الدوحة، جنيف:توصلت الدول الغنية والفقيرة الى اتفاق تاريخي يوم الاحد لخفض مليارات الدولارات من دعم الصادرات الزراعية وخلق عدد أكبر من الاسواق الصناعية المفتوحة وإحياء محادثات التجارة العالمية المتوقفة مما قد يعزز النمو العالمي. وبعد خمسة ايام من الشد والجذب اتفقت رسميا الدول الاعضاء في منظمة التجارة العالمية والبالغ عددها 147 دولة على اطار عمل يحدد الخطوط العريضة لجولة الدوحة لمحادثات التجارة العالمية التي تواجه صعوبات منذ انهيار مؤتمر وزاري في سبتمبر ايلول الماضي في مدينة كانكون المكسيكية.

وقال سوباتشي بانيتشباكدي رئيس منظمة التجارة العالمية خلال جلسة عقدها في ساعة متأخرة من ليل السبت المفاوضون التجاريون في مقر منظمة التجارة العالمية بجنيف "هذه لحظة تاريخية للمنظمة." وصرح مسؤولون بأن الاتفاق الذي تم التوصل اليه بصعوبة بشأن سلسلة من القضايا التجارية المثيرة للجدل ابتداء من الاصلاح الزراعي الى اطلاق مفاوضات بشأن ميثاق جمركي جديد يعيد من جديد جولة الدوحة بشكل حازم الى مسارها. ورحبت الدول الغنية بالاتفاق الذي يلزمها بخطة لخفض الدعم الكبير الذي تغدقه على المزارعين وتحسين حرية وصول الدول النامية الى الاسواق العالمية. وقد يؤدي انتهاء هذه الجولة بنجاح الى ضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد العالمي.

لامي: اتفاق جيد لفرنسا
وفي مؤتمر صحافي بعد قليل من ابرام اتفاق بين الدول ال 147 الاعضاء في منظمة التجارة العالمية لاعادة اطلاق المفاوضات حول تحرير التبادلات التجارية العالمية قال لامي "انه اتفاق جيد لفرنسا وكذلك للدول ال 24 الآخرين" في الاتحاد الاوروبي. وبعد ان رفضت في بداية الامر مشروع اتفاق لمنظمة التجارة العالمية، وافقت اخيرا باريس على التوافق الذي تم التوصل اليه ليل السبت الاحد. وقال وزير التجارة الفرنسي فرانسوا لوس"ان التوافق الذي وجدته منظمة التجارة العالمية مرض ومتوازن ويشكل خطوة مهمة في دورة المفاوضات التي بدأت في الدوحة (قطر) عام 2001".

وفي 21 تموز/يوليو، كان الرئيس الفرنسي وصف الاقتراح الاول لمنظمة التجارة العالمية حول الزراعة "بانه " غير مقبول" معتبرا انه كان يدعم المساعدات الاميركية للزراعة في الولايات المتحدة. وقال لامي "في النهاية، ان ما اقنع الفرنسيين هو ان الاتفاق جيد بالنسبة لهم ثم ادركوا ان مفاوضات كهذه تستحق بعض التنازلات هنا وهناك كي لا يعانوا من عبء جميع دول الاتحاد".

وقال روبرت زوليك الممثل التجاري الاميركي ان الاتفاقية"خطوة حاسمة للتجارة العالمية."

ويقول البنك الدولي ان هذه الجولة يمكن ان تنتشل اكثر من نصف مليار انسان من الفقر من خلال زيادة التجارة وتعزيز النمو من خلال ضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد العالمي. وقال فرانز فيشلر المفوض الزراعي الاوروبي الذي تعرض لانتقادات شديدة من فرنسا اكبر المستفيدين من الدعم الزراعي في الاتحاد الاوروبي بسبب تقديمه تنازلات اكثر مما ينبغي ان الاتحاد الاوروبي قد "يقبل بوجه عام" الاتفاق الزراعي. وقال مندوب من موريشيوس التي قامت بدور بارز في محادثات منظمة التجارة العالمية باسم الدول الافريقية ان ما يسمي بمجموعة التسعين للدول النامية قد تقبل ايضا نص الاتفاق رغم انه لم عدم حصولها على كل ما كانت تريده.

فيشلر: "توافق جيد للمزارعين الاوروبيين"
وفي مؤتمر صحافي بعد قليل من ابرام الاتفاق قال فيشلر "انه توافق جيد لمزارعينا، فهو يوفر لهم الامن للمستقبل وآفاقا واضحة ومستقرة". واقر المفوض ان المزارعين ومنظماتهم النقابية كانوا يشعرون بالخوف من اجتماع منظمة التجارة العالمية في جنيف وانه "كان لا بد من تقديم تنازلات" ولكنه اعرب عن ارتياحه من ان الاتفاق "لم يتخط اصلاح" السياسة الزراعية المشتركة التي تم الاتفاق عليها العام الماضي.

وقال وزير التجارة الهندي كمال نات "أقرت البلدان المتقدمة بأن التجارة في المنتجات الزراعية مع وجود عامل الدعم الضخم لا تعد تجارة حرة". كما تحدثت مجموعة محدودة من البلدان الأفريقية عن انفراج كبير فيما يتعلق بمنتجهم الزراعي الرئيسي، القطن.

وبعد ساعات من المحادثات اتفقت البلدان الرئيسية في منظمة التجارة العالمية، ومن بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبرازيل واليابان على إلغاء الدعم المقدم للصادرات خلال موعد يجري تحديده، وعلى الحد من أوجه الدعم الأخرى وخفض التعريفات الجمركية. ومقابل ذلك، تصر البلدان الأغني، ومن بينها البلدان الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، على الوصول بشكل أفضل إلى أسواق البلدان النامية.

ويقول المحللون إنه من الضروري أن يتم اعتماد أي اتفاق جديد قبل عام 2007، وهو الموعد الذي ينقضي فيه أجل ما يسمى بقانون التعجيل بإقرار المعاهدات التجارية في الولايات المتحدة. فبدون هذا القانون، الذي يحد من سلطة الكونجرس على تعديل المعاهدات التجارية التي توافق عليها واشنطن، ستكون فرص تبني الولايات المتحدة لمعاهدة جديدة بعيدة المنال. ويقول الخبراء إنه في غياب اتفاق جديد سيتفكك النظام التجاري العالمي إلى معاهدات إقليمية وثنائية، بحيث تبقى البلدان الأفقر خارج اللعبة.