حيدر بن عبدالرضا من مسقط: تتوقع منظمة العمل العربية أن يصل عدد الباحثين عن العمل في الوطن العربي إلى 32 مليون شخص في عام 2010 مقابل 12 مليون في الوقت الحالي، في الوقت الذي سيرتفع فيه عدد السكان النشطين اقتصاديا في المنطقة العربية من 98 مليون شخص حاليا إلى 123 مليون عام 2010، ويمثل ذلك في رأي المسؤولين في المنظمة خطرا كبيرا على النظام الاقتصادي والاجتماعي العربي.

وفي هذا الصدد يطالب د.إبراهيم قويدر المدير العام لمنظمة العمل العربية بإعداد استراتيجية عربية لمواجهة أعداد الباحثين عن العمل، وإيجاد فرص عمل مناسبة لهم، وقيام سوق عمل إقليمية عربية مع تكثيف جهود التدريب والتنمية البشرية، حيث تعاني سوق العمل العربية الحالية من تشوه حاد في مستويات المهارة المتوفرة لدى العمال.

كما يرى المسؤول بأن هذه القضية برزت نتيجة لتخلف نظم التعليم، مطالبا بعدم اللجوء لنظم غير تقليدية، وتخريج عمال يتناسبون مع سوق العمل الذي يتأثر بشدة بالعولمة مع تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات، وإخضاع مصالح المواطنين لمصلحة التنافس العالمي، وتقليل فرص نجاح السياسات الوطنية في مجال العمل لمواجهة مشكلة البحث عن العمل لأن ذلك يصبح منوطا بضبط حركة الاقتصاد العالمي، وهو ما يتطلب مواجهتها على مستوى قصير الأجل ومستوى طويل الأجل من خلال استراتيجية عربية موحدة.

ويستلزم هذا الأمر ضرورة الارتفاع بمعدل الاستثمار القومي بما لا يقل عن 22% لمواجهة عدد الباحثين عن العمل، وتشغيل العمال الجدد الذين يدخلون سنويا لسوق العمل، وجذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية لتحقيق التنمية في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي، ومن خلال استعادة الأموال العربية المستثمرة بالخارج وإعادة توطينها للاستثمار بالوطن العربي مما يوفر فرص عمل وتنمية كبيرة.

ويوضح المسؤول بأن الدول العربية ليست ضد إقامة منطقة تجارة أميركية شرق أوسطية إذا كانت ستخدم الاقتصاد العربي من خلال إتاحة الفرصة لعمل اقتصادي متعادل، وليس بهدف تحويل الاقتصاد العربي إلى مجرد تابع للاقتصاد الأميركي، وتحويل المنطقة العربية والشرق الأوسط لسوق استهلاكي للمنتجات الأميركية، ولكن المطلوب هو إيجاد عمل اقتصادي حقيقي يعمل على فتح الباب الكبير للاستثمارات الأجنبية، بالتالي توفير فرص عمل حقيقية، بحيث لا يكون الهدف من وراء ذلك الالتفاف على الفكرة القديمة للشرق أوسطية وإدماج إسرائيل في المنطقة وإدخالها ضمن منظومة اقتصادية مع دول المنطقة، وإنما من أجل إيجاد شراكة حقيقية مع الدول العربية.

ويؤكد المسؤول العربي أنه في ظل سياسة المنع والحصار المستمر بالأراضي الفسطينيةمن قبل إسرائيل، ومنع العمال الفلسطينيين والتعسف ضدهم أدى إلى زيادة مشكلة الفقر والبطالة إلى أكثر من 70%، ووصل عدد الفلسطينيين تحت خط الفقر حسب إحصائيات الأمم المتحدة إلى أكثر من 2 مليون فلسطيني، مشيرا أن هذا الأمر أثير مؤخرا في اجتماعات مؤتمر العمل الدولي الأخيرة بفيينا. وطالبت الدول العربية بموقف دولي لحماية العمال الفلسطينيين وأصحاب العمل، خاصة وأن 60% من الشركات العاملة في الأراضي الفلسطينية قد تم إغلاقها، مما أدى لخسائر كبرى لأصحاب الأعمال، كما تم هدم المؤسسات والهيئات الاقتصادية ومنع العمال من الوصول لعملهم، وهو ما يتطلب تدخلا دوليا. وأشار بأن منظمة العمل العربية تتصل بهئيات ونقابة العمال الفلسطينيين، ودائمًا ما تثار قضية العمال الفلسطينيين في كل الاجتماعات واللقاءات الدولية، إلا أن هناك تعنت إسرائيلي واضح تجاههم، ويؤدي ذلك إلى مزيد من التدهور وسؤ أحوالهم، وما ينتج عن ذلك من الزيادة المستمرة لأعداد البطالة وخسائر أصحاب الأعمال، وهو ما يتطلب تدخلا من منظمة العمل الدولية بهذا الخصوص.

