ينظر زبائن سوق الأعمال الفنيّة العظيمة بأعين جاحظة إلى نبأ يُشيع أن إحدى أشهر لوحات الفنان بول سيزان انتهت إلى ملكية العائلة الحاكمة في قطر. ووفقًا لمجلة أميركية، فقد حدث هذا بفضل مبلغ غير مسبوق لأي عمل فني يمكن للمال شراؤه، وهو 300 مليون دولار.


لوحة laquo;لاعبا الورقraquo; التي يقال إنها آلت إلى آل ثِاني

صلاح أحمد: يعتبر الفرنسي بول سيزان (1839 - 1906) الجسر بين تياري الانطباعية في القرن التاسع عشر، وأهم رموز الحداثة التشكيلية في مطالع القرن العشرين مثل التكعيبية.

فلا غرو أن يقرّ عملاقان مسؤولان عن نقلة عظيمة في هذا المضمار، مثل بابلو بيكاسو وأونري ماتيس، بأن سيزان هو أبو الفن التشكيلي المعاصر.

وبين أهم إنجازات سيزان في المرحلة الأخيرة من عمره (تسعينيات القرن 19) مجموعة من خمس لوحات زيتية بعنوان Les joueurs de cartes laquo;لاعبو الورقraquo; التي صارتمن أشهر الأعمال في تاريخ الفن. وهي لوحات مهّد لها الفنان بعدد كبير من الرسوم الأولية (اسكتشات) وتضم اثنين أو أكثر من لاعبي الورق في مسقط رأسه إيكس أون في روفانس في جنوب فرنسا.

واليوم يعتبر النقاد هذه المجموعة الأغلى على الإطلاق وسط الأعمال الفنية، التي يمكن أن يشتريها المال. ووفقًا للصحافة الغربية، فقد سرت في الأوساط الفنية موجات من الصدمة عندما تردد أن العائلة الحاكمة القطرية اشترت إحدى هذه اللوحات بمبلغ كسر سائر الأرقام القياسية بشوط طويل، وهو 250 مليون دولار على أقل التقديرات و300 مليون على الأرجح.

وقالت مجلة laquo;فانيتي فيرraquo; على وجه الخصوص إن هذا النبأ يعني laquo;تغيّرًا هائلاً في تركيبة السوق العالمية للأعمال الفنية العظيمةraquo;.

ووفقًا للنسخة الأميركية من المجلة فقد تمكنت الأسرة القطرية من التغلب على اثنين من أكبر تجار الأعمال الفنية الأميركيين، اللذين ظلا يلهثان لوقت طويل من أجل شراء هذه اللوحة من مالكها الراحل الآن ملياردير الشحن البحري اليوناني جورج إيمبريكوس.

كان هذا الرجل يعلم أن بين يديه ثروة فنية فريدة، ولذا فقد كان يمتنع عن إعارتها إلى المتاحف إلا في حالات نادرة، وبأقسى الشروط الممكنة. فقد كان يعلم أن اللوحة من بين القلة القليلة التي تظل مملوكة لأفراد، ولذا رفض بيعها حتى عندما عرض عليه مبلغ 220 مليون دولار لقاءها قبيل مماته في العام الماضي.

فور وفاته تحركت عائلة آل ثاني لاقتناء اللوحة، فدفعت لورثته مبلغًا لا يقلّ عن 250 مليون دولار، ويُشاع بشدة أنه 300 مليون في الواقع. ونقلت صحيفة laquo;تايمزraquo; البريطانية عن نيكولاي إيلييني، المستشار لدى مجموعة laquo;غوغنهايمraquo;، قوله إن العائلة المالكة القطرية laquo;دخلت سوق الأعمال، وعلى الفور رفعت سقفها إلى سماوات عليا. نعلم أن قطر تبني متحفًا عظيمًا للفن الإسلامي، وآخر للفنون المعاصرة. لكن حقيقة أنها تشتري أعمالاً فنية على هذا المستوى وهذا النطاق تشير بوضوح إلى أنها تجاوزت حتى أبوظبي ذات الباع المعروف في هذا المجالraquo;.

بول سيزان بريشته

ووصف هذا المستشار الصفقة القطرية بأنها laquo;مفاجأة صاعقةraquo;. وأضاف قوله quot;إن ما يضفي ظلالاً درامية كثيفة على الأمر هو شحّ الأعمال الفنية العظيمة المطروحة للبيع والشراء في السوق، ونوع المنافسة الساخنة، التي يفرزها هذا الحال، وسط الأفراد والمؤسسات على حد سواءraquo;.

يذكر أنه من بين بقية اللوحات الأربع الأخرى في مجموعة سيزان laquo;لاعبو الورقraquo;، فإن واحدة تُعرض في متحف laquo;ميتروبوليتانraquo; في نيويورك، وأخرى في متحف laquo;أورسيraquo; في باريس. أما الأخريان فتعرضان في laquo;معهد كورتولد الفنيraquo;، لندن، وlaquo;مؤسسة بارنزraquo; في فيلادلفيا الأميركية على التوالي.