عبد الجبار العتابي من بغداد: حملت الاخبار الواردة من مدينة ميلانو الايطالية نبأ سارا للسينما العراقية التي يناضل شبابها من اجل اعادتها الى ساحة الاهتمام، حينما حقق المخرج الشاب حيدر رشيد انجازا مميزا بفوز فيلمه الذي يحمل عنوان (المحنة) بجائزة أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان (انا شاهدت افلاما / I have Seen Films) الذي أسسه ويترأسه المخرج والممثل الهولندي العالمي روتغير هاوار، وقد اختارت الفيلم العراقي لهذه الجائزة لجنة تحكيم دولية ضمت شخصيات سينمائية معروفة ومهمة مثل المخرج آنتون كوربين والنجمة ميراندا ريتشارسون والمخرج الإيطالي روبيرتو فايينسا، إضافة إلى روتغير هاوار نفسه.
وقد نقلت وكالة (آجي) الإيطالية للانباء عن هاوار قوله اثناء تسليمه الجائزة إلى المخرج حيدر رشيد : انا سعيد للغاية لفوز حيدر بهذه الجائزة، ففيلم (المحنة)هو الفيلم الذي كنت أتمنى أنجازه بنفسي، مشيرا الى ان(حيدر طاقة شابة جيّدة نترقب منه الكثير في المستقبل، وبالتأكيد أخذت لجنة التحكيم في اعتبارها أهمية ما أنجز )، اما المدير الفني للمهرجان جانكارلو زابّولي، فقال : نحن فخورون بأننا قدّمنا هذه الطاقة الشابة، وفخورون أيضاً بتقديمنا أول إنتاج سينمائي مشترك بين العراق وإيطاليا، واضاف زابولي : أن أهمية هذا الفيلم تكمن في أنه عرض مأساة العراق وعذابات المنفى دون أن يستعين بأية لقطة من أرشيف الحروب الطويلة في العراق، وتمكّن من خلال أزمة إنسان مفرد يعيش حالة الضياع في مدينة صاخبة وصعبة مثل لندن، عرض مأساة شعب وجيل بأكملهما.
ونقلت الوكالة الايطالية عن حيدر رشيد فرحته بالجائزة، وقوله : كان اختيارنا ضمن المسابقة الرسمية لهذا المهرجان المهم جائزة بحد ذاتها، لكن تسلم جائزة أفضل فيلم يأتي تأكيداً للعمل الشاق والهم الكبير الذي عبّرنا عنه وحاولنا فيه رسم صورة لمأساة المنفى العراقي العسير الذي عاشه آباؤنا ونعيشه نحن أبناء الجيل الثاني الذين ولدنا بعيداً عن الوطن الأم.
تدور احداث الفيلم، الذي اهداه المخرج الى ذكرى الكاتب والمفكر العراقي الشهيد كامل شياع الذي أغتيل في بغداد في ٢٣ آب/أغسطس ٢٠٠٨، في مدينة لندن التي يلفها الضباب ويقدم صورة لحالة الانتظار والترقب التي هي سمة أبناء الجيل الثاني من العراقيين الذين ولدوا في المهاجر البعيدة،عبر أزمة كاتب شاب انتهى للتو من تأليف روايته الأولى ويبحث عن ناشر، ويتزامن إنجاز الكتاب مع اختطاف والده واغتياله في بغداد على يد عصابات إرهابية مسلّحة، الوالد، وهو أكاديمي عراقي، عاش في المنفى لعقدين ونصف وعاد إلى العراق بعد تلك السنين ليُسهم في إعادة إعمار العراق، لكنه يُخطف ويُغتال بعد أسابيع من عودته.
وكان الراحل كامل شياع كما يقول المخرج تابع ميلاد الفيلم منذ مراحله الأولى وخلال كتابة السيناريو، وهو ما جعل من الفيلم وكأنه سفر استشهاده الذي كان ترقبه في أكثر من رسالة وجهها إلى ولده إلياس المولود قبل 19 عاماً في بروكسل.
وكان الفيلم قد فاز في الجائزة الثانية في مهرجان الخليج في دبي في دورته الاخيرة في شهر حزيران / يونيو من هذا العام، كما عرض الطويل في مهرجان سينما (الديجيتل سيئول) في كوريا الجنوبية في شهر آب/ اغسطس الماضي.