حسام عبد القادر من القاهرة: تواجه نقابة التجاريين على مستوى مصر أزمة طاحنة حاليا بسبب قلة الموارد والتى تهدد بتوقف النقابة عن سداد المعاشات لأعضائها رغم صغر هذا المعاش، فالنقابة التي تضم في عضويتها 780 ألف عضو منهم 60 ألف عضو من أصحاب المعاشات, وتحتاج النقابة لما يزيد علي 50 مليون جنيه سنويًا لسداد هذه المعاشات في ظل الاعتماد علي مورد واحد فقط هو اشتراكات الأعضاء. وهو ما أكده الدكتور شريف قاسم أمين عام نقابة التجاريين بالقاهرة وعضو النقابة العامة حيث أوضح أن أزمة التمويل ناتجة عن قيام النقابات المهنية بصرف معاشات شهرية لأعضائها الذين بلغوا سن المعاش, ولأسر الأعضاء بعد وفاتهم مما يجعل ذلك التزامًا من النقابة بالسداد لمدي زمني طويل سواء علي حياة العضو أو بعد وفاته.
وأضاف أن بعض النقابات المهنية خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي نجحت في تغيير القوانين الحاكمة لمواردها عن طريق بعض أقطابها في المواقع التنفيذية والتشريعية وذلك بفرض رسوم علي المواطنين نظير استفادتهم من خدمات النقابة, كما حدث مع المهندسين الذين يحصلون علي رسوم علي الحديد والأسمنت, والمحامين علي جميع القضايا المرفوعة أمام المحاكم, وكذلك الشرطة التي تحصل رسومًا علي كل مستند يتم استخراجه من مصلحة الأحوال المدنية, وتذهب هذه الموارد إلي صناديق المعاشات بهذه النقابات.. وبذلك فهي لا تعتمد علي مواردها الذاتية كالاشتراكات في سداد هذه المعاشات. وعندما يتم حرمان إحدى النقابات من القدرة علي فرض مثل هذه الرسوم فإنها تقع في مأزق شديد لأمرين: أولهما عدم قدرتها علي تقديم معاش بقيمة كبيرة, وثانيهما: عدم القدرة علي الاستمرار في السداد حتى وإن كانت قيمة المعاش ضئيلة, لأن المشكلة تزداد تعقيدًا عامًا بعد عام بانضمام عدد كبير من الأعضاء إلي أصحاب المعاشات. وقد وقع الظلم علي نقابة التجاريين بسبب عدم استغلال أعضائها لمناصبهم في الحصول علي أي ميزة لنقابتهم عن غيرها من النقابات ثم تظهر المشكلات عند بلوغ سن المعاش، فالمورد الأساسي لنقابة التجاريين هو اشتراكات الأعضاء البالغ عددهم 780 ألف عضو ونصفهم غير منتظم في السداد, وقامت النقابة برفع قيمة الاشتراكات لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها ولكن دون جدوى, ولا يمكن مضاعفة الاشتراكات حتي لا يتم الضغط أكثر علي الأعضاء وأسرهم. ويضيف أنه برغم ضآلة قيمة المعاش التي تصل إلي 70 جنيها فقط إلا أن صندوق المعاشات يعاني عجزًا سنويًا قدره 13 مليون جنيه حيث يصل عدد أصحاب المعاشات من التجاريين إلي 60 ألف عضو مما اضطر النقابة إلي سحب جميع المدخرات حتي نفدت, ويتم الآن السحب علي المكشوف من البنوك لسداد المعاشات للأعضاء وأسرهم.
وحل المشكلة دستوريا لن يكون إلا علي حساب الأعضاء لأن المحكمة الدستورية قررت مبدأ أن الرسم مقابل خدمة. وعندما طلبنا فرض رسوم علي الأعضاء أنفسهم عند تقديم خدمات للغير مثل توقيع المحاسب القانوني علي الميزانيات والحسابات الختامية سنويًا, تم رفض الطلب من لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب بدعوى أنها ستكون ضريبة مستترة لأن المحاسب سيقوم بتحميلها علي العملاء وهذا الاقتراح موجود بالمادة 28 من قانون مهنة المحاسبة والمراجعة المعروض علي مجلس الشعب حاليا, وقد قدمت نقابة التجاريين اقتراحًا آخر كان كفيلا بإنهاء أزمتها المالية وبتكلفة بسيطة جدًا هي عشرة قروش علي كل شيك يتم صرفه من البنوك كرسم لصالح صندوق المعاشات بنقابة التجاريين التي يقوم أعضاؤها بجميع الإجراءات الخاصة بالشيكات سواء في المصالح الحكومية أو الشركات والبنوك, خاصة أن الدمغة الحالية علي الشيك 40 قرشًا ولن يضار أحد من زيادتها إلي 50 قرشًا من أجل القضاء علي مشكلة تؤرق مئات الألوف من التجاريين, ولكن تم رفضه هو الآخر.
وتسببت أزمة قلة الموارد حالياً فى التأثير السلبى علي جميع الأنشطة بالنقابة لأن المال هو عصب كل شيء ولكن مجلس النقابة يحاول أن يسدد ويقارب من أجل إرضاء الأعضاء وتقديم أقصي ما يمكن من الخدمات في ظل هذه الأزمة الطاحنة التي وصلت إلي حد أن النقابة العامة خفضت النسبة التي تحصل عليها النقابات الفرعية من اشتراكات أعضائها وهي 20% من قيمة الاشتراكات ويذهب 75% إلي صندوق المعاشات و5% إلي النقابة العامة, وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلي حرمان النقابات الفرعية من هذه النسبة نهائيًا.
ويقترح أمين عام نقابة التجاريين بالقاهرة إنشاء صندوق شامل لمعاشات المهنيين أو اتحاد لصناديق المعاشات تتجمع فيه موارد صناديق المعاشات بالنقابات المهنية جميعًا وتكون له إدارة مستقلة تتولى صرف المعاشات لأصحاب كل مهنة بالقيمة المقررة لكل منهم حاليًا ودون أي تغيير وذلك لحل الأزمة التي تعانيها العديد من النقابات وتفادي عدم الدستورية, وبذلك تتفرغ النقابات لتطوير المهنة والارتقاء بها ورفع مستوي أعضائها. وطالب بدراسة هذا الاقتراح من جميع المهتمين بهذا الموضوع, مؤكدًا أن التجاريين يحتاجون لنظرة رحمة من المجتمع في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة