عامر عبد السلام من دمشق: رفض الفنان والمصور الضوئي السوري عمار عبد ربه إزالة الصورة الخاصة بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في إولى معارضه الفردية المقام حالياً في صالة المركز الثقافي الفرنسي بدمشق.
وقال الفنان السوري عبد ربه لـquot;إيلافquot; إن الكثير من زوار المعرض طلبوا منه إزالة الصورة الخاصة بالرئيس التونسي (بن علي)،لكنه برر الاحتفاظ بالصورة التي يظهر فيها بن علي مع زوجته ليلى كونها معلقة إلى جانب صورة للشيخ محمد بن راشد أيضاً مع زوجته الأميرة هيا وهي ترتب ملابسه.
وأضاف بإن الصورة في معرضه لا تمجد الرئيس التونسي ولا تهينه بنفس الوقت،وهي تبقى شاهداً على لحظة بسيطة ومعينة للرئيس التونسي السابق، وقد تكون بمثابة وثيقة تاريخية فهي تحتوي ايضاً على صورة للزعيم الاسبق الحبيب بورقيبة وهو ينظر الى الثنائي الرئاسي في داخل قصر قرطاج وقد تصبح ذات أهمية أكبر بمرور التاريخ.
ودعا الفنان السوري الشعب التونسي إلى تقبل تاريخه وماضيه بكل فتراته ومختلف مراحله كي يستطيع تجنب الأخطاء في المستقبل،ولا يجوز أن يقرر بين يوم وليلة اعتبار بن علي وكأنه لم يمر على دولة تونس.
وأكد الفنان عبد ربه بأنه لولا المعرض والتحضير له لكان الآن في تونس لتكون كاميرته شاهدة على هذه الفترة الهامة والمتقلبة التي يعيشها الشعب هناك،مضيفاً بإن مطبوعة فرنسية طلبت منه وهو في طريقه إلى مطار باريس التواجد في تونس لتغطية أحداثها كونه يملك الكثير من الصداقات والعلاقات فيها، مبدياً أسفه على عدم تلبيته للطلب لإرتباطه بالمعرض المقام في دمشق، معتبراً ذلك نوع من أنواع (ظلم الحياة) اللذي لم يجعله مشاركاً في أن يكون شاهداً على الأحداث في تونس،قائلاً quot; في الكثير من الآحيان نحاول التحكم بأوقاتنا لصالح أعمالنا ولكن هذه المرة اسفت جداً لعدم تمكني من توثيق الوضع التاريخي في تونس وأنا أيضاً حزين لمقتل صديق صديق مصور صحفي فرنسي في هذه الاحداث quot; وأضاف quot;بإن الصورة هي مادة صحفية مستقلة لكننا في كثير من الأحيان لانقدرها ولا نعطيها قيمتها، فيمكننا أن نعمل موضوع عن أزمة تونس من خلال 20 أو 30 صورة بدون أية كلمة، لكننا نعاني من مشكلة حقيقية بثقافة العين أو الثقافة البصرية لعدم وجود سياسة تعلم لغة التصوير في المدارس او الجامعاتquot;
وكان الفنان السوري قد وضع صورة تمثل رئيس عربي سابق اخر وهو الرئيس العراقي صدام حسين التي تحوي روح الفكاهة والسخرية،وتبين المفارقة بين حجم عامل التنظيفات الذي يبدو أصغر من حجم الصورة الكبيرة للرئيس.
وصرح عبد ربه لـquot;إيلافquot; بإن هناك الكثير من الزوار العراقيين قد تأثروا بها و ولم ينتفض أي شخص منها أو ينفعل أحدهم، معتبراً بإن الجميع قد تأثروا بعامل التنظيفات أكثر من الرئيس العراقي نفسه، والصورة تتكلم عن واقع عراقي وتحكي عن التمجيد والمكانة التي كان العراقي يعطيها لرئيسه والتي كانت مفروضة عليه،مؤكداً بإن تلك الصورة ملتقطة في شباط 2003 أي قبل نهاية حكمه بشهر ولم يشفع له كل ذلك التمجيد الذي لم يعني شيئاً عند سقوطه بالنهاية.
