر الضحايا بالأكراد الفيلية.
مرة أخرى أؤكد أن الغرض من هذه المقالات ليس الخوض في سجالات ومهاترات عنصرية، بقدر ماهو سعي الى إثبات حقيقة وجود قومية فارسية في العراق، لم تنصفها الحكومة العراقية وتم تأجيل قضية إدراجها في الدستور العراقي بسبب الجو المضاد الذي ساهم فيه كل من التكفيريين الذين يربطون الشيعي بالفارسي والفارسي بالايراني من جهة وبإسهام من شخصيات وجمعيات كردفيلية أشاعت خطأ أنها المقصودة بالقومية الفارسية علما أن الكردالفيلية يعتبرون من ناحية التصنيف القومي كردا وقد سبق أن أدرجهم الدستور العراقي، فهل من المعقول أن يسعى دستور بلد ما الى إدراج قومية واحدة مرتين ؟


متمنيا من الحريصين على التنوع الإثني والقومي في العراق أن يساهموا بآرائهم وملاحظاتهم القيمة.عسى أن نساهم جميعا في إنصاف العراقيين الفرس الذين مازالوا يحلمون بالعودة الى وطنهم ويتم الاعتراف بهم كمواطنين عراقيين كانوا مثاليين في الاندماج في المجتمع العراقي وحريصين على التعايش السلمي مع جميع شرائح المجتمع العراقي.

[email protected]