ومن الآراء المطروحة لمواجهة قضية البطالة آثار وتحديات العولمة في الوطن العربي ضرورة إنشاء سوق عمل إقليمية عربية، حيث أن للعولمة تأثيرا بالغا على قضايا العمل في المنطقة العربية، خاصة مع قرب تطبيق الجات على الدول العربية في عام 2005 بعد نهاية فترة السماح، الأمر الذي سينتج عنها زيادة نسبة وأعداد الباحثين عن العمل في الوطن العربي.

ومن أبرز التحديات الأخرى التي تواجه العمال العرب يرى د. قويدر أن هناك تحديات ومعوقات كثيرة تتطلب وجود استراتيجية عربية لتبني نماذج التنمية، حيث يواجه المجتمع العربي تحديات عديدة منها عدم الاهتمام بالتنمية البشرية، وهو ما يستوجب تعزيز فرص التشغيل للمتنقلين بين البلدان العربية، والحفاظ على فرص التشغيل للمهاجرين العرب. كما يشير المسؤول إلى تحدي خطير في البلدان العربية يتمثل في عمل الأطفال، حيث تعتبر ذلك واحدة من أهم المشكلات المعقدة والمتشابكة. أما التحدي الآخر الهام فهو عملية هجرة العقول العربية والكفاءات العلمية والفنية من العرب إلى الدول الرأسمالية، مؤكدا أنها ظاهرة خطيرة تساعد على استمرار تأخر العالم العربي في تطوير نفسه عمليًا وعلميًا وتكنولوجيًا. كما يرى المسؤول أن سوء إدارة القوى العاملة في العديد من البلدان العربية وسوء الاستثمار، وإدارة العمل يتطلب إيجاد استراتيجية عربية لإقامة سوق عمل موحدة يتم عن طريقها تنمية بشرية ذات مهارات عالية توفر فرصا ثابتة ومتنامية للقضاء على عدم توفر فرص العمل واستيعاب قوة العمل العربية مع تحرير انتقال العمال بين كافة الدول العربية.

ويحذر د. قويدر من وجود مخطط لتقسيم العالم العربي إلى دول شرق أوسطية في آسيا ودول في شمال أفريقيا، مشيرا أن هذا المسمى أصبح البديل في الدول العربية في كافة تقارير المنظمات الدولية ألا وهو "دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" حيث لم يعد وجود لمصطلح البلدان العربية، مما يؤكد وجود سياسة امريكية غربية لطمس الهوية العربية وتحويل المنطقة لتجمع إقليمي• ولقد أصبح هذا الأمر متداولا في كافة تقارير منظمات الأمم المتحدة وفي تقرير منظمة العمل الدولية. وقد وطالبت منظمة العمل العربية بتغييره بشكل رسمي من "دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" إلى الدول العربية، كما أن المصطلح موجود أيضًا بتقارير اليونسكو، لذا طرحنا الأمر على كافة الدول العربية في اجتماع المنظمات العربية بجامعة الدول العربية لمواجهة هذا التغيير وتقدمنا باحتجاج رسمي لمكتب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، حيث وقفت المجموعة العربية بشدة في المنطقة الدولية ضد هذا المصطلح وهذه التسمية.

ويؤكد د. قويدر في الوقت نفسه حرص الدول العربية وخاصة الخليجية منها على إبقاء العمال العرب بأراضيها، مشيرا إلى أن هناك تجاوب خليجي كبير بهذا الشأن، وقد برز ذلك في اجتماع وزراء العمل العرب الذي تم عقده مع بداية عام 2004 بحيث تم الاتفاق على إنشاء خطة مستقبلية تعطي فيها الأولوية للعمال الوطنيين ثم العمال العرب، وذلك بهدف حل مشكلة عدم توافر فرص العمل، مؤكدا أن الهدف من ذلك هو تفضيل العمال العرب على الآسيويين والأجانب.