وانتقد الفنان السوري ما يسمى بالإعلام الرئاسي في معظم دول العالم العربي الذي يقدم الزعيم العربي (شبه إله) من خلال طريقة الصور الملتقطة الموزعة على الصحف وعلى الشعوب حيث يظهر الرئيس فيها بوضعية الصنم فلا يتحرك ولا يبتسم، مضيفاً ان العديد من الزعماء العرب ليسوا كذلك ويرفضون هذا النمط من الصور المستخدم من قبل مسؤولي الاعلام لديهم، وقد حظى عبد ربه بدخوله في الكثير من المرات على الزعماء العرب وهم في حالات الإسترخاء، فقام بتصويرهم بتلقائية دون لباسهم الرسمي،ولاحظ اكثر من مرة إن موضوع ظهورهم كأناس عاديين في الصور أمراً يهمهم أيضاً وهم يحرصون عليه،فألتقط بعدسته بعض صور حياتهم اليومية كصورة الرئيس بشار الأسد مع زوجته وهو يحمل طفله،أو صورة للملك عبدالله وهو يطبخ قبل توليه عرش الأردن بأيام،مؤكداً بإن هناك الكثير من الصور الأكثر تلقائية من التي تواجدت في المعرض ولم يضعها بحكم أن معرضه ليس معرضاً خاصاً بالرؤساء،مشيراً بإنه من المهم أن نقدر بإن رئيس الدولة له مهمة ومهنة في الحياة ولكنه ليس شخصاً فوق العادة. وإن بعض المصورين عتبوا عليه عندما أقدم على تصوير الدكتور بشار الأسد وهو يقود سيارته تجنباً من المشاكل الأمنية،معتبراً بأن عدد من الزملاء يرسمون خطوط حمراء هي وهمية في الاساس ويمارسون الرقابة على ذواتهم دون أن تكون في محلها في الكثير من الأحيان
وأضاف عبد ربه بإن الكثير من وسائل الأعلام نشرت صوره للزعماء والرؤساء العرب دون أن تسبب له أية مشاكل وكذلك للمطبوعات

وفي سياق آخر تحدث الفنان الضوئي السوري عمار عبد ربه عن إختياره لعدد من الصور المتعلقة بالأديان ووضعها بشكل متسق مع بعضها البعض قائلاً quot;أنا أؤمن بأن الدين موضوع خاص بالإنسان وتعدد الأديان عامل مهم في حياة المجتمعات خاصة في ظل احترام بعضها البعض،وعندما تشكل علاقة الانسان بربه وتعطى قيمة أكبر تؤدي إلى مشاكل،وأنا كدمشقي أعشق فسيفسائها لذا صورت يهود دمشق اللذين كانوا حتى فترة التسعينات تعتبر جالية كبيرة وهامة ومن أقدم سكان دمشق فحزنت لرحيلهم لإن جزءاً هاماً فقد من المدينة،وعندما تفقد جالية عريقة كاليهود بتصوري تصبح المدن كالإنسان عندما تبتر من جسمه شيئاً مهماً،وهناك بعض دول الجوار يفقدون من مجتمعاتهم بعض البشر مثل هجرة المسيحيين وربما نرى بعد خمسين عاماً أو أكثر مجتمعات بلا مسيحيين وبلا يهود، ولن تبقى في مدننا أحياء مهجورة و كنائس خالية وهذا النوع من التطهير العرقي يزعجني جداً،لذا أحاول أن أذكر بالتاريخ الماضي من خلال الصورةquot;
وكشف الفنان السوري عن حبه لصورة البابا (يوحنا بولص الثاني) كون القبعات الموجودة أمامه تعكس إنسجام الأديان والطوائف المختلفة الموجودة في سوريا حيث هناك قبعات الكاثوليكي والأرثاذوكسي والقبطي وأيضاً تتواجد فيها عمامة الشيعي والسني من دون رؤية وجوههم،مؤكداً حبه لتشكيل الصورة التي تتكلم عن واقع سوري دمشقي.

وإختتم الفنان السوري حديثه بالتحية لـquot;إيلافquot; وعدد من المواقع الانترنت العربية التي تولي إهتماما بالصورة وثقافة الصورة فتعدل تقاليد معظم المجلات والجرائد التي تعاني من سوء إحترام للصورة كمادة صحفية وتكون لتعبئة فراغ معين فقط.